أمريكا – السابعة الاخبارية
إيما واتسون، في حديث مؤثر وصريح، فتحت الممثلة البريطانية إيما واتسون قلبها حول تجربتها المؤلمة في هوليوود، بعد سنوات طويلة قضتها في أحضان سلسلة “هاري بوتر”، التي كوّنت فيها صداقات عميقة وروابط إنسانية نادرة.
وخلال مشاركتها في بودكاست “On Purpose” مع جاي شيتي، كشفت إيما تفاصيل لم تكن معروفة من قبل عن الصدمة التي واجهتها حين دخلت عالم السينما من زاوية جديدة، بعيدًا عن أجواء الطفولة والنشأة المهنية التي ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بزملائها في “هاري بوتر”.
إيما واتسون وروابط “هاري بوتر” لا تتكرر
بدأت إيما واتسون تجربتها الفنية في سن صغيرة جدًا، حيث شاركت بدور “هيرميون غرينجر” في سلسلة أفلام “هاري بوتر” منذ عام 2001 وحتى عام 2011، على مدى 10 سنوات تم خلالها إنتاج ثمانية أفلام. هذا العمل الطويل خلق بيئة فريدة من نوعها، مليئة بالدعم المتبادل، الصداقات العميقة، والأمان النفسي، مما جعلها تفترض بشكل تلقائي أن هذا هو المعيار الطبيعي في مواقع التصوير.
وقالت إيما: “من غير المعتاد أن تصوّر مجموعة أفلام تمتد على 12 عامًا. كنا بالفعل مجتمعًا واحدًا. ولذلك، حملت هذا التوقع معي إلى مواقع تصوير أخرى، وهناك تعرّضت لصدمة قاسية فعلًا.”
هذا التصريح يعكس حجم الفجوة بين ما عاشته في كواليس “هاري بوتر”، حيث العلاقات الإنسانية الحقيقية، وبين ما واجهته لاحقًا في هوليوود، حيث تسود التنافسية ويغلب الطابع العملي على الأجواء الفنية، ما تسبب لها في “جرح عاطفي” على حد وصفها.
تجربة مؤلمة تصل حد الانكسار
لم تخفِ إيما أن هذه التجربة كانت قاسية جدًا عليها، إلى حد أنها شعرت بالانكسار الحقيقي، وهو ما لم تكن مستعدة لمواجهته نفسيًا أو عاطفيًا.
أوضحت في حديثها أن معظم الناس الذين يعملون في مشاريع فنية داخل هوليوود لا يأتون من أجل تكوين صداقات، بل من أجل إنجاز العمل وتحقيق التقدم المهني، ما جعلها تشعر بالعزلة والغربة في أماكن التصوير الجديدة.
“كانت تجربة مؤلمة للغاية بالنسبة لي خارج ‘هاري بوتر’ وفي هوليوود، مؤلمة لدرجة الانكسار، لأن معظم الناس لا يدخلون هذه البيئات بحثًا عن صداقات.”
هذا الاعتراف العميق يعكس صدمة إيما العاطفية حين أدركت أنها كانت تملك تصورًا مثاليًا عن طبيعة العلاقات داخل الوسط الفني، وهو تصور لم يكن واقعيًا في معظم الأحيان.
قلب ما زال قابلًا للكسر
أثناء حديثها في البودكاست، تأثرت إيما إلى حد البكاء، حيث قالت إنها رغم كل ما مرّت به، ما زالت تشعر بالفخر لأنها بقيت على طبيعتها ولم “تتحصن” ضد الألم.
بل إنها ترى في قابليتها للكسر العاطفي دليلًا على أنها لا تزال تحتفظ بإنسانيتها.
“لقد حطّمتني التجربة، لكنني فخورة بذلك بطريقة ما. أعتقد أن هذا يعني أن لديّ ما يمكن أن يُكسر… لديّ قلب ما زال قابلًا للكسر.”
بهذه الكلمات، أظهرت إيما الجانب الحساس من شخصيتها، والذي لم تغيره شهرة هوليوود ولا صخب النجومية. وبرغم الألم، فإنها ترى في الألم نفسه دلالة على بقاء المشاعر حية.
الشعور بالاختناق في بيئة تنافسية
تحدثت إيما أيضًا عن شعورها بالاختناق النفسي والعاطفي بسبب الضغط والتنافسية في عالم السينما.
أوضحت أن هذه البيئة لم تكن مناسبة لطبيعتها الشخصية، حيث كانت تتوقع العمل بروح جماعية إنسانية، لا بمعايير السوق والمنافسة.
“ربما لم أكن مهيأة لمثل هذه البيئات شديدة القسوة.”
عبارة تختصر الكثير من معاناتها، وتُبرز كيف أن العمل في صناعة مثل هوليوود قد يكون مرهقًا نفسيًا، لا سيما لمن يملكون حساسية إنسانية عالية مثل إيما.
الدرس القاسي والرؤية الجديدة
رغم الألم، لم تكن تجربة هوليوود بالنسبة لإيما بلا فائدة. بالعكس، وصفتها بأنها “درس قاسٍ” منحها رؤية أوضح عن نفسها وعن العالم الفني.
هي لا ترى في عدم تحمّلها لظروف معينة ضعفًا، بل تعتبره نوعًا من القوة في الحفاظ على المبادئ والمشاعر الحقيقية.
“هناك شيء أفتخر به، وهو أن هناك أمورًا لم أستطع تحمّلها. وأنا أفضل أن أحتفظ بإنسانيتي.”
ربما هذا هو الدرس الأهم الذي خرجت به إيما من هذه التجربة: أن النجاح لا يجب أن يكون على حساب الذات، وأن الأصالة لا تُقدّر بثمن.
غياب طويل عن السينما… وخيارات شخصية
من الجدير بالذكر أن إيما واتسون لم تظهر على الشاشة الكبيرة منذ عام 2019، حين شاركت في فيلم “Little Women”.
ورغم أنها عبّرت عن افتقادها للتمثيل بشدة، إلا أن عودتها لا تبدو قريبة، لأنها في هذه المرحلة تركز على الدراسة والتطوير الشخصي، كما ألمحت إلى أنها لا تشتاق لبعض جوانب العمل الفني.
هذا الغياب لم يكن بدافع الفشل أو العزلة، بل كان خيارًا واعيًا لإعادة التوازن إلى حياتها بعد سنوات طويلة من الأضواء. وقد بيّنت أنها تختار الآن المشاريع التي تناسب قيمها وإنسانيتها، بدلًا من الانخراط في وسط لم تعد تشعر بالانتماء إليه تمامًا.
إيما واتسون… أكثر من مجرد ممثلة
منذ بداية مسيرتها الفنية، لم تكن إيما واتسون مجرد ممثلة، بل شخصية عامة تُعرف بمواقفها ومبادئها، سواء في مجال حقوق المرأة، أو دعم التعليم، أو قضايا البيئة.
وقد أثبتت من خلال حديثها الأخير أنها قادرة على الوقوف في وجه الضغط النفسي، ليس من خلال التصلب، بل عبر التمسك بالقيم الإنسانية.
ما تعرّضت له إيما هو في جوهره صراع بين العالم الداخلي للإنسان، والعالم الخارجي المليء بالضغوط والتوقعات. وقد اختارت إيما الطريق الأصعب: أن تكون صادقة مع نفسها، حتى لو عنى ذلك الابتعاد عن الأضواء.
خلاصة
تجربة إيما واتسون في هوليوود كانت درسًا إنسانيًا أكثر منها مهنيًا. فقد انتقلت من بيئة دافئة ومليئة بالدعم في “هاري بوتر” إلى واقع فني قاسٍ ومليء بالتنافسية والعزلة.
لكنها رغم الانكسار، لم تفقد إنسانيتها، بل تمسّكت بها أكثر. وربما هذا ما يجعل قصتها مصدر إلهام لكل من يسعى للنجاح دون أن يضحي بنفسه في الطريق.
إيما واتسون تذكرنا بأن القلب القابل للكسر هو في النهاية قلب حي… وأن الحفاظ على الإنسانية في بيئة جافة هو نوع من الشجاعة لا يتقنه الكثيرون.