لبنان – السابعة الاخبارية
إليسا، في وقتٍ لا يزال فيه الفنان فضل شاكر يشغل الرأي العام اللبناني والعربي، جاءت تصريحات الفنانة إليسا لتُشعل نقاشًا واسعًا بين الجمهور، بعدما عبّرت عن تعاطفها الإنساني مع شاكر، مؤكدة أنه لا يزال من أهم الأصوات في العالم العربي، رغم كل ما مرّ به من ظروف سياسية وأمنية معقّدة منذ عام 2013.
هذه المواقف، التي وُصفت بـ”الجرأة الصادقة”، أعادت طرح اسم فضل شاكر من زاوية مختلفة: زاوية الفن والوجدان، لا فقط القانون والسياسة.
إليسا: فضل شاكر من أهم الأصوات… وحديثٌ من القلب يفتح باب الجدل من جديد
خلال مقطع فيديو انتشر بسرعة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت إليسا تُعبّر عن رأيها في فضل شاكر بكل وضوح، قائلة:
“أنا بعدني بقول إنه فضل شاكر من أهم الأصوات بالوطن العربي، وبشفق عليه، لأنه أكيد كان عنده ظروفه الخاصة اللي دفعته يعمل هيك”.
وتابعت، في حديثها الذي طغت عليه لهجة عاطفية بعيدًا عن الاتهام أو الدفاع:
“ما بدي لومه متل ما غيري بيعمل، بس بقول إنه فضل خسارة كبيرة”.
هذا التصريح لم يمر مرور الكرام، بل أثار موجة من التعليقات والانقسام بين متعاطفين مع الموقف ومُعارضين له، وسط تفاعل لافت من جمهور إليسا المعروف بدعمه لمواقفها الجريئة.
صدمة البعض وتعاطف البعض الآخر
ردود الفعل على تصريح إليسا تراوحت بين من وجد فيه موقفًا إنسانيًا يعكس الوعي والنُضج العاطفي، وبين من اعتبره نوعًا من التبرير الضمني لمواقف فضل شاكر السابقة.
ففي حين أشاد البعض بـ”صدق إليسا وإنسانيتها”، رأى آخرون أن توقيت الحديث حساس، وقد يُفهم على أنه تسييس للفن، أو انحياز لطرف لا تزال الشبهات القانونية تحوم حوله.
لكن مهما كانت التفسيرات، يبقى الموقف لافتًا في مضمونه وتوقيته، لا سيما أن إليسا معروفة بعدم ترددها في التعبير عن رأيها بصراحة، سواء في السياسة، أو الفن، أو قضايا المجتمع.
فضل شاكر: الصوت الذي غاب وظل حاضراً
منذ بداية الألفية، كان اسم فضل شاكر يلمع في سماء الأغنية العربية. بصوته الشجي، وأدائه الرومانسي، وأغانيه التي رسخت في وجدان الجمهور العربي، مثل “يا غايب”، و”لو على قلبي”، و”أنسى روحي وياك”.
لكن منذ اندلاع أحداث عبرا عام 2013، اختفى فضل شاكر عن الساحة الفنية كليًا، بعد أن ارتبط اسمه بتيار ديني متشدد، وأصبح مطلوبًا للعدالة بتهم تتعلق بالمشاركة في أعمال مسلحة ضد الجيش اللبناني، قبل أن يُسقط القضاء جزءاً من هذه التهم في وقت لاحق.
رغم الغياب، لم يغب صوته عن الجمهور. كان هناك حنين دائم إلى فنّه، وشبه إجماع على أنه يمتلك خامة صوتية نادرة في العالم العربي، حتى من أولئك الذين عارضوا مساره السياسي أو مواقفه الدينية في تلك الفترة.
عودة فضل شاكر: مفاجأة وتساؤلات
في تطوّر غير متوقّع، سلّم فضل شاكر نفسه مؤخرًا إلى الجيش اللبناني عند مدخل مخيم عين الحلوة، بعد أكثر من 13 عامًا من التخفي والعزلة داخل المخيم.
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أن شاكر، واسمه الحقيقي فضل عبد الرحمن شمندر، أصبح رسميًا بعهدة مديرية المخابرات، وسيُحقّق معه بإشراف القضاء المختص، ما فتح باب التساؤلات مجددًا حول مصيره القانوني، وإمكانية العودة إلى الساحة الفنية لاحقًا.
هذا الحدث أعاد شاكر إلى الواجهة، لا فقط كـ”قضية سياسية أو أمنية”، بل كإنسان وفنان عاش تجربة استثنائية تجمع بين السقوط والتراجع، والندم وربما التوبة.
فضل شاكر في كلماته: مظلوم لا هارب
قبل أشهر من تسليم نفسه، كان فضل شاكر قد نشر بيانًا قال فيه إنه “تعرّض للظلم لأكثر من 13 عامًا”، مؤكدًا أن لجوءه إلى المخيم كان بدافع الخوف من التصفية الجسدية، وليس هروبًا من العدالة.
وأضاف أن كل القضايا الموجهة ضده “كانت نتيجة تصفية حسابات سياسية”، معتبرًا أنه لم يُشارك مباشرة في القتال، وأنه ضحية لاصطفافات طائفية وسياسية دفع ثمنها.
تصريحاته هذه لم تُقنع كل الأطراف، لكنها طرحت تساؤلات حول إمكانية إعادة النظر في ملفه من زاوية قضائية وإنسانية، خصوصًا بعد أن بدا واضحًا أنه يسعى لتسوية أوضاعه بشكل رسمي.
إليسا و”كلمة الحق”: بين الفن والموقف
تصريحات إليسا ليست الأولى من نوعها، فهي لطالما عُرفت بمواقفها العلنية تجاه قضايا وطنية، إنسانية، وحتى سياسية. إلا أن ما يميز حديثها عن فضل شاكر هذه المرة هو الابتعاد عن الأحكام المسبقة، وترك مساحة للرحمة والشفقة، من دون تبرير أو تبنٍّ لموقفه.
ما قالته إليسا عن شاكر يُمكن أن يُقرأ كمحاولة لفصل الإنسان عن الفعل، والفن عن السياسة، ضمن حدود أخلاقية وإنسانية دقيقة.
وهو ما عبّرت عنه بتوازن حين قالت:
“ما بدي لومه… بس بقول إنه فضل خسارة كبيرة”.
العبارة تعكس مرارة فنية وإنسانية، يشعر بها كثير من جمهور فضل شاكر ممن كانوا يتمنّون ألا يضيع هذا الصوت في متاهات الصراعات.
فضل شاكر: بين التوبة والمستقبل الغامض
المشهد اليوم يُظهر فضل شاكر في وضع غير محسوم: فبينما هو في قبضة القضاء اللبناني، تتجه الأنظار إلى الأحكام القضائية القادمة، وما إذا كانت ستمنحه فرصة العودة للحياة المدنية والفنية، أم أنّ الطريق أمامه سيظل مقطوعًا بحواجز الماضي.
من جهة أخرى، تُطرح أسئلة كثيرة:
- هل يمكن للفنان أن ينفصل عن ماضيه السياسي؟
- هل يتقبّل الجمهور “عودة فنية” لصوت لطالما أحبّه، رغم ما دار حوله من جدل؟
- وهل تُمهّد مواقف مثل تلك التي أطلقتها إليسا، لإعادة فتح هذا الباب؟
خاتمة: بين الغفران والمحاسبة… ضمير الفن لا يصمت
ما بين المواقف القانونية، والحسابات السياسية، والحقائق الفنية، يبقى صوت فضل شاكر أحد أهم الأصوات في العالم العربي خلال العقدين الماضيين.
وما قالته إليسا، بصدق وعفوية، قد لا يكون حكمًا، بل مرآة لما يشعر به كثيرون في داخلهم: حنين إلى فنٍّ صادق، ومرارة من قرارات مصيرية غيّرت حياة إنسان، وأثّرت في جمهورٍ واسع.
الجدل لن ينتهي قريبًا، لكن تصريح إليسا يُظهر مرة أخرى أن الفنان، حين يتحدّث بلسان القلب، يُشعل حوارًا لا يكتفي بالإدانة أو الدفاع، بل يُحرّك الضمير الجمعي ويُثير التفكير.