باريس – السابعة الاخبارية
لامين يامال، في أمسية كروية عالمية حملت كل ألوان المتعة والدهشة، أعلنت مجلة فرانس فوتبول خلال حفل الكرة الذهبية 2025 عن فوز النجم الإسباني الشاب لامين يامال بجائزة أفضل لاعب شاب في العالم.
فوز لم يكن مفاجئًا للكثيرين، بل كان تتويجًا لموسم استثنائي للاعب لم يتجاوز عمره 18 عامًا، لكنه أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه واحد من أعظم المواهب الكروية التي ظهرت في العقد الأخير.
فمنذ بداية الموسم، كان يامال تحت الأضواء، لكن سرعان ما تحوّلت تلك الأنظار من المتابعة الحذرة إلى الانبهار الكامل بأداء لاعب لا يعرف الخوف، ولا يعترف بحسابات العمر أو الخبرة، بل يقدّم كرة قدم خالصة، سريعة، ذكية، ومؤثرة.
لامين يامال من أكاديمية لا ماسيا إلى العالمية
ينتمي لامين يامال إلى مدرسة لا ماسيا العريقة التابعة لنادي برشلونة، وهي التي أنجبت عمالقة مثل ميسي وتشافي وإنييستا. لكن ما فعله يامال خلال موسمه الأول الكامل مع الفريق الأول فاق كل التوقعات، حيث لم يكتف بأن يكون لاعبًا صاعدًا يُمنح دقائق قليلة، بل صار ركيزة أساسية في تشكيل الفريق.
تدرّج بسرعة مذهلة من لاعب بديل إلى جناح أساسي يصنع الفارق في كل مباراة، سواء في الليغا أو دوري أبطال أوروبا.
وامتدت مشاركاته لتشمل المنتخب الإسباني الأول، في واحدة من أسرع الترقيات الدولية في تاريخ الكرة الأوروبية.
الأرقام لا تكذب.. بصمته حاضرة
من أبرز العوامل التي ساهمت في فوز يامال بجائزة أفضل لاعب شاب هي أرقامه الملفتة للنظر:
- سجل عددًا مهمًا من الأهداف في الدوري الإسباني، معظمها حاسمة في لقاءات كبرى.
- صنع العديد من التمريرات الحاسمة، ليكون من بين أكثر اللاعبين الشباب مساهمة بالأهداف في الدوريات الخمسة الكبرى.
- شارك في عدد كبير من المباريات رغم صغر سنه، ما يدل على ثقة مدربه وتماسكه البدني والنفسي.
وفي مباريات دوري الأبطال، لم يختفِ كما يحدث مع اللاعبين الصاعدين، بل برز بشدة، وسجّل أهدافًا في لحظات معقدة، أمام دفاعات ناضجة وقوية، ليظهر كمهاجم ناضج بتصرفاته داخل منطقة الجزاء.
ثقة الكبار في قدمَي الصغير
ما يميز لامين يامال عن غيره من اللاعبين الشباب، هو قدرته على اتخاذ القرارات السليمة في الأوقات الحاسمة، رغم صغر سنه.
مدربوه في النادي والمنتخب منحوه ثقة كاملة، واعتمدوا عليه في مراكز حساسة وعلى حساب لاعبين أصحاب خبرة.
في مباريات الكلاسيكو أو ضد الأندية الكبرى أوروبيًا، لم يُوضع على الدكة بل في التشكيل الأساسي. ولم يُعامل على أنه “واعد”، بل كأحد نجوم الفريق الذين يُطلب منهم الحل حين تتعقد الأمور.
النضج التكتيكي وسرعة البديهة
رغم أنه لا يزال في سن المراهقة، إلا أن يامال يمتلك نضجًا تكتيكيًا يُشبه اللاعبين في منتصف العشرينات.
في الملعب، لا يراوغ من أجل العرض فقط، بل يعرف متى يمرر، متى يسحب الكرة، متى يُبطئ الإيقاع، ومتى يسرّعه.
لاعب ذكي في استغلال المساحات، يتكيّف بسرعة مع خطة المدرب، ويستطيع اللعب في الجانبين أو كصانع لعب.
كل هذه الصفات جعلته يتفوق على بقية المرشحين للجائزة من حيث التأثير التكتيكي وليس فقط الإحصائي.
جائزة الفرد بعد تألق الجماعة
صحيح أن الجائزة فردية، لكنها لا تأتي إلا في سياق جماعي.
يامال استفاد من منظومة برشلونة، ومن أسلوب اللعب الذي يمنح الأجنحة حرية الحركة، لكنه في الوقت نفسه كان ملتزمًا بدوره الدفاعي عند الحاجة، وشارك في الضغط، وأظهر قدرات بدنية تفوق سنه.
كما أن تواجده في صفوف المنتخب الإسباني جعله يدخل في منظومة جديدة كليًا، ومع ذلك لم يتأخر في إثبات نفسه هناك أيضًا، بل سجّل أول أهدافه الدولية في وقت مبكر، وأصبح جزءًا من خطط مدرب المنتخب الأول.
منافسة شرسة.. وتفوّق مستحق
قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب شاب كانت قوية هذا العام، وضمت أسماء لامعة من أوروبا وأمريكا الجنوبية. لكن لامين يامال تفوّق عليهم بعوامل متعددة:
- مشاركته المستمرة كأساسي في فريق من النخبة (برشلونة).
- أرقامه القوية في بطولة كبرى مثل دوري الأبطال.
- تنوّع أدائه وقدرته على التألق في مراكز متعددة.
- بروزه دوليًا مع منتخب بلاده رغم حداثة سنه.
هذه العوامل صعّبت مهمة منافسيه، الذين قدّموا مواسم جيدة، لكنها لم تصل إلى مستوى الاستمرارية والتأثير الذي ظهر به يامال.
كيف استقبل يامال الجائزة؟
خلال لحظة الإعلان عن اسمه في الحفل، لم تظهر علامات المفاجأة على وجهه، بل بدا وكأنه كان يتوقع الفوز، أو على الأقل يشعر أنه قريب منه.
ابتسم، صافح من حوله، ثم صعد للمسرح بثقة هادئة، وألقى كلمة قصيرة عبّر فيها عن شكره للنادي والمدربين والجماهير وعائلته، ووجّه رسالة ملهمة لكل اللاعبين الصغار بأن “الحلم ممكن”.
تلك اللحظة، التي بُثّت على الهواء مباشرة، كانت لحظة انتصار ليس فقط ليامال، بل لكل المواهب الشابة في العالم.
ماذا بعد الجائزة؟ الطريق لا يزال طويلاً
فوز لامين يامال بجائزة أفضل لاعب شاب في العالم ليس نهاية القصة، بل بدايتها.
التحدي الحقيقي يبدأ الآن، حيث سيكون مطالبًا بالاستمرار بنفس المستوى، وربما أفضل، وسط ضغوط الجماهير والإعلام والمقارنة المستمرة مع النجوم الكبار.
سيحتاج للحفاظ على لياقته الذهنية والبدنية، وتجنب الغرور أو التراجع بسبب الضغوط.
لكنه، من خلال ما أظهره حتى الآن، يبدو مؤهلًا ليكون من بين المرشحين يومًا ما للكرة الذهبية نفسها، وليس فقط لجائزة الشباب.
الخلاصة: نجم من الجيل القادم.. يسطع مبكرًا
لامين يامال لم يكن ظاهرة عابرة، بل مشروع نجم عالمي يسير بثبات في طريق الكبار.
الجائزة التي فاز بها اليوم ليست فقط تقديرًا لما فعله هذا الموسم، بل رسالة بأنه على الطريق الصحيح، وأن الكرة العالمية قد كسبت موهبة نادرة.
في سن 18 عامًا، يحمل على كتفيه آمال نادي، وطموحات جماهير، ونظرات الصحافة العالمية، لكنه حتى الآن، يبدو مؤهلًا للتحدي، بل ولتغيير شكل الجناح الكلاسيكي في كرة القدم الحديثة.