عمان – السابعة الإخبارية
مسجد.. في خطوة نوعية تجمع بين روح الأصالة والتوجهات العصرية نحو الاستدامة، شهدت محافظة ظفار العُمانية توقيع اتفاقية تنفيذ مشروع مسجد “الخير” باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وذلك في إطار خطة تطوير الواجهة البحرية بمنطقة الدهاريز بولاية صلالة.
ويأتي هذا المشروع ليكون الأول من نوعه في السلطنة من حيث اعتماد أحدث تقنيات البناء الصديقة للبيئة، مجسدًا رؤية حضرية جديدة تعكس الهوية الإسلامية وتستشرف مستقبل العمران.
تعاون محلي برؤية عالمية
ما أوردته وكالة الأنباء العُمانية، سيتولى تنفيذ المشروع شركة “إنوتك عمان” المتخصصة في تقنيات البناء بالطباعة ثلاثية الأبعاد، بالشراكة مع مكتب عدي للعمارة، في تجربة يُنتظر أن تضع محافظة ظفار على خريطة المشاريع العالمية الرائدة في الجمع بين التكنولوجيا والعمارة الإسلامية.
وأكد أحمد بن محسن الغساني، رئيس بلدية ظفار، أن المشروع يمثل نقلة نوعية في مفهوم تطوير المدن، إذ يترجم تطلعات المحافظة نحو تبني واجهات حضرية مبتكرة، تراعي الهوية الثقافية الإسلامية من جهة، وتدمج أحدث توجهات الاستدامة العمرانية من جهة أخرى.
وأضاف أن المسجد لن يكون مجرد مرفق ديني، بل معلم روحاني ومعماري وثقافي بارز على شاطئ الدهاريز، يعزز من جاذبية صلالة كوجهة سياحية عصرية.
الطباعة ثلاثية الأبعاد: اختصار للوقت وحماية للبيئة
وأشار الغساني إلى أن اعتماد تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في تنفيذ المسجد سيسهم بشكل مباشر في تقليل الفاقد من المواد، وتسريع وتيرة البناء، مقارنة بالطرق التقليدية. كما أن هذه التقنية تتيح دمج عناصر الاستدامة في المشروع بشكل فعّال، من خلال الاعتماد على الإضاءة الطبيعية، واستغلال الطاقة المتجددة، واستخدام المواد المحلية الملائمة لظروف المناخ الساحلي.
ولم يغفل المشروع جانب البيئة الطبيعية، حيث ستتم زراعة نباتات مقاومة للملوحة والرياح في محيط المسجد، لتشكيل منظومة خضراء مستدامة تحاكي الطبيعة الساحلية وتحافظ على توازنها.
تصميم معماري بروح معاصرة
من جانبه، أوضح ياسر بن سعيد البرعمي، صاحب فكرة المشروع والممول له، أن التصميم المعماري لمسجد الخير يقوم على فكرة الشريط الحلزوني، الذي يمنح الزوار مسارات مظللة ومساحات خضراء متدرجة، ليخلق تجربة روحانية وجمالية في آن واحد.
كما أشار البرعمي إلى أن قاعة الصلاة البيضاوية ستتميز بوجود عين سماوية في الوسط، تسمح بمرور الضوء الطبيعي بأسلوب معماري فريد، يعزز من أجواء الخشوع والسكينة داخل المسجد. فيما ستستوحي المئذنة تصميمها من الشراع العماني والمبخر التقليدي، متوجة بالهلال الإسلامي، لتجسد الهوية الإسلامية بروح عصرية متجددة.
إلى جانب ذلك، سيعتمد المشروع على تقنيات مبتكرة لتوليد الطاقة من الحركة والرياح والشمس، ما يحول المسجد إلى نموذج حي للتكامل بين الإبداع المعماري والتكنولوجيا الخضراء.

رمز للأصالة والمعاصرة
من المتوقع أن يشكل مسجد الخير عند اكتماله واجهة حضرية وروحانية بارزة لمحافظة ظفار، تعكس التوازن بين الحفاظ على الخصوصية الثقافية والانفتاح على المستقبل. فهو لا يمثل مجرد بناء مسجد تقليدي، بل مشروع يطمح لأن يكون أيقونة معمارية تستقطب الزوار والسياح، وتعيد صياغة صورة صلالة كوجهة مستدامة تحتفي بجذورها وتواكب العالم.
خطوة في مسار المدن الذكية
يمثل المشروع أيضًا جزءًا من التوجه العام في سلطنة عمان نحو المدن الذكية، التي تعتمد على التكنولوجيا في تخطيط وإدارة المرافق العمرانية. فاعتماد الطباعة ثلاثية الأبعاد في بناء مسجد الخير ليس مجرد تجربة هندسية، بل خطوة استراتيجية لفتح الباب أمام تطبيقات مستقبلية تشمل المدارس والمستشفيات والمباني العامة.
انعكاسات اقتصادية وسياحية
إلى جانب البعد الروحاني والمعماري، يتوقع خبراء أن يسهم المشروع في تحفيز القطاع السياحي بظفار، خصوصًا أن المسجد سيصبح أحد أبرز معالم الواجهة البحرية في صلالة. كما أن تبني التكنولوجيا الحديثة في البناء يعزز من تنافسية الشركات العمانية في هذا المجال، ويفتح المجال أمام شراكات إقليمية ودولية في قطاع التشييد المستدام.
مستقبل العمارة الإسلامية
يمثل المسجد الخير نموذجًا جديدًا لتطور العمارة الإسلامية، التي لطالما جمعت بين الجمال الوظيفي والرمزية الروحية. ومع دمج تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والطاقة المتجددة، فإن المشروع يضيف بعدًا مستقبليًا، يؤكد أن العمارة الإسلامية قادرة على التكيف مع تحديات العصر دون أن تفقد هويتها.
يمثل المسجد الخير نموذجًا جديدًا لتطور العمارة الإسلامية، التي لطالما جمعت بين الجمال الوظيفي والرمزية الروحية. ومع دمج تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والطاقة المتجددة، فإن المشروع يضيف بعدًا مستقبليًا، يؤكد أن العمارة الإسلامية قادرة على التكيف مع تحديات العصر دون أن تفقد هويتها.