تركيا – السابعة الاخبارية
غللو، لا تزال حادثة وفاة الفنانة التركية الشهيرة غللو تتصدر المشهد الإعلامي في تركيا وخارجها، بعد أن لقيت حتفها إثر سقوطها من شرفة شقتها الواقعة في الطابق الخامس بمنطقة تشينارجك يوم 28 أيلول/سبتمبر 2025. في البداية، غلب الغموض على الحادثة، وتناقل رواد مواقع التواصل روايات متضاربة، تراوحت بين فرضية الانتحار، وادعاءات بتعرضها للرمي العمد، وأخرى تحدثت عن سقوط عرضي نتيجة فقدان التوازن.
ومع توالي التحقيقات وظهور أدلة مرئية حديثة، بدأت الصورة تتضح أكثر، مما ساهم في تهدئة الجدل الدائر حول ظروف الوفاة المأساوية.
غللو وتفاصيل اللحظات الأخيرة في حياتها
في تسجيل مصور جرى تداوله مؤخرًا عبر وسائل الإعلام التركية، التُقط بواسطة كاميرات مراقبة منزلية داخل شقة الفنانة، ظهرت غللو في حالة من السعادة والانسجام، تقضي وقتًا ممتعًا مع ابنتها وصديقتها في أجواء وصفت بالعائلية والهادئة. ظهرت وهي ترقص على أنغام موسيقى تركية شعبية، تُعرف باسم “الرومان هافاسي”، وهي موسيقى تُستخدم غالبًا في المناسبات الخاصة، وتُعتبر جزءًا من التراث الشعبي التركي.
وبينما كانت غللو ترقص على الشرفة، فقدت توازنها فجأة، وسقطت من الطابق الخامس، في مشهد مروع وثّقته الكاميرا لحظة بلحظة.
كاميرات المراقبة تُغلق باب التكهنات
منذ اللحظات الأولى لانتشار خبر الوفاة، تضاربت الروايات حول ما جرى. البعض رجّح فرضية الانتحار بسبب ضغوط نفسية أو مهنية، بينما تداول آخرون سيناريو أكثر قسوة، مفاده أن غللو ربما تعرضت للعنف أو الدفع المتعمد من الشرفة.
لكن الفيديو المصور داخل الشقة، والذي تم تسليمه إلى السلطات ضمن إطار التحقيق، قدّم رواية مختلفة تمامًا. فقد أوضح أن السهرة كانت هادئة، ولم يكن هناك أي علامات على وجود شجار أو توتر داخل المكان.
ما زاد من تعقيد الفهم في البداية، هو أن الموسيقى توقفت فجأة لحظة السقوط، ما اعتبره البعض مؤشرًا على حدوث صراع أو شجار. لكن التحقيقات التقنية كشفت أن سبب التوقف يعود إلى خاصية ذكية في نظام الكاميرات، تقوم تلقائيًا بخفض مستوى الأصوات الخلفية (كالموسيقى) والتركيز على الأصوات البشرية لتسهيل المراجعة والتحليل، مما أعطى انطباعًا خاطئًا لدى من شاهدوا الفيديو بدون توضيحات تقنية.
تقرير الطب الشرعي يؤكد: لا عنف ولا شبهة جنائية
لم يكن الفيديو وحده هو الذي أعاد تشكيل فهم الجمهور للحادثة. بل جاء تقرير الطب الشرعي الأولي ليؤكد عدم وجود أي آثار عنف أو ضرب على جسد الفنانة، وهو ما ينفي تمامًا احتمال تعرّضها لأي نوع من الاعتداء الجسدي قبل وفاتها.
أشار التقرير إلى أن سبب الوفاة يعود إلى إصابات جسيمة في الرأس والصدر، نتيجة السقوط من مكان مرتفع، وهو ما يتطابق مع تسجيل الكاميرات. كما كشف التقرير عن أن أرضية الشرفة كانت مبللة بمادة “مايي صابون” (ماء وصابون)، وهو ما جعل السطح زلقًا جدًا وساهم بشكل مباشر في فقدان التوازن.
هذا التفصيل الصغير، لكنه الحاسم، ساعد في تفسير لماذا فقدت الفنانة توازنها أثناء الرقص، رغم أنها لم تكن في حالة سكر أو إعياء، وفقًا لما جاء في التحاليل المرافقة.
شهادة الابنة: “أمي كانت ترقص وسقطت فجأة”
في إفادتها أمام النيابة العامة، أكدت ابنة غللو، التي كانت حاضرة وقت الحادثة، أن والدتها كانت تستمتع بالموسيقى، ترقص بشكل عفوي في الشرفة، ثم انزلقت قدمها وسقطت دون أن تصدر أي صرخة أو تحذير.
وأضافت أن الموسيقى التي كانت تُعزف في تلك اللحظة كانت من اختيارات والدتها المفضلة، وهي دلالة على أن الحالة النفسية للفنانة لم تكن سيئة أو تدعو للشك بأنها كانت تنوي إيذاء نفسها.
كما أشارت إلى أن لا أحد من الموجودين كان على مقربة مباشرة من الشرفة لحظة السقوط، ما يُعزز من فرضية الحادث العرضي.
العائلة ترد على الإشاعات: كفى استغلالًا للحزن
عقب انتشار الفيديو وظهور تكهنات عديدة، خرجت عائلة الفنانة ببيان رسمي عبر محاميهم، دعت فيه وسائل الإعلام والجمهور إلى احترام الخصوصية والتوقف عن تداول الشائعات غير المسؤولة التي تُسيء إلى ذكرى الفنانة وتؤذي مشاعر محبيها.
أكد البيان أن التحقيقات الرسمية لا تزال جارية، وأن العائلة تضع ثقتها الكاملة في القضاء والطب الشرعي، كما شددت على أن أي معلومات يتم تداولها خارج السياق الرسمي تُعد تشويهًا للواقع واستغلالًا للحادثة لأهداف تجارية أو إعلامية.
صدمة في الوسط الفني التركي
خبر وفاة غللو لم يكن مجرد عنوان في الصحف، بل مثّل لحظة صادمة للوسط الفني التركي، وللجمهور العريض الذي تابع مسيرتها الفنية على مدى سنوات طويلة. كانت غللو تُعد من الأسماء البارزة في الفن الشعبي، وتمتلك جمهورًا واسعًا داخل تركيا وخارجها، خصوصًا بين الجاليات التركية في أوروبا.
عرفت بصوتها القوي وأسلوبها الصريح، وكانت تحظى بحب الجمهور من مختلف الفئات الاجتماعية. لذلك، لم يكن غريبًا أن تتحول وفاتها المفاجئة إلى قضية رأي عام، وأن تترك فراغًا كبيرًا في الساحة الفنية.
بين الحقيقة والاحترام: دعوة لوقف الإشاعات
مع توضح تفاصيل الحادثة عبر الفيديو والتحقيقات والتقارير الطبية، يأمل محبو الفنانة أن تتوقف موجة الأخبار الكاذبة والتحليلات العشوائية التي رافقت الساعات الأولى بعد وفاتها. فبين من تحدث عن خلافات شخصية، وآخرين ربطوا الأمر بمشكلات فنية، وبين مَن شكك في مصداقية الجهات الرسمية، ضاعت الحقيقة لفترة قصيرة، قبل أن تعيد الوقائع ترتيب الصورة.
وفاة غللو كانت نتيجة حادث عرضي مأساوي، جمع بين لحظة بهجة وسطح زلق، في وقت لم يتوقع فيه أحد أن تنتهي حياة فنانة محبوبة بهذه الطريقة المؤلمة.
في الختام: وداعًا غللو… صوتٌ سكن الذاكرة
رحلت الفنانة غللو في لحظة سريعة ومفاجئة، لكن صوتها وأغانيها ومكانتها ستبقى في ذاكرة محبيها. ما حدث لم يكن أكثر من مأساة منزلية بسيطة من حيث التفاصيل، لكنها مؤثرة جدًا من حيث النتيجة. ورغم قسوة المشهد، فإن ظهور الحقيقة يُعيد الاعتبار لاسمها ويُنهي الفصول المؤلمة من الإشاعات التي أعقبت وفاتها.
وفي زمنٍ أصبحت فيه الشائعات أسرع من الضوء، تظل الحقيقة الهادئة، المدعومة بالأدلة، الوسيلة الوحيدة للحفاظ على كرامة الراحلين واحترام مشاعر الأحياء.