مصر – السابعة الإخبارية
هدير عبد الرازق.. تنظر إحدى المحاكم المصرية المختصة اليوم، الثلاثاء 30 سبتمبر/أيلول، في جلسة حاسمة للبت في استئناف الحكم الصادر بحق البلوغر هدير عبد الرازق، التي تواجه عقوبة بالسجن لمدة سنة بعد اتهامها بنشر محتوى وصفته المحكمة بـ”المخالف للآداب العامة”.
وتأتي هذه الجلسة في وقت تواجه فيه المتهمة حكمًا آخرًا بالحبس لثلاثة أشهر في قضية منفصلة، الأمر الذي زاد من تعقيد موقفها القانوني وأثار الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول مستقبلها وحقيقة التهم الموجهة إليها.

المعارضة على الحكم الغيابي لم تُجدِ نفعًا
في وقت سابق، قدمت هدير عبد الرازق معارضة استئنافية على الحكم الغيابي الصادر ضدها بالسجن سنة واحدة، وهو ما يُعتبر إجراءً قانونيًا تتيحه القوانين المصرية للطعن على الأحكام الغيابية.
وبالرغم من تقديم المعارضة وإعادة عرضها على الجهات الأمنية، إلا أنه لم يتم إخلاء سبيلها، وذلك بعد أن كشفت التحريات عن وجود حكم آخر نافذ صادر عن محكمة جنح الطالبية، يقضي بسجنها ثلاثة أشهر في قضية أخرى، لم تُفصح السلطات عن تفاصيلها الكاملة حتى الآن.
الاستئناف الأول في انتظار قرار المحكمة
الجلسة المنعقدة اليوم تُعد مفصلية، حيث ستقرر المحكمة قبول الاستئناف وإلغاء الحكم أو تأييده، وهو ما سيُحدد مصير البلوغر في القضية الأولى المتعلقة بالمحتوى الذي نشرته عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت النيابة العامة قد وجهت إليها تهمًا تتعلق بـ”نشر محتوى يتنافى مع الآداب العامة”، في سياق حملة رقابية تستهدف المحتوى المنشور على الإنترنت وتطبيقات التواصل، وسبق أن طالت عددًا من الشخصيات المؤثرة الأخرى.
حكم الطالبية يفتح جبهة جديدة أمام الدفاع
ولم يتوقف المأزق القانوني لهدير عبد الرازق عند هذا الحد، بل تفاقم مع ظهور حكم جديد صادر عن محكمة جنح الطالبية يقضي بحبسها لمدة ثلاثة أشهر، وهو ما حال دون إمكانية الإفراج عنها حتى في حال قبول استئناف الحكم الأول.
ووفق مصادر قانونية، فإن الحكم الثاني واجب التنفيذ حاليًا، ولا يمكن تأجيله إلا في حالة تقديم طعن قانوني مقبول عليه أو صدور قرار بإيقاف التنفيذ مؤقتًا، وهو ما يسعى إليه فريق الدفاع.
تصريحات الدفاع: نجهز طعنًا جديدًا ونأمل في الإفراج
من جانبه، صرح المحامي محمود الشناوي، وكيل المتهمة هدير عبد الرازق، بأن فريق الدفاع يعمل حاليًا على تقديم طعن رسمي على الحكم الثاني الصادر من محكمة الطالبية، مشيرًا إلى أن الأوراق سيتم تقديمها صباح غد الأربعاء، مع طلب إيقاف التنفيذ لحين نظر الطعن.
وقال الشناوي:
“موكلتي سبق أن تقدمت بطعن قانوني على الحكم الثاني، ونحن بانتظار تحديد جلسة لنظر هذا الطعن أمام المحكمة المختصة. هدفنا الآن هو إخلاء سبيلها، خاصة أن المعارضة على الحكم الأول تم قبولها شكلًا”.
وأضاف أن هناك تضاربًا في الإجراءات القانونية، خاصة مع تزامن القضيتين، ما أدى إلى استمرار احتجاز موكلته دون إمكانية للخروج حتى يتم حسم الطعن الثاني.

مخاوف من تشديد الإجراءات.. والقضية تثير انقسامًا شعبيًا
تجدر الإشارة إلى أن قضية هدير عبد الرازق أثارت انقسامًا واسعًا في الرأي العام المصري، بين من يرى في الإجراءات المتخذة ضدها تطبيقًا صارمًا للقانون ولحماية القيم المجتمعية، وبين من يعتبرها نوعًا من التضييق على الحريات الرقمية والتعبير الشخصي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وشهدت القضية تفاعلاً واسعًا على مواقع التواصل، حيث دشن البعض وسومًا تطالب بالإفراج عنها، في حين انتقد آخرون أسلوب المحتوى الذي كانت تقدمه، معتبرين أنه “لا يليق بالقيم المجتمعية أو القانونية”.
خلفيات مماثلة: ليست الحالة الأولى
قضية هدير عبد الرازق ليست الأولى من نوعها في مصر، إذ سبق للسلطات القضائية أن تعاملت مع حالات مشابهة طالت عدداً من الشخصيات المؤثرة على تطبيقات مثل تيك توك ويوتيوب، ومن أبرز تلك القضايا ما عرف إعلاميًا بقضية “فتاتي التيك توك”، والتي انتهت بأحكام متفاوتة بين السجن والغرامة والإفراج.
وتعكس هذه القضايا توجّه الدولة المصرية إلى فرض رقابة قانونية مشددة على المحتوى المنشور، في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبيرة في طرق التعبير الرقمي وتأثير “البلوغرز” و”الإنفلونسرز” على الرأي العام، خاصة فئة الشباب.

في انتظار كلمة القضاء
وبين الجدل القانوني والشعبي، تبقى الكلمة الأخيرة للقضاء المصري، الذي سيفصل في مصير هدير عبد الرازق خلال الأيام أو الساعات المقبلة، ما بين تأييد الحكم أو إلغائه، أو حتى تأجيل البت لحين اكتمال النظر في الطعن الآخر.
في كل الأحوال، تشكل هذه القضية واحدة من أبرز محاكمات الشخصيات المؤثرة على السوشيال ميديا في مصر، وستحدد نتائجها الكثير من ملامح التعامل المستقبلي مع هذا النوع من القضايا.