العراق – السابعة الإخبارية
إياد الطائي.. في مشهد مؤلم يعكس أزمة الفن والفنانين في العراق، رُفع الستار عن السبب الحقيقي لوفاة الفنان العراقي إياد الطائي، الذي فارق الحياة مؤخرًا بعد رحلة فنية طويلة، كانت حافلة بالأعمال الدرامية المؤثرة والواقعية.
لم تكن النهاية بسبب المرض وحده، بل جاء الرحيل نتيجة عجز مالي عن تغطية تكاليف العلاج، حسب ما كشفه أفراد من عائلته في حديث تلفزيوني مؤثر.
عائلة الطائي تكشف المستور
في لقاء تلفزيوني بثته إحدى القنوات العراقية، تحدث أحد أقارب الفنان الراحل بحرقة:”الناس لا تعرف الحقيقة الكاملة… إياد كان يعاني من مرض يحتاج إلى علاج مستمر، لكنه لم يكن يملك المال لتأمينه. كان يحتاج نحو 3 آلاف دولار فقط، ولم نجد من يساعده أو يسأل عنه من الجهات المعنية أو الفنية.”
هذه الكلمات صدمت المتابعين الذين تابعوا مسيرة الطائي لسنوات، خصوصًا وأنه كان من الوجوه الفنية الثابتة في المشهد العراقي، وقدم أعمالاً وطنية واجتماعية لاقت تقديرًا واسعًا لدى الجمهور المحلي والعربي على حد سواء.

تدهور سريع وسط غياب الرعاية
بحسب العائلة، فإن حالة الطائي الصحية تدهورت بسرعة كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة من حياته، وسط غياب أي رعاية صحية حكومية أو دعم من المؤسسات الثقافية أو النقابية. ورغم المحاولات المحدودة للعائلة لتأمين العلاج، إلا أن ضيق ذات اليد وعدم توفر الإمكانيات عجّل بوفاته.
“لم يكن فقط الفنان المبدع، بل كان الأب والإنسان الذي عاش للناس، لكنه توفي في صمت… لم نشعر أن أحدًا قدّر قيمته الحقيقية”، يضيف المتحدث.
تجاهل مؤسسي لفنان كبير
أعربت العائلة عن أسفها الشديد لما وصفته بـ”التجاهل الفني والمؤسسي” الذي واجهه إياد الطائي في أيامه الأخيرة. لم تزر أي جهة فنية أو ثقافية الفنان في مرضه، ولم يصدر أي بيان أو تحرك لدعمه إلا بعد وفاته، وهو ما اعتبره كثيرون خذلانًا لفنان خدم الشاشة العراقية لعقود.
“لا تكفي كلمات التأبين بعد الموت… ما نريده هو كرامة للفنان في حياته، لا بعد رحيله”، هكذا عبّر ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أطلقوا وسم #كرامة_الفنان_أولاً للمطالبة بإصلاح أوضاع الفنانين المتقاعدين أو الذين يعيشون دون دخل ثابت.

من هو إياد الطائي؟
يُعد إياد الطائي من أبرز نجوم الدراما العراقية في العقدين الأخيرين، حيث تنقل بين المسرح والتلفزيون، وقدم شخصيات تركت أثرًا عميقًا لدى الجمهور العراقي، بفضل أسلوبه الواقعي الصادق وأدائه المتزن، الذي جعله قريبًا من الناس.
عرفه الجمهور عبر أدوار متنوعة تراوحت بين الاجتماعي، والتاريخي، والوطني، وكان من الفنانين الذين تمسكوا بالبقاء داخل العراق رغم التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
آخر ظهور فني: “النقيب”
آخر عمل فني ظهر فيه الطائي كان في مسلسل “النقيب“، الذي عُرض خلال العام الجاري 2025. وقدّم فيه دورًا محوريًا ضمن مجموعة ضباط استخبارات عراقيين يُكلفون بمهمة اختراق صفوف تنظيم “داعش” وكشف مخططاته.
العمل، الذي جمع بين الدراما والتشويق الوطني، كان من تأليف جعفر تايه وإخراج وثاب الصكر، وشارك فيه عدد من نجوم الفن العراقي مثل: حيدر أبو العباس، حسن هادي، سامر دشر، سمر قحطان، وعواطف السلمان.
نال المسلسل إشادة واسعة على مستوى السيناريو والإخراج والتمثيل، وكان من آخر اللحظات التي ظهر فيها الطائي بقوة على الشاشة، مؤديًا دورًا يعكس تاريخه الفني العريق.
ردود فعل حزينة وغاضبة
منذ إعلان وفاه إياد الطائي، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي برسائل الحزن والغضب، حيث عبّر الفنانون والجمهور عن خيبة أملهم في تعامل الدولة والمؤسسات الفنية مع رموز الفن العراقي.
كتب أحد الفنانين على صفحته:”إياد الطائي لم يكن مجرد ممثل، بل قيمة فنية عراقية رحلت بصمت… وما حدث معه وصمة عار على جبين من تجاهله.”
كما طالب آخرون بتأسيس صندوق لدعم الفنانين المرضى، وتعديل نظام الرعاية الصحية والتقاعدية للمبدعين، حتى لا تتكرر المأساة مع فنانين آخرين يعانون في الخفاء.

الخلاصة: وفاة تكشف أزمة أكبر
ليست مأساة إياد الطائي حدثًا فرديًا، بل هي مرآة لواقع مؤلم يعيشه الفنانون في العراق، حيث لا وجود لنظام صحي أو دعم مؤسسي يحفظ كرامتهم في المرض والشيخوخة. رحيله كشف الغطاء عن أزمة تحتاج إلى تدخل عاجل، ليس فقط لتكريم الطائي، بل لضمان ألا يرحل فنان آخر بصمت ووجع وفقر.
رحم الله إياد الطائي، وأسكنه فسيح جناته، وعلّ هذا الرحيل يكون بداية لمراجعة حقيقية لواقع الفنان العراقي.