أمريكا – السابعة الإخبارية
النفط.. شهدت أسعار النفط العالمية تغيراً طفيفاً في تداولات اليوم الخميس، بعد أن أقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) على خفض سعر الفائدة الرئيسي ربع نقطة مئوية، في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، مع إشارته إلى المزيد من التيسير النقدي قبل نهاية العام. هذه التحركات أثارت توقعات بزيادة الطلب على الطاقة مدفوعة بانخفاض تكاليف الاقتراض، لكنها في الوقت ذاته اصطدمت بمؤشرات متباينة على صعيد المخزونات والاستهلاك.
تراجع محدود في الأسعار
بحسب بيانات الأسواق، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 8 سنتات أو بنسبة 0.12% إلى 67.87 دولار للبرميل. كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بواقع 10 سنتات أو 0.16% لتسجل 63.95 دولار للبرميل. هذه التحركات الطفيفة تعكس حالة من الحذر في الأسواق، حيث يترقب المتعاملون تأثير السياسة النقدية الأمريكية على النمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط.

الفيدرالي الأمريكي يخفض الفائدة
أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يوم الأربعاء، خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، مع إشارته إلى أنه سيواصل خفض تكاليف الاقتراض تدريجياً خلال الفترة المتبقية من العام. وتأتي هذه الخطوة استجابة لمؤشرات تباطؤ سوق العمل في الولايات المتحدة، حيث يرى صناع السياسات أن المخاطر المرتبطة بارتفاع البطالة تفوق في الوقت الراهن مخاطر التضخم.
كلاوديو جالمبرتي، كبير الاقتصاديين والمدير العالمي لتحليل السوق لدى شركة ريستاد إنرجي، أوضح في مذكرة للعملاء أن “الحديث عن المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة يشير إلى أن مجلس الاحتياطي يرى أن التحديات الاقتصادية المرتبطة بالبطالة أكبر بكثير من تلك المرتبطة بارتفاع الأسعار”. وأضاف أن استمرار خفض الفائدة قد يمثل دعماً صعودياً لأسعار خام برنت على وجه الخصوص، لكنه في المقابل قد يواجه بعض الضغوط نتيجة استراتيجية أوبك+ الرامية إلى زيادة الإنتاج تدريجياً.
بيانات المخزونات الأمريكية
على صعيد المخزونات، أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تراجعاً كبيراً في مخزونات الخام خلال الأسبوع الماضي، مدفوعاً بانخفاض صافي الواردات إلى مستوى قياسي، بالتوازي مع قفزة في الصادرات النفطية إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقارب العامين. هذا التراجع كان من شأنه أن يمنح دعماً للأسعار، غير أن الصورة لم تخلُ من مؤشرات مقلقة، إذ ارتفعت مخزونات نواتج التقطير – التي تشمل الديزل وزيت التدفئة – بمقدار 4 ملايين برميل، في حين كانت توقعات السوق تشير إلى زيادة لا تتجاوز مليون برميل. هذا الفائض الكبير أثار المخاوف بشأن ضعف الطلب في السوق الأمريكية، أكبر مستهلك للنفط في العالم.
مؤشرات الطلب العالمي
في المقابل، أشار تقرير بنك جيه.بي مورغان إلى أن متوسط الطلب العالمي على النفط بلغ 104.4 مليون برميل يومياً حتى 17 سبتمبر (أيلول) الجاري، مسجلاً زيادة سنوية بنحو 0.520 مليون برميل يومياً. ووفقاً للبنك، ارتفع الطلب منذ بداية العام وحتى الآن بواقع 0.8 مليون برميل يومياً، وهو ما يقل قليلاً عن توقعاته السابقة البالغة 0.83 مليون برميل يومياً.
وأشار التقرير إلى أن معدل الرحلات الجوية في الولايات المتحدة والصين بدأ بالتراجع مع انتهاء موسم السفر الصيفي، بينما يظل النشاط في أوروبا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية في حالة نمو، ما يعكس تباينات واضحة في خريطة الطلب العالمي.

موازنة بين السياسات النقدية وإنتاج أوبك+
يرى محللون أن أسعار النفط خلال الفترة المقبلة ستتأرجح بين عاملين رئيسيين: الأول هو السياسة النقدية التيسيرية في الولايات المتحدة والتي تعزز توقعات الطلب، والثاني هو استراتيجية أوبك+ لزيادة الإمدادات تدريجياً، والتي قد تحد من أي ارتفاعات حادة في الأسعار. ويؤكد خبراء أن هذه المعادلة ستبقي الأسواق في حالة ترقب، خصوصاً في ظل الضبابية المتعلقة بالنمو الاقتصادي العالمي.
المخاطر والتحديات
إلى جانب ذلك، يظل القلق قائماً بشأن استمرار ضعف بعض القطاعات الصناعية حول العالم، وهو ما قد يحد من مكاسب النفط. كذلك فإن أي تصاعد في التوترات الجيوسياسية أو اختلالات الإمدادات قد يغير المعادلة سريعاً. لكن حتى الآن، تبدو الأسواق أكثر تركيزاً على قرارات الفيدرالي الأمريكي ومدى قدرتها على دعم النمو وتحفيز استهلاك الطاقة.
في المحصلة، عكست تحركات أسعار النفط اليوم حالة من التوازن الحذر بين إشارات الدعم القادمة من السياسة النقدية الأمريكية وبين الضغوط الناجمة عن بيانات المخزونات والتوقعات المتباينة للطلب العالمي. وبينما يرى البعض أن خفض الفائدة يمثل حافزاً صعودياً محتملاً للأسعار في الأشهر المقبلة، فإن آخرين يحذرون من أن زيادة إنتاج أوبك+ وتباطؤ بعض الاقتصادات الكبرى قد يكبحان أي موجة صعود قوية.
