أمريكا – السابعة الاخبارية
ليوناردو دي كابريو، بعد غياب دام نحو عامين عن الشاشة الكبيرة، يعود النجم العالمي ليوناردو دي كابريو ليُطل من جديد عبر فيلم مثير بعنوان One Battle After Another، الذي عُرض رسميًا في دور السينما يوم الجمعة 26 سبتمبر 2025. هذه العودة لم تكن عودة عادية، بل لحظة مأمولة لدى عشاقه منذ فترة، لما يرمز إليه دي كابريو بكونه أحد أبرز وجوه السينما العالمية التي تجمع بين الموهبة، الاختيار المتقن للأعمال، والجاذبية الفنية العالية.
الفيلم يُقدّم مزيجًا بين الإثارة، الأكشن، الدراما، والحبكة السياسية المعاصرة، ما يجعله منافسًا قويًا في موسم السينما الجديد. ومن خلال ما تمّ الكشف عنه حتى الآن من كواليس وأحداث، يبدو أن “One Battle After Another” ليس مجرد عمل تجاري، بل مشروع يسعى لتقديم تجربة فكرية وترفيهية في آن.
ليوناردو دي كابريو على الكنبة
في خطوة بسيطة لكنها مؤثرة، نشر دي كابريو على حسابه في منصة “إنستغرام” صورة له جالسًا على كنبة في موقع تصوير الفيلم، أرفقها بتعليق مقتضب: “معركة تلو الأخرى، في دور العرض الآن”. لم يكن ما في الصورة سوى مشهد عادي من الكواليس، لكن تلك الصورة اللطيفة أثارت تفاعل الجماهير فورًا، الذين عبّروا عن حماسهم لعودة دي كابريو إلى الشاشة الكبيرة، وتوقّعوه أن يقدّم أداءً ملحميًا يستحق الانتظار.
هذا المشهد البسيط يُعد تذكيرًا بأن وراء كل عمل ضخم لحظة تأمل، واستراحة، وتقطيع بسيط بين التصوير الفعلي واللقطات الأكثر جرأة أو حركة. كما يُظهر أن دي كابريو يشارك متابعيه جزءًا من العملية الفنية، مما يعطي الفيلم بُعدًا شخصيًا ويمد جسور التواصل بين الفنان ومتابعيه.
الحبكة: بين الماضي والحاضر، ثائر ومطارد
يضعنا “One Battle After Another” في رحلة تشويقية من نوع خاص، تنسج الأحداث بين فترات زمنية متفاوتة، تتيح للمشاهد أن يرى التطور والتغيير والتحولات في الشخصية الرئيسية.
البطل في الفيلم هو بوب فيرغسون، الذي يؤديه ليوناردو دي كابريو. بوب هو ثائر سابق مرّ بفترات صعبة؛ إذ يُعاني من حالة تجعل عقله غير قادر على تذكّر أبسط الأشياء، كأن ينسى السؤال “كم الساعة؟”. هذا الإشكال الذهني يُضفي طبقة من التعقيد على الشخصية، إذ إنها لا تُجازف فقط في الحرب الخارجية بل في حرب مع ذاته وذاكرته.
أما على الجانب الآخر، فتُقدّم تيانا تايلور دور بيرفيديا بيفرلي هيلز، ناشطة تقود مجموعة تُدعى “الفرنسي 75″، وتُخطط لشن هجوم على مركز احتجاز يقع قرب الحدود المكسيكية. وبينما كان من المفترض أن يُنشغل الكولونيل الأمريكي المخضرم ستيفن جاي لوكجو (يقوم به شون بين) بمهام عسكرية رسمية، يجد نفسه مضطرًا لمطاردة “فرنسي 75” والتعامل مع موقف يتقاطع فيه الواجب مع الإعجاب في آن واحد، إذ يُظهر إعجابه بشخصية بيرفيديا وقناعتها.
تتقاطع الأحداث في خط درامي مزدوج: الماضي الذي يطارد بوب، والحاضر الذي يفرض عليه مواجهة قرارات لم تكن في الحسبان. بوب، بعد مرور 16 عامًا على المعارك، يعيش حياة هادئة مع ابنته المراهقة، إلى أن يعود الماضي ليقلب حياته رأسًا على عقب، ويُجبره على الاستعانة بمعلم فنون قتالية وزميلة قديمة في مواجهة تحديات جديدة.
مشاهد بصريّة عالية التشويق وإخراج محكم
من بين أبرز ملامح الفيلم هي المشاهد البصرية المذهلة التي تمّ الكشف عنها مسبقًا، والتي تشمل:
- مطاردات خطيرة على الأسطح، تنتهي بالقفز أو سقوط حرفي
- مطاردات سيارات في طرق وعرة ومتعرجة
- مناظر سينمائية واسعة تُبرز التباين بين المدن والمناطق الحدودية
- توليف بين المشاهد الهادئة ذات الدراما العميقة والمشاهد الحركية التي تُعلي وتيرة التوتر
الموسيقى التصويرية من تأليف جوني غرينوود تضيف بعدًا مشوقًا خاصًا، حيث تتفاعل مع الصورة لإبراز اللحظات الحرجة وتضخيمها بطريقة تجعل المشاهد يعيش داخل المشهد، لا فقط يشاهده.
بهذا التوليف بين الصورة والسمع، يبدو أن فريق العمل يسعى إلى تقديم عمل لا يفقد في طموحه لحظة واحدة، وأن الاستمتاع البصري سيكون إلى جانب الأداء التمثيلي.
أبعاد إنسانية وسط الصراع
لا يكتفي الفيلم بعرض مشاعر الصراع الخارجي، بل يمنح الأبعاد الإنسانية مكانًا مهمًا في السرد. شخصية العائلية لبوب، علاقته بابنته المراهقة، صراعه الداخلي بين الماضي والحاضر، كلها عناصر تضيف لفتة درامية تُخفف من حدة الأكشن وتمنح العمل بعدًا نفسيًا يليق بالشخصيات المعقدة.
كما أن وجود شخصية الناشطة بيرفيديا ودورها في الأحداث يفتح الباب أمام أسئلة سياسية واجتماعية عن العدالة، الثورة، ضحايا السلطة، والإنسان في مواجهة الأنظمة، مما يجعل الفيلم لا يكتفي بالتشويق فحسب، بل يدعو للتفكير.
التحديات التي تواجه العودة
رغم أن العمل يبدو واعدًا، فإن عودة دي كابريو بهذا المشروع لا تخلو من تحديات:
- الانتظار الطويل والغموض
بعد غياب عامين، يراقب الجمهور كل لقطة وكل إعلان، وهذا الضغوط يجعل كل إخفاق بسيط يُضخم. الفيلم يحتاج إلى تحقيق توازن بين الطموح والجاذبية ليكسب القلوب مجددًا. - المزج بين الأنماط
الدمج بين الأكشن، والتشويق السياسي، والدراما العائلية ليس بالمهمة السهلة. إذا ازدادت نحو الأكشن فقط، قد يُفقد الفيلم خطابًا إنسانيًا؛ وإذا ركّز على الدراما فقط، يمكن أن يفقد جزءًا من الزخم الذي يجذب جمهور الإثارة. - زيادات وتوقعات الجماهير
الجمهور يتوقع من دي كابريو أن يقدم شيئًا مختلفًا وفريدًا، وهذا يضع على عاتق العمل ضغوطًا كبيرة بأن لا يكون مجرد فيلم تجاري، بل عمل يُحفظ ضمن قائمة الأفلام البارزة في مسيرته.
لماذا هذا الفيلم مهم في مسيرة دي كابريو؟
ليوناردو دي كابريو معروف باختياراته الدقيقة في المشاريع، فغالبًا ما يشارك في أفلام تحمل رسائل أو تسعى لأن تترك علامة. فيلم “One Battle After Another” يبدو مشروعًا من هذا النوع، إذ يجمع بين المضمون البشري، والصراع الاجتماعي والسياسي، وبين عرض بصري وجمالي يليق باسم دي كابريو.
كما أن العودة بعد فترة غياب تمنح الفيلم أهمية إضافية. إذا نجح، فسيُضاف إلى رصيده في التجديد والمخاطرة، وإن فشل، فستكون خطوة محط تقييم شديد من النقاد والجمهور على حدٍّ سواء.
خاتمة: معركة جديدة تبدأ في 26 سبتمبر
مع العرض الرسمي في 26 سبتمبر، يدخل One Battle After Another ساحة المنافسة الكبرى، ليس فقط كعودة دي كابريو إلى الشاشة، بل كاختبار لقدرة صناع السينما على مزج الأكشن، التشويق، والرسالة الاجتماعية في عمل متكامل.
من المؤكد أن الجمهور والمتابعين سينتظرون ردود الفعل، خاصة تقييم الأداء التمثيلي لدي كابريو، وكيفية تفاعل العمل مع التوقعات الكبيرة، وما إن كان سيحقق النجاح الفني والمالي في آن.
إنها بداية معركة جديدة، بداية عودة النجم الذي طال غيابه، وبداية عمل قد يكون عنوانًا في مسيرته.