الهند – السابعة الإخبارية
ديمبيلي.. قبل أيام قليلة من الحدث الأبرز في عالم كرة القدم، حفل الكرة الذهبية 2025، تفجرت فضيحة من العيار الثقيل أربكت الوسط الرياضي وأثارت موجة من الجدل على مواقع التواصل، بطلتها تغريدة من صحفي أسترالي، ومضمونها حملة مدفوعة للترويج للنجم الفرنسي عثمان ديمبيلي. وبينما تسابق المشككون والمصدّقون في إطلاق الأحكام، جاءت التحقيقات اللاحقة بكشف مدهش قلب الرواية رأسًا على عقب.
بداية القصة: عرض مشبوه في بريد إلكتروني
القصة بدأت بتغريدة نشرها الصحفي الأسترالي نيل غاردنر على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، كشف فيها عن تلقيه عرضًا غريبًا من وكالة اتصالات – لم يسمها في البداية – تطلب منه المشاركة في “تعاون مدفوع” مقابل نشر محتوى إيجابي عن ديمبيلي. وبحسب الرسالة التي تلقاها غاردنر، فإن المطلوب كان نشر ثلاث تغريدات أسبوعية لمدة شهر، تسلط الضوء على أداء اللاعب وتأثيره في المباريات، بهدف تعزيز صورته قبل تصويت الكرة الذهبية.
اللافت أن الرسالة كانت صيغت بطريقة احترافية، وبدت كما لو أنها جزء من حملة تسويقية منظمة تهدف إلى تحسين صورة ديمبيلي أمام الرأي العام الكروي العالمي.

ردود الفعل: بين التشكيك والاتهامات
ما إن انتشرت التغريدة حتى اشتعل الجدل. قسم كبير من المتابعين أبدى صدمة وطرح تساؤلات حول شفافية الجوائز الكبرى في كرة القدم، بينما سارع البعض إلى اتهام غاردنر بتلفيق القصة بحثًا عن الشهرة أو استهدافًا شخصيًا للاعب الفرنسي.
مما زاد من الغموض، صمت معسكر ديمبيلي في البداية، بما في ذلك اللاعب نفسه، وناديه باريس سان جيرمان، ما فسح المجال لانتشار الشائعات والتأويلات.
الحقيقة تنكشف: مصدر غير متوقع
لكن خلال أيام قليلة، دخلت صحيفة ذا أثلتيك البريطانية على خط القصة، لتكشف عن تفاصيل تحقيقها المستقل، الذي توصل إلى نتائج غير متوقعة. فقد تأكد أن البريد الإلكتروني حقيقي بالفعل، وتم إرساله فعلاً إلى غاردنر، لكن لا علاقة له لا بديمبيلي، ولا بوكيله، ولا حتى بأي جهة فرنسية.
المفاجأة أن مصدر الرسالة كان شركة ناشئة تُدعى “Bangrr International”، مقرها الهند. الشركة، التي تنشط في مجال التسويق الرقمي، لم تكن مرتبطة بأي شكل بمحيط ديمبيلي. وعندما تم التواصل مع علي حسين، مؤسس الشركة، قدم تفسيرًا غريبًا ولكنه كاشف.

متدرب طموح يشعل العاصفة
بحسب حسين، فإن الرسالة لم تكن جزءًا من حملة منظمة، بل تصرفًا فرديًا من قبل متدرب شاب يبلغ من العمر 18 عامًا، يعمل في الشركة. هذا المتدرب، كما أوضح، كان مولعًا بكرة القدم، ورغب في خوض تجربة واقعية في كيفية التواصل مع الصحافيين والمؤثرين، على أمل التعلم وبناء علاقات مهنية مستقبلية.
وأكد حسين أن الشاب تصرف دون إذن أو علم الإدارة، وتم اتخاذ إجراءات داخلية بحقه، دون توضيح ما إذا كانت هذه الإجراءات تأديبية أم إرشادية.
انعكاسات القضية: أزمة ثقة قبل حفل عالمي
هذه القصة، رغم نهايتها غير المتوقعة، أعادت إلى الواجهة الشكوك القديمة حول نزاهة الجوائز الفردية في كرة القدم، خاصةً في ظل تضخم تأثير الحملات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي على قرارات الترشيح والتصويت.
كما طرحت تساؤلات عن مدى تأثير الأفراد أو الجهات غير المرتبطة باللاعبين على تشكيل الرأي العام، وهو ما يُعدّ إشارة إلى هشاشة المنظومة الإعلامية الكروية التي باتت عرضة للاختراق حتى من متدرب مراهق.
وفي المقابل، تنفّس معسكر ديمبيلي الصعداء بعد تبرئته من أي صلة بالقضية، لكن الضرر المعنوي كان قد وقع بالفعل. فاسم اللاعب تم تداوله لعدة أيام بوصفه متورطًا في حملة غير أخلاقية، مما قد ينعكس – ولو جزئيًا – على صورته في أعين المصوّتين.
الإعلام الجديد: قوة مزدوجة
تكشف هذه الحادثة أيضًا عن الوجه الآخر لقوة الإعلام الرقمي. ففي الوقت الذي أتاح فيه المجال لكشف مثل هذه المحاولات، إلا أنه مكّن أيضًا أفرادًا غير محترفين من التأثير المؤقت على السرد الإعلامي العالمي.
رغم براءة ديمبيلي من التورط المباشر، تبقى هذه الحادثة بمثابة جرس إنذار للجهات المنظمة للجوائز، وللإعلاميين أنفسهم، حول الحاجة إلى الشفافية، والتدقيق، وعدم الانجرار وراء أي سردية دون تحقق دقيق. كما تسلط الضوء على هشاشة النظام الإعلامي الكروي أمام حملات قد تبدو عشوائية لكنها تملك قدرة حقيقية على إرباك المشهد.
وفي انتظار ما ستسفر عنه نتائج حفل الكرة الذهبية، تظل هذه القصة تذكرة بأن كرة القدم لم تعد تُلعب فقط على العشب، بل أيضًا في رسائل البريد الإلكتروني، وتغريدات منصات التواصل، وحسابات لمراهقين حالمين في أماكن بعيدة.
