اليمن – السابعة الإخبارية
في واقعة مأساوية صدمت المجتمع اليمني وأثارت موجة واسعة من الغضب والحزن، أقدم رجل في الخمسينات من عمره على قتل ثلاثة من أبنائه بالرصاص الحي في محافظة ريمة غربي اليمن، فيما نجت ابنته الرابعة من الموت بعد إصابتها بطلق ناري، لتكون الشاهدة الوحيدة على واحدة من أبشع الجرائم الأسرية في البلاد خلال العام الجاري.
ووفقًا لمصادر محلية، فإن الحادثة وقعت في مديرية مزهر مساء الأحد، حينما عاد الأب من زيارة عائلية تقليدية تُعرف محليًا باسم “ردة الجد”، قبل أن يُفاجئ أفراد أسرته بإطلاق النار عليهم داخل المنزل دون أي مقدمات واضحة

تفاصيل ليلة المأساة
تشير الروايات الأولية إلى أن الجاني، الذي عاد إلى اليمن قبل نحو شهر فقط بعد غياب استمر لسنوات طويلة في الخارج، كان قد تزوج مؤخرًا من امرأة ثانية، وبدت حياته تسير بشكل طبيعي حتى لحظة وقوع الجريمة.
وبحسب شهود عيان، فقد ساد الهدوء المنزل حتى ساعات متأخرة من الليل، قبل أن يسمع الجيران دوي إطلاق نار كثيف، تبين لاحقًا أنه صادر من داخل بيت العائلة.
وأسفرت الجريمة عن مقتل ثلاثة من الأبناء: شابين في الثلاثينيات والعشرينات من العمر، وفتاة في بداية العشرينات، فيما أصيبت الابنة الرابعة منى (25 عامًا) برصاصة في كتفها أثناء محاولتها الهرب من المشهد المروع، لتنجو بأعجوبة بعدما لجأت إلى أحد منازل الجيران طلبًا للنجدة.
ويقول أحد الجيران في شهادته لوسائل الإعلام المحلية: “كنا نظن أن الأمر مشاجرة عادية داخل المنزل، لكننا فوجئنا بمنى تصرخ وتطلب المساعدة، وعندما دخلنا رأينا أبناءه غارقين في دمائهم.”
القبض على الجاني وتسليمه للسلطات
بعد لحظات من وقوع الجريمة، تمكن عدد من الأهالي من تطويق المنزل والسيطرة على الأب المسلح قبل أن يفرّ هاربًا، حيث تم تسليمه إلى الجهات الأمنية في محافظة ريمة، تمهيدًا لبدء التحقيقات الرسمية ومعرفة ملابسات الجريمة ودوافعها.
ولم تصدر السلطات اليمنية حتى الآن بيانًا رسميًا حول الحادثة، لكن مصادر قريبة من التحقيق أكدت أن المتهم أقرّ بإطلاق النار على أبنائه، دون أن يتمكن من توضيح الأسباب التي دفعته إلى ذلك التصرف الدموي، فيما رجّحت المصادر أن يكون الجاني يعاني من اضطرابات نفسية وضغوط معيشية شديدة بعد عودته من الغربة.

الاضطرابات النفسية تحت المجهر
وبحسب مقربين من العائلة، فإن الأب كان يعاني خلال الأسابيع الأخيرة من نوبات اكتئاب حادة وتوتر دائم، خاصة بعد عودته من الخارج وعدم قدرته على التأقلم مع الظروف المعيشية الصعبة في اليمن.
وأشار أحد أقاربه إلى أن الضغوط المالية ومشكلات أسرية متراكمة ربما كانت الشرارة التي فجّرت المأساة، خصوصًا بعد زواجه الثاني الذي تسبب في خلافات داخل العائلة.
ويرى خبراء اجتماعيون أن الجريمة تعكس حالة الانهيار النفسي والاجتماعي التي يعيشها كثير من الأسر اليمنية، نتيجة الحروب المتواصلة والوضع الاقتصادي المتدهور، ما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في حالات العنف الأسري والانتحار خلال السنوات الأخيرة.
تصاعد جرائم العنف في ريمة
محافظة ريمة، التي كانت تُعرف بهدوئها النسبي، شهدت مؤخرًا ارتفاعًا ملحوظًا في حوادث القتل الأسري خلال الأشهر الماضية، وفق تقارير محلية.
ويُرجع ناشطون هذا التصاعد إلى انتشار السلاح بشكل عشوائي، إلى جانب ضعف الوعي المجتمعي بخطورة الاضطرابات النفسية، وغياب مراكز الدعم والإرشاد الأسري في المناطق الريفية.
وطالب ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي السلطات اليمنية والمنظمات الإنسانية بضرورة إطلاق حملات توعية مجتمعية، وتعزيز برامج الصحة النفسية، خصوصًا للرجال العائدين من الغربة أو أولئك الذين يمرون بظروف معيشية قاسية.
دعوات لمحاسبة الجاني وحماية الأسر
أثارت الجريمة موجة من الحزن العميق والغضب الشعبي، وامتلأت مواقع التواصل بتعليقات تدعو إلى محاسبة القاتل وإنزال أقصى العقوبات به، مع التأكيد على ضرورة دراسة الأسباب النفسية والاجتماعية التي أدت إلى وقوع الكارثة.
وكتب أحد الناشطين: “هذه ليست جريمة فقط، بل جرس إنذار يذكّرنا بمدى هشاشة الواقع النفسي للمجتمع اليمني.”
فيما عبّر آخرون عن أسفهم من غياب الدعم النفسي للأسر في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، معتبرين أن ما حدث “نتاج طبيعي لتراكم الضغوط دون تفريغها أو معالجتها”.

صدمة إنسانية تهز اليمن
تُعيد هذه المأساة إلى الأذهان سلسلة من الحوادث المشابهة التي شهدتها مناطق يمنية مختلفة خلال العامين الماضيين، حيث سجلت منظمات محلية ارتفاعًا بنسبة 35% في جرائم العنف الأسري، وغالبًا ما يكون السبب وراءها اضطرابات نفسية أو خلافات مالية حادة.
وبينما تواصل السلطات تحقيقاتها لمعرفة تفاصيل الجريمة ودوافعها، لا تزال القصة تثير حزنًا واسعًا وتعاطفًا كبيرًا في الشارع اليمني والعربي، وسط دعوات لتشديد الرقابة على حمل السلاح، وتوفير خدمات علاج نفسي للأسر المعرضة للضغوط، منعًا لتكرار مثل هذه المآسي.