مصر – السابعة الإخبارية
ملك إسبانيا .. شهدت مدينة الأقصر التاريخية، اليوم الجمعة، واحدة من أهم الزيارات الملكية في السنوات الأخيرة، حيث استقبلت جلالة الملك فيليبي السادس ملك إسبانيا وقرينته الملكة ليتيزيا، ضمن جولتهما الرسمية لمصر، والتي اختتماها بجولة ساحرة بين معالم الحضارة المصرية القديمة.
بداية ملكية من القاهرة إلى الأقصر
كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وقرينته السيدة انتصار السيسي قد استقبلا ملك إسبانيا والملكة قبل يومين في القاهرة، حيث أقيمت مأدبة عشاء رسمية بمنطقة الأهرامات بالجيزة. وقد عكست تلك المأدبة الرمزية عمق العلاقات التاريخية بين مصر وإسبانيا، وفتحت الباب لتأكيد التعاون في مجالات السياحة والثقافة والاقتصاد. وبعد هذا الاستقبال الحافل، اتجه الملك فيليبي وقرينته إلى مدينة الأقصر، التي طالما اعتبرت متحفًا مفتوحًا يروي صفحات مجد مصر القديمة.

الأقصر.. وجهة ملكية بامتياز
وصل الملك فيليبي السادس والملكة ليتيزيا إلى الأقصر مساء الخميس بصحبة وفد رفيع المستوى. وفي صباح الجمعة، بدأ الوفد الملكي جولته بين معالم المدينة، حيث زار معابد ومقابر ملوك طيبة، تلك العاصمة العريقة لمصر القديمة، والتي لا تزال شاهدة على حضارة امتدت لآلاف السنين.
خلال الجولة، استمع الملك والملكة إلى شروح مفصلة من خبراء الآثار حول تاريخ المدينة، والتقطا صورًا عديدة وسط الأعمدة الضخمة والنقوش التي لا تزال تروي حكايات ملوك عظام مثل رمسيس الثاني وتحتمس الثالث. وبدا الانبهار واضحًا على ملامح الضيفين، اللذين عبّرا عن إعجابهما بمدى عظمة العمارة والفنون المصرية القديمة.
“سيلفي ملكي” في الدير البحري
إحدى أبرز محطات الجولة كانت زيارة معبد الدير البحري، الذي شيدته الملكة حتشبسوت في جبانة طيبة الغربية. ويُعد هذا المعبد تحفة معمارية فريدة نُحتت في الجبل، ليظل شاهدًا على عظمة ملكة قوية حكمت مصر بمهارة وحكمة.
وبين جدران المعبد المهيب، توقف الملك فيليبي وزوجته الملكة ليتيزيا طويلًا، ليتأملا الرسومات التي تخلد قصة الملكة حتشبسوت ورحلتها التجارية الشهيرة إلى بلاد بونت. لكن اللحظة الأبرز كانت حين قررا التقاط صورة “سيلفي ملكي” وسط أروقة المعبد، في مشهد سرعان ما جذب اهتمام وسائل الإعلام العالمية، وأصبح رمزًا لهذه الزيارة التاريخية.
الجدير بالذكر أن مشروع إنارة المعبد، الذي ساهم فيه خبراء إسبان، أضاف لمسة مميزة على الجولة، وجعل التجربة أكثر ارتباطًا بالعلاقات الثقافية بين البلدين.

حفاوة استقبال ورسائل إيجابية
وقد استقبل المسؤولون في الأقصر، وعلى رأسهم المحافظ المهندس عبدالمطلب عمارة، ملك إسبانيا والملكة بحفاوة كبيرة، إلى جانب قيادات الغرف السياحية ونواب البرلمان. وأكدوا جميعًا أن مثل هذه الزيارات رفيعة المستوى تمثل رسالة طمأنة قوية للعالم بأن مصر وجهة آمنة وجاذبة للسياحة، خصوصًا في ظل تزايد الإقبال الأوروبي على الرحلات الثقافية.
وأشار خبراء السياحة إلى أن صور الملك وقرينته في معابد الأقصر ستُسهم بشكل كبير في الترويج للمدينة على مستوى العالم، خاصة أن وسائل الإعلام الإسبانية والأوروبية تولي اهتمامًا كبيرًا بتغطية تحركات العائلة الملكية، مما يضع الأقصر في دائرة الضوء السياحي والإعلامي.
الأقصر عاصمة السياحة الثقافية
تُعد الأقصر بحق عاصمة السياحة الثقافية في العالم، إذ تضم ثلث آثار البشرية تقريبًا. ومن أبرز معالمها معبد الكرنك، أكبر مجمع ديني في التاريخ، ومعبد الأقصر، ووادي الملوك الذي يضم مقابر ملوك عظماء بينهم توت عنخ آمون. هذه الكنوز جعلت المدينة مقصدًا دائمًا للملوك والرؤساء والمشاهير من مختلف أنحاء العالم.
زيارة ملك إسبانيا وقرينته جاءت لتؤكد مجددًا أن الأقصر ليست مجرد مدينة أثرية، بل هي جسر حضاري يربط الماضي بالحاضر، ويعكس قدرة مصر على الحفاظ على إرثها الإنساني وتقديمه للعالم في أبهى صورة.
زخم إعلامي عالمي
ورغم أن الزيارة استغرقت ساعات قليلة، إلا أن أصداءها امتدت عالميًا. فقد أبرزت الصحف الإسبانية صور “السيلفي الملكي” ووصفتها بأنها لحظة تاريخية تجسد عراقة الحضارة المصرية وجاذبيتها الدائمة. كما سلطت وسائل الإعلام الدولية الضوء على التعاون المصري-الإسباني في مجال حماية الآثار والسياحة، معتبرة أن هذه الزيارة ستفتح الباب أمام تعاون أوسع في المستقبل.

ختام على أرض الملوك
ومن المقرر أن يختتم الملك فيليبي السادس ملك إسبانيا والملكة ليتيزيا جولتهما في الأقصر مساء الجمعة، بعد أن قضيا ساعات بين جدران المعابد والمقابر الفرعونية التي لا تزال شاهدة على حضارة تعد من أعظم ما عرفته البشرية.
هذه الزيارة الملكية لم تكن مجرد جولة بروتوكولية، بل كانت رسالة حضارية للعالم مفادها أن مصر، وفي قلبها الأقصر، لا تزال الوجهة الأولى لعشاق التاريخ والثقافة، وأن إرث الفراعنة سيظل مصدر إلهام ودهشة للإنسانية جمعاء.