تركيا – السابعة الاخبارية
بطلة مهند ونور، في خطوة غير متوقعة شكلت مفاجأة لعشاق الدراما التركية، أعلنت النجمة سونغول أودن، المعروفة عربياً بشخصية “نور” بطلة مهند ونور، عن إصدار أول مؤلف أدبي لها بعنوان “أشرف المخلوقات”.
الكتاب يمثل تجربة جديدة للفنانة التي اشتهرت بتجسيد الشخصيات الرومانسية والدرامية، لتكشف من خلاله عن وجهها الأدبي الإنساني والفلسفي، وتؤكد أن الفن بالنسبة إليها لا يقتصر على الشاشة فقط، بل يمتد إلى الكلمة والفكر.
بطلة مهند ونور.. رحلة من الشاشة إلى الكتابة
سونغول أودن، التي تعد من أبرز نجمات الدراما التركية في العقدين الأخيرين، عُرفت بشغفها الكبير بالفنون المختلفة، سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما. لكن قلة فقط كانوا يعرفون أنها تكتب منذ سنوات، تحتفظ بمذكراتها وملاحظاتها الخاصة عن الإنسان والحياة والوجع والبحث عن الذات.
ويبدو أن مرحلة الأمومة التي عاشتها مؤخرًا كانت دافعًا قويًا لترجمة هذا الشغف إلى عمل أدبي كامل يحمل اسم “أشرف المخلوقات”.
الكتاب صدر عن دار “إلتشيم” للنشر، ويضم مجموعة من القصص القصيرة التي كتبتها أودن بأسلوب شاعري عميق يمزج بين الفلسفة والوجدان. ومن المقرر أن يُطرح رسميًا في 17 أكتوبر/تشرين الأول، وسط اهتمام إعلامي واسع في الأوساط الثقافية والفنية التركية والعربية.
“أشرف المخلوقات”.. تأملات في الإنسان وتناقضاته
العمل الجديد ليس رواية تقليدية أو مجموعة حكايات عادية، بل هو رحلة فكرية في أعماق الإنسان.
تتناول أودن في كتابها التناقضات التي يعيشها البشر بين النور والظلام، بين الحب والخوف، وبين الرغبة في الحياة والشعور بالاغتراب. وقد استخدمت لغة شاعرية رقيقة تنبض بالحياة، وتعكس رؤيتها العميقة لما تسميه “جمال الكائن الإنساني رغم ضعفه”.
العنوان نفسه “أشرف المخلوقات” يحمل دلالة رمزية، فهو إشارة إلى قيمة الإنسان في الكون، لكنه أيضًا تساؤل فلسفي حول مدى حفاظ الإنسان على إنسانيته في عالم تتغلب فيه الماديات.
ويُنتظر أن يثير العمل نقاشًا أدبيًا وفكريًا واسعًا حول مضمون الرسائل التي تطرحها الكاتبة في صفحات كتابها الأول.
الأمومة والإبداع.. وجهان لرحلة واحدة
بعد أن رزقت سونغول أودن بابنتها “سوني لارين” قبل نحو عام ونصف، تغيّر الكثير في حياتها الشخصية والمهنية. وقد صرّحت في أكثر من مناسبة أن الأمومة جعلتها أكثر هدوءًا وتأملًا، ومنحتها إحساسًا جديدًا بالمسؤولية والحب غير المشروط.
ومن هنا، جاء إهداؤها الكتاب إلى ابنتها الصغيرة، في لفتة رمزية تعبّر عن الرابط العميق بين الأم والإبداع.
تقول سونغول في مقدمة الكتاب، وفق ما تناقله بعض الصحفيين الأتراك:
“هذا الكتاب لابنتي، لعلها يومًا تقرأه وتفهم كم أحببت الحياة والإنسان رغم قسوتهما.”
هذه الجملة تختصر فلسفتها الجديدة: الأمومة ليست فقط رعاية، بل مصدر إلهام وتحفيز على التعبير عن الذات بصدق وعمق.
الكتاب بين الفن والأدب: تجربة فنية شاملة
الكتاب الجديد يمثل تتويجًا لمسيرة سونغول أودن المتنوعة في الفنون. فمنذ بدايتها في المسرح قبل أكثر من عشرين عامًا، عُرفت بقدرتها على تجسيد مشاعر متناقضة وأداء أدوار إنسانية مركبة.
وها هي اليوم تنقل تلك الحساسية الفنية من الشاشة إلى الورق، لتقدم تجربتها بلغة جديدة.
النقاد في تركيا اعتبروا أن “أشرف المخلوقات” يكرّس تحول سونغول من ممثلة إلى “مفكرة فنية”، تجمع بين الحس الإبداعي والخبرة الحياتية.
وقد أشاد بعضهم بأسلوبها الأدبي الذي يمزج بين المشهد البصري والخيال الداخلي، مؤكدين أن خلف الممثلة الرقيقة كاتبة تمتلك قدرة على تحليل النفس البشرية بذكاء.
سونغول أودن.. من “نور” إلى “نساء حائرات” وصولًا إلى “المكتب”
سونغول أودن ليست غريبة عن التنوع في الأدوار، فقد اشتهرت عربياً من خلال دورها في مسلسل “نور ومهند” الذي حقق انتشارًا هائلًا في العالم العربي منتصف العقد الأول من الألفية، وجعلها واحدة من أكثر الممثلات التركيات شهرة في الشرق الأوسط.
ثم قدّمت لاحقًا أعمالًا قوية مثل “نساء حائرات” و**”حياة جديدة”** و**”تحت الأرض”**، أثبتت فيها قدرتها على الانتقال بين الدراما الاجتماعية والنفسية والكوميديا السوداء.
ومع كتابها الأدبي الجديد، تعود سونغول هذا العام أيضًا إلى الشاشة من خلال مشروع درامي مختلف تمامًا بعنوان “Büro”، أي “المكتب”، وهو من إنتاج AC Film وتأليف كانر أوزيرتلو وفولكان أوجي.
يتألف العمل من 8 حلقات قصيرة، وتدور أحداثه في بيئة مكتبية غريبة تملؤها المواقف غير المتوقعة، في مزيج يجمع بين الرعب والكوميديا بطريقة غير تقليدية.
“المكتب”.. كوميديا سوداء بنكهة تركية
المسلسل الجديد الذي يعرض قريبًا على إحدى المنصات الرقمية، لا يشبه نسخة “The Office” العالمية كما افترض البعض، بل يقدم تجربة تركية فريدة تعتمد على سرد منفصل في كل حلقة، حيث تروي كل قصة ضمن المكتب حكاية مختلفة عن الآخر.
كل حلقة تحمل طابعًا مستقلًا يجمع بين السخرية والتوتر، ما يجعل العمل أقرب إلى دراما قصيرة متعددة الأوجه.
ويشارك النجم بارتو كوتشوكشاغلايان في البطولة إلى جانب سونغول أودن، وهو تعاون جديد ينتظره الجمهور التركي والعربي بشغف، خصوصًا بعد أن نجح بارتو في أعمال درامية قوية خلال السنوات الماضية.
من التمثيل إلى الفلسفة.. ملامح مرحلة جديدة في مسيرة سونغول أودن
تبدو سونغول أودن اليوم في مرحلة مختلفة من حياتها الفنية والإنسانية.
فبعد النجاح الكبير الذي حققته في الدراما، قررت أن تتعمق أكثر في الذات الإنسانية من خلال الكتابة.
الخطوة ليست مجرد تجربة أدبية، بل انعكاس لتطور فكري ووجداني لدى الفنانة التي لطالما تحدثت عن أهمية “الروح في الفن”، معتبرة أن كل فنان حقيقي يجب أن يبحث عن معنى أعمق لما يقدمه.
وتشير تصريحات المقربين منها إلى أنها تفكر بالفعل في تحويل بعض قصص الكتاب إلى عمل بصري قصير، ربما على شكل سلسلة من الأفلام القصيرة أو أعمال وثائقية تمزج بين الفن والأدب.
الجمهور العربي يترقب ترجمة الكتاب
بفضل شهرتها الكبيرة في العالم العربي، من المتوقع أن يشهد كتاب “أشرف المخلوقات” اهتمامًا خاصًا من القراء العرب، خاصة أولئك الذين تابعوا مسيرتها منذ بدايتها في “نور ومهند”.
وقد بدأ العديد من الناشرين في المنطقة العربية بالفعل بالتواصل مع دار النشر التركية لبحث إمكانية ترجمة الكتاب إلى العربية، خصوصًا أن مضامينه الإنسانية تتجاوز الحدود الثقافية واللغوية.
سونغول أودن.. بين الأمس واليوم
من فتاة شابة دخلت عالم التمثيل في بداياتها بشغف، إلى أم وكاتبة وممثلة ناضجة، تمثل سونغول أودن اليوم نموذجًا للفنانة التي لا تكتفي بالنجاح الفني، بل تبحث عن أثر إنساني أعمق.
رحلتها من أمام الكاميرا إلى صفحات الكتاب، ومن أضواء الشهرة إلى عزلة الكتابة، تجسد تحولاً حقيقيًا نحو النضج الفني والروحي.
وفي وقت يركّز فيه كثير من الفنانين على البريق والمظاهر، اختارت أودن أن تتجه نحو الداخل، إلى الفكر والكلمة، لتقدم تجربة أصيلة تعبّر عن رؤيتها الخاصة للعالم والإنسان.
خاتمة: “أشرف المخلوقات” بداية فصل جديد
إصدار سونغول أودن لكتابها الأول يمثل أكثر من إنجاز أدبي، إنه إعلان عن ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتها.
مرحلة تجمع بين الأمومة والكتابة والفن، وبين العمق الإنساني والإبداع الفني.
سواء في كتابها أو في مسلسلها الجديد “المكتب”، تبدو سونغول واثقة من خطواتها، مصممة على أن تظل حاضرة في وجدان الجمهور، ولكن هذه المرة، ليس فقط كممثلة، بل ككاتبة تمتلك رؤيتها الخاصة للعالم.