سوريا – السابعة الاخبارية
صفوان مصطفى، اختتم المخرج السوري صفوان مصطفى نعمو مؤخرًا تصوير مسلسله الجديد “القيصر – لا مكان لا زمان” في العاصمة دمشق، بعد أشهر من التحضيرات والتصوير المكثف الذي استقطب عددًا من أبرز نجوم الدراما السورية. العمل، المنتظر عرضه قريبًا، يَعِدُ بتجربة فنية غير تقليدية تخرج عن إطار الدراما المعتادة، وتغوص في أعماق القضايا الإنسانية والاجتماعية الحساسة.
صفوان مصطفى يخرج مشروع درامي بطموحات عالية
منذ الإعلان الأول عن المسلسل، بدا واضحًا أن فريق العمل يطمح لتقديم تجربة درامية تتجاوز السرد التقليدي للأحداث. فالمسلسل، الذي يمتد على 30 حلقة، يعتمد على هيكل ثلاثيّ الحكايات، حيث يتناول في كل جزء حكاية مستقلة ضمن خط درامي جامع، ما يمنح العمل نكهة متجددة وتنوعًا في الطرح والمضامين.
هذا النهج في السرد الدرامي يمثل خرقًا واضحًا لنمطية المسلسلات العربية المعتادة، ويتيح المجال لطرح عدد أكبر من الشخصيات والقضايا دون الوقوع في مطب الإطالة أو الترهل الدرامي.
من الكواليس.. أولى الإطلالات
أطل المخرج صفوان نعمو على الجمهور مؤخرًا من خلال نشره لصور حصرية من كواليس التصوير عبر حسابه الرسمي على “إنستغرام”، ما أثار تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي. وظهر في الصور كل من الفنان سامر إسماعيل والممثلة نانسي خوري، وهما من أبطال إحدى ثلاثيات المسلسل.
وقد عبّر العديد من المتابعين عن حماسهم للعمل، خاصةً مع ما يُشاع حول الطابع الفلسفي والفني المختلف الذي يحمله المسلسل، والذي يُتوقع أن يطرح قضايا إنسانية بجرأة وعمق نادرين في الدراما السورية.
جرأة الطرح وجمالية الإخراج
في لقاءات صحفية سابقة، تحدث صفوان نعمو عن فلسفة العمل ورؤيته الإخراجية، مؤكدًا أنه سعى لتحقيق توازن بين الطرح التوثيقي والبعد الجمالي البصري، من خلال تصوير الواقع الإنساني ببصيرة فنية عالية. وقال: “الهدف ليس فقط إنتاج عمل درامي محلي، بل تقديم رسالة إنسانية تنفتح على القضايا العالمية.”
وأشار نعمو إلى أن العمل تم التحضير له بعناية بالغة على مستوى التفاصيل، سواء في الكتابة أو التمثيل أو الإخراج، مؤكدًا: “حرصنا على التدقيق في كل تفصيل لتجنب الوقوع في فخ المبالغة أو التبسيط… نريد لهذا العمل أن يكون شهادة فنية وإنسانية للتاريخ.”
هذا التوجه يُظهر مدى التزام صنّاع العمل برفع مستوى الدراما المحلية، عبر تقديم محتوى يحترم عقل المشاهد ويثير التساؤلات بدلاً من تقديم إجابات جاهزة.
نخبة من نجوم سوريا في بطولة العمل
يمتاز “القيصر – لا مكان لا زمان” بتنوع طاقم التمثيل وثرائه، حيث شارك في كل ثلاثية عدد من النجوم السوريين المعروفين، وهو ما أتاح للعمل مساحة كبيرة من التنوع في الأداء والتناول. من بين الأسماء البارزة التي لفتت الانتباه، الفنان سامر إسماعيل، المعروف بقدرته على تجسيد الأدوار المركبة، إلى جانب نانسي خوري التي فرضت نفسها في السنوات الأخيرة كواحدة من أبرز الوجوه الشابة في الدراما السورية.
كما كشفت تقارير عن مشاركة عدد من الفنانين المخضرمين في أدوار محورية، ما يعزز من ثقل العمل الفني ويضيف له بُعدًا دراميًا غنيًا.
شركة إنتاج بخبرة واحتراف
يحمل المسلسل توقيع شركة Power Production، بإشراف المنتج أمير مصطفى نعمو، الذي أكد في تصريحات سابقة أن الشركة تسعى لتقديم مشاريع درامية ذات قيمة فكرية وبصرية، بعيدًا عن نمط الإنتاج التجاري السائد.
وقد تولّى يامن ست البنين مسؤولية الإنتاج الفني، وهو اسم معروف بدقته وقدرته على إدارة تفاصيل الإنتاج بكفاءة، ما أضفى على العمل طابعًا احترافيًا واضحًا.
أما النص، فكتبته مجموعة من أبرز كتّاب الدراما السورية، هم: مؤيد النابلسي، نجيب نصير، عدنان عودة، زهير الملا، ولؤي النوري. هذا التعدد في الأقلام الكاتبة ساعد على تقديم زوايا متنوعة للحكايات، بما يخدم طبيعة المسلسل الثلاثية، ويعزز من ثرائه الفكري والدرامي.
الموسيقى… حضورٌ عاطفي بصوت أصالة
أحد أبرز مفاجآت المسلسل هو مشاركة الفنانة أصالة نصري، التي أدّت شارة العمل بصوتها، في خطوة نادرة تعكس خصوصية المشروع. وأظهرت الشارة بعدًا عاطفيًا عميقًا، يتكامل مع الرسالة الإنسانية للمسلسل.
أداء أصالة المرهف والصادق يُتوقع أن يضيف الكثير للعمل، خاصة وأن صوتها ارتبط منذ سنوات طويلة بالشجن السوري العميق، ما يمنح الشارة وقعًا وجدانيًا كبيرًا لدى الجمهور.
قضايا شائكة بلغة إنسانية
من أبرز ما يميّز “القيصر – لا مكان لا زمان” هو جرأته في مقاربة قضايا حساسة وإنسانية معاصرة، بدءًا من العلاقات الإنسانية المعقدة، مرورًا بقضايا الحرية والعدالة والهوية، وليس انتهاءً بالحب والخيانة والصراعات الداخلية التي تواجه الإنسان في العصر الحديث.
العمل لا يكتفي بعرض هذه القضايا من منظور محلي ضيق، بل يتعامل معها على أنها قضايا إنسانية شاملة، تعني الإنسان أينما كان، وفي أي مكان أو زمان، كما يوحي عنوان المسلسل ذاته.
عنوان يفتح أبواب التأويل
العنوان “القيصر – لا مكان لا زمان” يشي بوضوح بطبيعة العمل التي لا تقيّد نفسها بزمان أو جغرافيا. “القيصر” قد يكون رمزًا للقوة، أو للسقوط، أو لحالة إنسانية غامضة، فيما “لا مكان لا زمان” يحرر الحكاية من الإطار الزمني والمكاني المعتاد، ويدفع المشاهد للتأمل في المعاني الأوسع للوجود، والهوية، والمصير.
هذا العنوان وحده يفتح أبواب التأويل، ويدعو الجمهور للتفكير خارج الصندوق، وهو ما يتماشى مع الطموح الفكري للمسلسل وفريقه.
ترقّب جماهيري واسع
من خلال التفاعل الكبير على مواقع التواصل، ومنصة إنستغرام تحديدًا، يبدو أن “القيصر – لا مكان لا زمان” يحظى بترقّب جماهيري واسع قبل انطلاق عرضه. ويبدو واضحًا أن الجمهور بات متعطشًا لأعمال تحمل مضمونًا مختلفًا، يتجاوز الميلودراما والعلاقات السطحية، نحو دراما ذات محتوى فكري وفني عميق.
ختامًا: دراما تكتب من جديد
بكل المقاييس، فإن “القيصر – لا مكان لا زمان” يبدو كمشروع درامي طموح، يحمل في طيّاته رؤية إنسانية فكرية جريئة، وينطلق من مناخات محلية ليلامس العالم الأوسع. ومع فريق فني متكامل، وتمثيل احترافي، وإخراج بصري واعٍ، يبدو أن العمل قد يترك بصمة مميزة في المشهد الدرامي السوري والعربي.
الأيام المقبلة وحدها ستكشف إلى أي مدى سينجح المسلسل في تحقيق هذه التطلعات، لكن المؤشرات الأولية تؤكد أننا أمام دراما سورية جديدة تعيد تعريف ذاتها، وتكسر قوالبها التقليدية.