السابعة الاخبارية
لطيفة، في لفتة إنسانية وفنية لاقت إعجاب جمهورها وجمهور القيصر، نشرت الفنانة التونسية لطيفة عبر حسابها الرسمي على “إنستغرام” مقطع فيديو نادراً يجمعها بالفنان كاظم الساهر في بدايات مشوارهما الفني، وأرفقته برسالة دافئة كتبت فيها:
“كل سنة وأنت طيب ومالي حياتنا بفنك الراقي يا محترم يا طيب يا عشرة العمر وشريك النجاحات.. ربنا يديك الصحة ويحفظ لك عيلتك ويحفظك لكل جمهورك وأنا من أول جمهورك.”
هذا الفيديو لم يكن مجرد تهنئة بعيد ميلاد، بل استحضار لذكريات طويلة من الصداقة والعمل المشترك، ورسالة تقدير لأحد أبرز رموز الغناء العربي.
لطيفة تفاجئ القيصر واحتفاء عربي واسع
وُلد كاظم الساهر في مدينة الموصل العراقية في 12 سبتمبر 1957، ليحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ68 وسط احتفاء واسع من جمهوره في مختلف الدول العربية. مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بالتهاني، حيث نشر آلاف المعجبين مقاطع من أغانيه الخالدة وصوره النادرة. وعلى الرغم من مرور العقود، يظل القيصر علامة بارزة في ذاكرة الموسيقى العربية، ورمزاً للرومانسية والأصالة الفنية.
نشأة متواضعة وحلم موسيقي كبير
نشأ كاظم الساهر في أسرة بسيطة مكونة من عشرة أبناء. عانى طفولته من ظروف مادية صعبة، لكنه حمل منذ صغره شغفاً لا ينطفئ بالموسيقى. اقتنى أول قيثارة له بعد أن ادخر ثمنها من عمله كبائع متجول، وبدأ يعلّم نفسه العزف واللحن. لم يكتفِ بذلك، بل التحق بـ”معهد الدراسات الموسيقية” في بغداد، حيث تلقى تدريباً أكاديمياً ساعده في صقل موهبته وتطوير أسلوبه الفريد. هذه المرحلة شكلت نقطة التحول التي أعدته ليكون أحد أعظم الفنانين في تاريخ الغناء العربي.
بداية المشوار الفني وصعوبات البدايات
كانت بدايات كاظم الساهر في ثمانينيات القرن الماضي مليئة بالتحديات. تنقل بين المحافظات العراقية محاولاً تقديم أعماله، لكن المنتجين كانوا مترددين في دعم فنان شاب بأسلوب موسيقي مختلف. لم يستسلم الساهر، فاستمر في كتابة الألحان والبحث عن نصوص شعرية تلامس قلوب الناس.
نقطة التحول جاءت عندما قدم له الشاعر أسعد الغريري نصين شعريين مجاناً، وهو ما فتح الباب أمامه لإثبات موهبته كمطرب وملحن. هذه الخطوة الصغيرة ساعدته على دخول الساحة الفنية بقوة، لتبدأ سلسلة النجاحات التي ستخلّد اسمه.
انطلاقة النجومية في التسعينيات
مع بداية التسعينيات، بدأت شهرة كاظم الساهر تتوسع بشكل غير مسبوق. أغنياته مثل “زيديني عشقاً”، و”أحبك جداً”، و”مدرسة الحب”، و”أنا وليلى” لم تكن مجرد أعمال ناجحة تجارياً، بل تحولت إلى أيقونات موسيقية في العالم العربي. هذه الأغاني حملت بصمته الخاصة في التلحين والأداء، وفتحت له أبواب الشهرة العالمية.
الشاعر الكبير نزار قباني منحه لقب “قيصر الغناء العربي”، بعدما رأى في صوته وألحانه امتداداً حياً لشعره. هذا اللقب أصبح علامة مسجلة باسم الساهر، يرافقه في كل حفل ومقابلة، ويختصر تقدير النقاد والجمهور لموهبته الفذة.
تعاونات لا تُنسى وبصمة متفرّدة
لم يكن كاظم الساهر مجرد مطرب يؤدي ألحان غيره، بل كان صاحب مشروع فني متكامل. كتب ألحان معظم أعماله بنفسه، وقدم مزيجاً من العاطفة والرقي والعمق الشعري. تعاون مع كبار الشعراء مثل نزار قباني، كريم العراقي، وأسعد الغريري، ليخلق حالة فنية فريدة تجمع بين الكلمات البليغة واللحن الساحر.
كان يحرص دائماً على التجديد دون التخلي عن هويته العربية، فدمج المقامات الشرقية بالألحان الحديثة بأسلوب متوازن، ما جعله قريباً من الأجيال المختلفة دون فقدان الأصالة. هذه القدرة على التوازن بين الحداثة والجذور هي ما جعلته مدرسة قائمة بذاتها في عالم الغناء.
تأثير كاظم الساهر على الأجيال
لم يقتصر تأثير كاظم الساهر على جمهور جيله فقط، بل امتد ليشمل أجيالاً متعاقبة. العديد من الفنانين الشباب يعتبرونه قدوة ومصدر إلهام، سواء في التلحين أو الأداء أو اختيار النصوص الشعرية. حفلاته حول العالم كانت دائماً فرصة تجمع العرب في المهجر والجمهور المحلي حول صوت واحد يوحدهم بالعاطفة والحنين.
حتى اليوم، تُدرّس بعض أعماله في كليات الموسيقى كنماذج للأغنية العربية الحديثة المتقنة، ويُستشهد بتجاربه في ورش العمل الفنية.
علاقة ود واحترام متبادل مع لطيفة
العلاقة بين لطيفة وكاظم الساهر تعود إلى سنوات طويلة من الصداقة والعمل المشترك. جمعتهما حفلات وبرامج تلفزيونية ومناسبات فنية، ودوماً ما أظهرا تقديراً متبادلاً أمام الجمهور. رسالتها الأخيرة ليست سوى امتداد لهذه العلاقة، ورسالة حب وامتنان لفنان تعتبره شريك نجاحات ورفيق درب.
الجمهور تفاعل بقوة مع الفيديو الذي نشرته لطيفة، معتبرين أن هذه الروابط الإنسانية بين الفنانين تضفي على الوسط الفني بريقاً خاصاً، وتعيد التركيز على القيم الرفيعة في زمن يغلب فيه التنافس الشديد.
القيصر بين الماضي والحاضر
اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على انطلاقته، يظل كاظم الساهر يحتفظ بمكانته كأحد أهم أعمدة الغناء العربي. حفلاته لا تزال تحقق إقبالاً جماهيرياً هائلاً، وأغانيه القديمة والجديدة تواصل تصدر قوائم الاستماع على المنصات الرقمية.
رغم التغيرات الكبيرة في صناعة الموسيقى، ظل الساهر وفياً لنهجه القائم على الجودة الفنية واحترام الجمهور، وهو ما جعله يحافظ على قاعدة جماهيرية واسعة تمتد من المحيط إلى الخليج.
إرث ممتد عبر الأجيال
إرث كاظم الساهر لا يقتصر على الألحان الجميلة أو الصوت العذب، بل يمتد إلى ثقافة موسيقية وشعرية أثرت وجدان المستمع العربي. أغنياته الرومانسية شكلت خلفية لملايين القصص العاطفية، وألحانه الوطنية رافقت لحظات تاريخية مهمة في العالم العربي.
يصفه النقاد بأنه “آخر الكبار” الذين حافظوا على مستوى راقٍ في صناعة الأغنية العربية، وبأنه جسّد نموذج الفنان المثقف الذي يعرف قيمة الكلمة واللحن. هذه الصفات جعلت اسمه محفوراً في ذاكرة كل محب للموسيقى الأصيلة.
احتفالات الجمهور ورسائل النجوم
لم يقتصر الاحتفاء بعيد ميلاد القيصر على لطيفة فقط، بل شارك العديد من الفنانين والمشاهير في تهنئته عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من مصر ولبنان والعراق والمغرب، انهالت التهاني والصور والذكريات التي تؤكد حجم تأثيره في الوسط الفني. كما بادر جمهوره بإطلاق وسوم خاصة مثل #عيد_ميلاد_القيصر و#كاظم_الساهر_68، التي تصدرت قوائم الأكثر تداولاً في بعض الدول.
المستقبل الفني للقيصر
برغم بلوغه الثامنة والستين، يؤكد كاظم الساهر في لقاءاته الأخيرة أنه لا ينوي التوقف عن العطاء. يعمل حالياً على ألبوم جديد يتعاون فيه مع شعراء وملحنين شباب إلى جانب تجديد التعاون مع بعض الأسماء التي شكلت جزءاً من مسيرته. كما يخطط لجولات فنية جديدة تشمل عدة عواصم عربية وأوروبية، ليواصل حضوره القوي على الساحة الفنية.
خلاصة
احتفال لطيفة بعيد ميلاد كاظم الساهر بهذا الشكل العفوي والحميم يعكس عمق الروابط التي تجمع الفنانين الحقيقيين، ويعيد التذكير بقيمة القيصر كرمز فني وإنساني. كاظم الساهر ليس مجرد مطرب أو ملحن؛ إنه ظاهرة موسيقية تجاوزت حدود المكان والزمان، وخلّدت إرثاً سيبقى حيّاً في قلوب الملايين.
في عيد ميلاده الـ68، يثبت القيصر أن الفن الأصيل لا يشيخ، وأن الموسيقى التي تُولد من الإحساس الصادق قادرة على عبور العقود والأجيال لتبقى خالدة، تماماً كما بقيت أغنياته جزءاً من ذاكرة العشاق وحكاياتهم.