سوريا – السابعة الاخبارية
سلاف فواخرجي، يواصل فيلم “سلمى“ للمخرج جود سعيد، وبطولة النجمة السورية سلاف فواخرجي، تنقله بين العواصم العربية بعد سلسلة من النجاحات اللافتة على مستوى النقد والجمهور. وبعد مشاركاته في مهرجانات عربية ودولية، يصل العمل إلى دولة الكويت حيث يُعرض على شاشات سينما سينسكيب، ليكمل مسيرة عروضه التي حظيت بإشادات واسعة.
في هذا السياق، شاركت بطلة العمل سلاف فواخرجي، عبر خاصية “الستوري” على حسابها الرسمي بمنصة “إنستغرام”، صورة بوستر الفيلم مع تعليق مقتضب: “سلمى.. يعرض في الكويت، على شاشات سينسكيب”. هذه العبارة القصيرة كانت كافية لتثير حماسة جمهورها وتعلن عن محطة جديدة في عرض الفيلم بدولة عربية جديدة.
سلاف فواخرجي في قصة إنسانية مستوحاة من الواقع السوري
فيلم “سلمى” يقدم حكاية إنسانية نابعة من عمق الريف السوري، حيث تدور القصة حول امرأة بسيطة تُدعى “سلمى”، تسعى بكل ما تملك من حب وقوة لمساندة أهالي قريتها ومساعدتهم في تجاوز مصاعب الحياة اليومية. ومن خلال هذه الشخصية، يستعرض الفيلم جوانب من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها شريحة كبيرة من السوريين، خاصة بعد الأزمات المتتالية التي مرت بها البلاد.
أحد أهم المحاور التي يتناولها الفيلم هو تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا في 6 فبراير، والذي شكّل لحظة مأساوية هزّت وجدان المجتمع السوري. يسرد العمل كيف ترك هذا الحدث الكارثي بصمته على الحياة اليومية للناس، وكيف واجهته الشخصيات، وعلى رأسهم “سلمى”، بقوة وعزيمة رغم الألم.
تجربة إنتاجية فريدة وجماعية
ما يميز هذا الفيلم عن غيره من الأعمال السينمائية السورية في السنوات الأخيرة، هو كونه ثمرة تعاون إنتاجي جماعي، شارك فيه عدد كبير من الفنيين والممثلين، الذين عملوا بروح الفريق لتقديم عمل صادق وملامس للواقع.
صُوّر الفيلم في أماكن متعددة داخل سوريا، تحديدًا في طرطوس ودمشق، وهو ما أضفى على المشاهد صدقًا بصريًا وأعطى للعمل طابعًا محليًا قويًا. يشارك في الفيلم، إلى جانب فواخرجي، المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد، في أحد أدواره التمثيلية الأخيرة، والفنان السوري باسم ياخور كضيف شرف، إضافة إلى مجموعة من طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية الذين منحوا الفيلم طاقة شبابية واضحة.
سلمى.. أيقونة نساء سوريا الصامدات
في تصريحات سابقة لها، وصفت سلاف فواخرجي شخصية “سلمى” بأنها تمثل نموذجًا لنساء سوريا الصامدات في وجه الظروف الصعبة. وقالت إن الشخصية تجسد معاناة نساء كثيرات، فقدن أحباءهن، أو عشن في انتظار المجهول، أو حُرمن من الاستقرار، لكنهن استمررن في العطاء كالأرض التي تُنتج الخير رغم العواصف.
هذه الفلسفة الإنسانية وراء الشخصية جعلت من “سلمى” شخصية قريبة من الجمهور، وخاصة النساء السوريات والعربيات اللواتي رأين فيها مرآة لتجاربهن المختلفة مع الفقدان، الألم، الصبر، والإصرار على الحياة.
كما وجهت فواخرجي شكرًا خاصًا للفنان باسم ياخور، مؤكدة أن وجوده في الفيلم أعطى العمل قيمة فنية إضافية، وعبّرت عن تقديرها لجميع المشاركين في هذا المشروع الذي تعتبره من أهم الأعمال في مسيرتها الفنية.
جوائز وتكريمات تؤكد نجاح الفيلم
لم يكن نجاح فيلم “سلمى” مقتصرًا على الشاشات فقط، بل ترجمه أيضًا بحصده للعديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية مرموقة. من أبرز هذه الجوائز، جائزة “التانيت الذهبي” التي حصل عليها الفيلم بتصويت الجمهور في مهرجان أيام قرطاج السينمائية بتونس، وهي من الجوائز الرفيعة التي تعكس تقدير المشاهدين الحقيقي للفن الهادف.
كذلك، نالت سلاف فواخرجي جائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم، وهي جائزة تؤكد مرة أخرى على الأداء الاستثنائي الذي قدّمته، والذي لامس قلوب المشاهدين والنقاد على حد سواء. كما حصل الفيلم على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان الدار البيضاء للسينما المستقلة، ما يعكس تميز النص وعمقه الإنساني والفني.
السينما السورية.. إصرار على الاستمرار رغم التحديات
يأتي فيلم “سلمى” ضمن موجة من الأفلام السورية التي تحاول استعادة وهج السينما في البلاد، رغم كل التحديات التي فرضتها الأوضاع السياسية والاقتصادية خلال السنوات الماضية. ورغم تراجع البنية التحتية للإنتاج السينمائي في بعض الفترات، فإن الإرادة القوية لدى صناع السينما السوريين، والإيمان العميق بدور الفن كأداة للمقاومة الثقافية، لا تزال تدفع إلى إنتاج أفلام نوعية تعكس الواقع وتحاكي الناس.
يعتبر كثير من النقاد أن “سلمى” لا يُعد مجرد فيلم، بل تجربة سينمائية كاملة، حاولت أن تمزج بين الفن والهم الإنساني والاجتماعي، وأن تقدم صورة حقيقية عن واقع المرأة السورية في الريف، بكل ما تحمله من تحديات وأمل.
رحلة “سلمى” مستمرة.. والجمهور العربي يتفاعل
محطة الكويت ليست الأخيرة في مسيرة الفيلم، إذ من المتوقع أن يواصل “سلمى” جولاته في مزيد من الدول العربية خلال الأشهر المقبلة، في ظل الإشادة الواسعة التي حظي بها، وتفاعل الجمهور مع رسالته.
وقد أبدى الجمهور في الدول التي عُرض فيها العمل، تقديرًا كبيرًا للجانب الإنساني في القصة، وكذلك للطابع الواقعي في الإخراج والأداء، إضافة إلى التصوير الذي نقل ببساطة وصدق تفاصيل الحياة اليومية في القرى السورية.
الفن كأداة للشفاء والتواصل
أظهر الفيلم كيف يمكن للفن أن يلعب دورًا مهمًا في معالجة الجراح النفسية والجماعية التي يمر بها مجتمع مثل المجتمع السوري. فالفيلم لم يكتفِ بسرد قصة حزينة أو مأساوية، بل قدّم نموذجًا للتضامن المجتمعي، والتعاطف، والدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه المرأة في بناء المجتمع حتى في أصعب الظروف.
شخصية “سلمى” تحولت إلى رمز في نظر الكثيرين، لأنها جسدت المرأة التي لا تستسلم رغم الانكسارات، وتعيد بناء ما تهدّم، وتمنح الأمل لمن حولها.
كلمة أخيرة
فيلم “سلمى” ليس مجرد عرض سينمائي عابر، بل هو عمل يحمل رسالة إنسانية نبيلة عن قوة النساء، وعن المجتمع السوري الذي لا يزال يحلم بالحياة رغم الألم. ومن خلال محطته الجديدة في الكويت، يواصل الفيلم إيصال صوته إلى جمهور أوسع، في تأكيد جديد على أن السينما لا تزال قادرة على أن تكون لغة عالمية تجمع الناس حول القيم والمشاعر المشتركة.
في زمن تكثر فيه الضغوطات وتتعدد فيه أشكال الانفصال بين البشر، يظل الفن -وخاصة السينما- أحد الجسور النادرة التي تستطيع أن توصل الحكاية إلى الآخر، بكل صدق، وبعيدًا عن الضجيج.