تركيا – السابعة الإخبارية
طفل.. شهدت مدينة بورصة التركية حادثة صادمة أثارت جدلاً واسعاً في الشارع المحلي بعد أن تسبب طفل يبلغ من العمر عشرة أعوام في إشعال حريق داخل أحد فروع سلسلة متاجر معروفة، مستخدماً قداحة صغيرة، ما أدى إلى حالة من الذعر بين المتسوقين والعاملين.
الحادثة وقعت في حي نيلوفر بمنطقة فاتح سلطان محمد بولفاري، داخل فرع لمتاجر “أكوجور”، حيث دخل الطفل المعروف بالأحرف الأولى من اسمه “م.ر.ك” إلى المتجر بشكل طبيعي، قبل أن يقدم على تصرف مفاجئ كاد أن يتحول إلى كارثة كبيرة.

تفاصيل الحادثة كما وثقتها الكاميرات
وفقاً للقطات كاميرات المراقبة التي جرى تداولها على نطاق واسع، شوهد الطفل وهو ينزع ورقة ملصق من أحد الأرفف، ثم أشعلها بقداحة صغيرة كان يحملها في جيبه، قبل أن يضعها بين مجموعة من المناديل الورقية المعروضة للبيع.
وخلال لحظات قليلة، اشتعلت النيران بسرعة بسبب الطبيعة القابلة للاشتعال للمناديل، لتتصاعد ألسنة اللهب والدخان الذي غطى المكان. ومع تزايد الدخان، انتشر الخوف بين الزبائن الذين كانوا يتسوقون في المتجر، وبدأوا بالهروب نحو المخارج.
التدخل السريع للحد من الكارثة
لحسن الحظ، كان هناك عدد من العاملين في القسم القريب، فاستعانوا بمطفآت الحريق الموجودة في المتجر، وتمكنوا بمساعدة فرق الإطفاء التي وصلت بعد دقائق من السيطرة على النيران قبل أن تمتد إلى أقسام أخرى مليئة بالمواد القابلة للاشتعال مثل الورق والبلاستيك.
وتم إخلاء المتجر بشكل كامل من المتسوقين والعاملين، فيما لم تُسجل إصابات بشرية، واقتصرت الأضرار على بعض الخسائر المادية في البضائع والأرفف.

خلفية: سوابق للطفل
التحقيقات التي أجرتها الشرطة كشفت أن الطفل “م.ر.ك” لم يكن غريباً عن مثل هذه الحوادث، حيث سبق أن تسبب قبل نحو شهر واحد في إشعال حريق بأرض عشبية قريبة من منزله. حينها تدخلت قوات الإطفاء للسيطرة على الحريق، وتم تحويل الملف إلى مكتب شؤون الأطفال في الشرطة الذي باشر إجراءات قانونية مناسبة لعمره.
هذه الحادثة السابقة أثارت تساؤلات حول الدور الرقابي للأسرة ومدى وعيها بسلوكيات طفلها، خاصة بعد أن كرر الفعل في مكان عام مزدحم هذه المرة، ما كان من الممكن أن يؤدي إلى نتائج مأساوية.
موقف النيابة العامة
في أعقاب الحادث، أصدرت النيابة العامة في بورصة توجيهاً بإيداع الطفل في مؤسسة رعاية مخصصة للأطفال، نظراً لحداثة سنه وعدم إمكانية إخضاعه لعقوبات جنائية تقليدية.
كما قررت النيابة فتح ملف قضائي ضد أسرته بتهمة “الإخلال بواجبات الوالدين”، على خلفية تركه يتصرف بحرية دون رقابة أو متابعة، ما يشكل تهديداً محتملاً لسلامة المجتمع.
جدل اجتماعي واسع
أثارت الحادثة ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثير من المواطنين عن قلقهم من تزايد سلوكيات مشابهة لدى الأطفال في غياب الرقابة الأسرية الكافية.
بعض التعليقات ركزت على ضرورة تعزيز برامج التوعية الأسرية ودور المدارس في توجيه الأطفال إلى السلوكيات الإيجابية، فيما ذهب آخرون إلى المطالبة بإجراءات أكثر صرامة ضد أولياء الأمور الذين يهملون مسؤولياتهم تجاه أبنائهم.
وفي المقابل، دافع فريق آخر عن الأسرة، معتبراً أن الحادث قد يكون نتيجة لاضطرابات سلوكية أو نفسية لدى الطفل، ما يستدعي تدخلاً علاجياً متخصصاً بدلاً من الاقتصار على الإجراءات العقابية.
مسؤولية المتاجر والمؤسسات العامة
من جانب آخر، تساءل بعض المعلقين عن الإجراءات الأمنية داخل المتجر، وكيف تمكن طفل في هذا العمر من إدخال قداحة إلى المكان دون ملاحظة أحد، وما إذا كانت هناك حاجة إلى تعزيز أنظمة الرقابة والتفتيش داخل الأماكن المزدحمة.
وأكد خبراء في السلامة أن ما حدث يشير إلى أهمية وجود خطط إخلاء سريعة وتدريب العاملين على التعامل مع الطوارئ، وهو ما ساهم بالفعل في تقليل الخسائر في هذه الحادثة.
قانونياً، لا يمكن إخضاع الأطفال في هذا العمر لعقوبات جنائية تقليدية في تركيا، لذلك يتم التعامل مع مثل هذه الحالات من خلال مؤسسات الرعاية الخاصة، التي توفر برامج تأهيلية وتربوية تهدف إلى تقويم السلوك وحماية الطفل من الانحراف.
ويرى خبراء القانون أن توجيه الاتهام إلى الأسرة يعكس إدراك السلطات لأهمية الدور الأسري في الوقاية من هذه السلوكيات، معتبرين أن الرقابة والإرشاد الأسري هما خط الدفاع الأول ضد انخراط الأطفال في تصرفات خطرة.

حادثة بورصة أعادت إلى الواجهة قضية حساسة تتعلق بمسؤولية الأسرة والمجتمع في مراقبة سلوك الأطفال وتوجيههم، خاصة في ظل تزايد حالات مشابهة شهدتها مدن أخرى في تركيا خلال السنوات الأخيرة.
ورغم أن الأضرار في هذه الواقعة اقتصرت على خسائر مادية، إلا أنها كانت جرس إنذار بأن الإهمال في تربية الأطفال ومتابعتهم قد يقود إلى نتائج كارثية تهدد أرواح الأبرياء وسلامة المجتمع ككل.