سوريا – السابعة الاخبارية
نانسي خوري، في زمن تتداخل فيه المشاعر مع الواقع وتغمر الدراما البيوت العربية بتفاصيل من الحياة اليومية، يبرز مسلسل “سلمى” كأحد الأعمال التي تمكّنت من ملامسة القلوب، لا بمجرد الحكاية، بل من خلال الأداء الصادق لأبطاله، وعلى رأسهم الفنانة السورية نانسي خوري، التي خطفت الأنظار وأثارت تعاطف الجمهور بشخصية “هيفا”، المرأة التي اختزلت في قصتها آلام شريحة واسعة من النساء المكافحات.
وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا مقطعًا مؤثرًا نشرته نانسي خوري عبر صفحتها الرسمية على “إنستغرام”، من كواليس أحد المشاهد، ظهرت فيه وهي تبكي بحرقة أثناء احتضانها لابنها ضمن أحداث المسلسل، ما أثار موجة من التعاطف والتفاعل الكبير مع المشهد.
نانسي خوري… دموع خلف الكاميرا تعكس صدق الأداء
الفيديو الذي شاركته خوري لم يكن مجرد مشهد تمثيلي، بل لحظة إنسانية صادقة، كشفت فيها عن مدى تأثرها بتجربتها كممثلة، وتحديدًا أثناء تصوير أحد المشاهد العاطفية. ظهرت خوري في اللقطة تحتضن طفلها في العمل، وبدت عاجزة عن كبح دموعها، بينما كانت تعيش الدور بكل ما فيه من وجع أمومة وحنين وغصة.
وكتبت نانسي في تعليقها على الفيديو:
“عشت مع هيفا أصعب شي ممكن أي أم تعيشو.. زعلتني اليوم متل ما ضحكتني مبارح.. ورجعتلي نفس المشاعر يلي عشت تفاصيلا بوقت تصوير المشهد، آسفة على الدموع لأن حتى أنا بكيت.”
هذا الاعتراف الصادق من فنانة تُعرف برصانتها، كان كفيلًا بإشعال مشاعر المتابعين الذين أبدوا تعاطفًا كبيرًا، ليس فقط مع نانسي كممثلة، بل مع هيفا كامرأة وأم تعيش واقعًا مأساويًا ينعكس بمرآة صادقة في مشاهد المسلسل.
جمهور يتأثر ويتفاعل: هل تنصف الحكاية “هيفا”؟
الفيديو لاقى تفاعلًا واسعًا عبر مختلف منصات التواصل، حيث تخطى عدد المشاهدات والتعليقات الآلاف خلال ساعات. وتنوعت الردود بين من أشاد بصدق إحساس نانسي خوري وأدائها الطبيعي، وبين من تساءل عن تطورات شخصية “هيفا”، متأملين أن تنال نصيبها من العدالة والفرح بعد المعاناة الطويلة.
عدد كبير من المتابعين عبّر عن تأثره الشديد بالمشهد، وكتب أحدهم: “دموعك خلتنا نحس إنو القصة حقيقة مش تمثيل.” فيما تساءل آخرون: “هل راح ترجع هيفا تشوف ابنها؟ لازم نهاية حلوة لهالقصة الموجعة.”
“هيفا”.. المرأة الشعبية التي تتحدى الحياة
في مسلسل “سلمى”، تؤدي نانسي خوري شخصية “هيفا”، وهي نموذج نسائي مألوف في مجتمعاتنا، لكنه قلّما يُعرض بهذه الواقعية والبساطة. هيفا امرأة من الطبقة الشعبية، تعيش ضمن بيئة الحارات الدمشقية، وتواجه الحياة بمرونة امرأة اعتادت على الخسارات، لكن لم تفقد يومًا إيمانها بأنها قادرة على النهوض مجددًا.
هيفا ليست بطلة خارقة، ولا امرأة حالمة. هي شخصية تتّسم بالعفوية والواقعية، تسير بين الناس بحقيقتها، وتتحمّل الأعباء اليومية بقوة امرأة اعتادت على الصبر. ومن خلال علاقتها بابنها، تتجلى ملامح الأمومة المنهكة التي تتألم بصمت، وتحارب لتأمين حياة كريمة لفلذة كبدها.
نانسي خوري… التعلق بالشخصية والتماهي مع وجعها
في مقابلاتها وتصريحاتها، لطالما أكدت نانسي خوري أن “هيفا” من أقرب الشخصيات إلى قلبها، ليس فقط من حيث الأداء الفني، بل من حيث الارتباط الوجداني بتفاصيلها. فهي ترى فيها نموذجًا للنساء اللواتي يحملن العالم على أكتافهن دون أن يشعر بهن أحد.
وأكدت خوري مرارًا أن التحضير للدور لم يكن مجرد حفظ حوار، بل رحلة داخل الذات، لاكتشاف مشاعر الأمومة، والإحساس بالانكسار، والحرمان، والكرامة، والحرقة. وقالت في أحد منشوراتها: “هيفا مو بس شخصية، هي حالة، وجع، أم، أنثى، كل وحدة بتشبهها بطريقة.”
“سلمى”.. دراما نسائية من قلب الحارة
يأتي مسلسل “سلمى” في إطار دراما اجتماعية معاصرة، تتمحور حول قضايا المرأة في الحارات الشعبية. العمل لا يكتفي بسرد قصة بطلة واحدة، بل يستعرض مجموعة من القصص التي تعكس وجوهًا متعددة للأنثى العربية، من خلال شخصيات تتفاوت في القوة والضعف، في الوعي والانكسار، في الحب والخوف.
تدور القصة الرئيسية حول “سلمى”، أم شابة فُقد زوجها في ظروف غامضة، وتجد نفسها مضطرة لتربية طفليها وحدها، في ظل مجتمع لا يرحم. وبين الخوف من المجهول، وصراع الحفاظ على الكرامة، تنسج الأحداث خيوط درامية مشوقة.
من البطلات إلى الجمهور.. رسائل في كل مشهد
يضم المسلسل نخبة من نجوم الدراما العربية، بينهم مرام علي، نيقولا معوض، ستيفاني عطا الله، تقلا شمعون، ونانسي خوري، حيث يجتمع الأداء العالي مع النص الواقعي، لصناعة عمل يلامس حياة الناس، دون افتعال أو مبالغة.
يتميّز “سلمى” بطرحه لقضايا حساسة مثل الأمومة المنفردة، العنف النفسي، الفقر، الفقد، والخيبة العاطفية. ومع ذلك، لا يغرق العمل في السوداوية، بل يعكس الجانب المضيء من شخصية المرأة التي تقاوم وتحلم وتحاول.
صدق الأداء يصنع الفرق
ما ميّز مشهد نانسي خوري الأخير، وما جعله يتصدر النقاشات على السوشيال ميديا، هو الصدق العاطفي. ففي عصر تُصنع فيه المشاعر بالعدسات والفلاتر، جاء أداء خوري طبيعيًا وعفويًا حدّ الإيلام، وهو ما جعله قريبًا من الناس.
هذا المشهد، وإن كان لا يتجاوز الدقيقة في زمنه، إلا أنه حمل مشاعر عمر، وطرح تساؤلات حول علاقة الأم بابنها، وحقها في الحنان، ومخاوفها من الفقد، وأوجاعها المخبأة خلف “ابتسامة الأمهات العاديات”.
جمهور ينتظر مصير “هيفا”
مع تصاعد الأحداث في المسلسل، يترقّب الجمهور مصير “هيفا” بشغف، متسائلين إن كانت الحكاية ستكافئها بنهاية تليق بتضحياتها، أم أنها ستُترك لمواجهة واقعها وحدها كما الكثير من النساء في الحقيقة.
وبين مؤيد لنهاية عادلة، وآخر يطالب بالواقعية حتى لو كانت قاسية، تبقى شخصية هيفا من أكثر الشخصيات التي أثارت التفاعل والمشاعر في العمل، بفضل الأداء المتمكن لنانسي خوري، التي استطاعت أن تحوّل الدور إلى أيقونة للمرأة الحقيقية، الأم التي لا تبكي أمام الناس، لكنها تنهار حين تختلي بنفسها.
الختام: مشهد واحد.. يكشف الحقيقة كلها
في مشهد واحد، استطاعت نانسي خوري أن تقول الكثير دون كلمات: أن الأمومة ليست سهلة، أن الحنين لا يموت، وأن المرأة التي تبدو قوية من الخارج، تحمل في داخلها جبالًا من الألم.
مسلسل “سلمى” لم يأتِ ليقدّم حكاية جديدة، بل ليقول الحقيقة كما هي. أما نانسي خوري، فكانت الصوت الذي صدح من قلب كل أم مقهورة، وكل امرأة مقاتلة، وكل إنسانة قررت أن تحب رغم الخيبات.