أمريكا – السابعة الإخبارية
بعد أسابيع قليلة من إطلاقها سماعات AirPods Pro 3، بدأت شركة آبل الأمريكية التحضير مبكرًا للجيل الجديد من سماعاتها الذكية، في خطوة تشير إلى أن الشركة العملاقة تمضي بخطة طموحة لتحويل هذه الأجهزة الصغيرة إلى منصات تكنولوجية متكاملة تجمع بين الأداء العالي، والمزايا الصحية، والذكاء الاصطناعي المتطور.
فبحسب تقرير صادر عن الصحفي الشهير مارك جورمان من وكالة “بلومبرغ”، تعمل آبل في الوقت الحالي على تطوير شريحة جديدة تحمل اسم H3، ستُشكل القلب النابض للجيل المقبل من سماعات AirPods، بهدف تحسين جودة الصوت بشكل كبير وتقليل زمن التأخير بين الصوت والجهاز، إلى جانب زيادة كفاءة الاتصال اللاسلكي وتوفير تجربة استماع أكثر سلاسة.

جيل جديد من الذكاء داخل الأذن
ووفقًا للتسريبات، فإن تركيز آبل في المرحلة القادمة لم يعد ينصب فقط على تحسين الأداء الصوتي، بل يمتد إلى دمج وظائف صحية وذكاء اصطناعي متطور داخل السماعات نفسها.
حيث تعمل الشركة على تطوير الجيل الخامس من سماعات AirPods العادية بالتوازي مع طراز Pro الجديد، لكن الاهتمام الأكبر ينصب على توسيع قدراتها لتصبح جزءًا أساسيًا من منظومة آبل للصحة والذكاء الشخصي.
ومن بين المزايا المتوقع أن تظهر لأول مرة في هذا الجيل، مستشعر مدمج لقياس درجة الحرارة من داخل الأذن، وهي خطوة تُكمل الدور الصحي الذي تقوم به ساعة Apple Watch، وتمنح المستخدم بيانات دقيقة تساعد في مراقبة حالته الصحية بشكل مستمر.
وبهذا التطوير، تتجه آبل نحو رؤية جديدة تجعل من سماعات الأذن جهازًا صحيًا متطورًا، وليس مجرد وسيلة للاستماع إلى الصوت.
الكاميرات الصغيرة.. ابتكار مثير للجدل
لكن اللافت أكثر هو ما كشفت عنه تقارير إضافية حول نية آبل دمج كاميرات صغيرة داخل سماعات الأذن نفسها، وهي فكرة تبدو غريبة في البداية لكنها تحمل أبعادًا تقنية مذهلة.
فوجود كاميرا مدمجة سيتيح للمساعد الذكي رؤية ما يراه المستخدم، وبالتالي تقديم مساعدة بصرية فورية، مثل ترجمة النصوص أمام العين، أو التعرف على الأشياء والمعالم المحيطة، أو حتى توجيه المستخدم أثناء تنفيذ مهام يومية دون الحاجة إلى النظر في الهاتف.
ورغم أن هذه التقنية لا تزال قيد البحث والتطوير، فإنها تُظهر الاتجاه الذي تسير نحوه آبل، والمتمثل في دمج الرؤية الاصطناعية بالذكاء الصوتي داخل الأجهزة القابلة للارتداء، وهو ما قد يُحدث نقلة نوعية في طريقة تفاعل الإنسان مع التكنولوجيا.
من ملحق جانبي إلى منصة مستقلة
من الناحية الاستراتيجية، تسعى آبل إلى إعادة تعريف موقع سماعات AirPods ضمن منظومتها التقنية.
فبعد أن كانت مجرد ملحق مخصص لهواتف iPhone، أصبحت اليوم ركيزة أساسية في رؤية الشركة لما تسميه “الحوسبة الشخصية المحيطة”، والتي تهدف إلى جعل الأجهزة الذكية متصلة ومتكاملة في كل لحظة من حياة المستخدم.
وترى آبل أن الأذن تُعد موقعًا مثاليًا لدمج الحساسات الحيوية والذكاء الاصطناعي، إذ يمكن للسماعة أن تتحول إلى وسيلة تفاعل طبيعية مع المساعد الذكي Siri دون الحاجة للمس الشاشة أو النظر إلى أي جهاز، مما يجعلها خطوة إضافية نحو عالم خالٍ من الشاشات، يعتمد على الأوامر الصوتية والإشارات.

الذكاء الاصطناعي في خدمة المستخدم
إلى جانب التطوير المادي، تعمل آبل على تعزيز قدرات المساعد الذكي Siri ليصبح أكثر ذكاءً ومرونة، بحيث يستطيع تحليل الصوت ونبرة الحديث لفهم مشاعر المستخدم أو حالته الصحية والنفسية، كما يمكنه تقديم اقتراحات أو تنبيهات بناءً على الأنشطة اليومية.
ومن المتوقع أن تدعم شريحة H3 الجيل الجديد من الخوارزميات الذكية التي ستعمل مباشرة من داخل السماعة، دون الحاجة إلى الاتصال الدائم بالهاتف أو الإنترنت، وهو ما يعني سرعة استجابة أعلى وخصوصية أكبر في التعامل مع بيانات المستخدم.
رؤية آبل للمستقبل.. الأذن بوابة الذكاء
تبدو آبل مصممة على تحويل سماعات AirPods إلى أكثر من مجرد أداة صوتية. فمع الوقت، قد تصبح الأذن بوابة رئيسية للتواصل بين الإنسان والتكنولوجيا، من خلال مزج الصوت بالحواس والذكاء الاصطناعي، لتشكل تجربة رقمية متكاملة ترافق المستخدم في كل لحظة من يومه.
ويرى محللون أن هذه التطورات تمهد الطريق لما يمكن اعتباره جيلًا جديدًا من الأجهزة القابلة للارتداء، يجمع بين وظائف السمع، والمراقبة الصحية، والتفاعل الذكي، وحتى الرؤية المساعدة، مما يجعل سماعات الأذن جزءًا لا يتجزأ من الحياة الرقمية المستقبلية.
خاتمة: من الصوت إلى الذكاء
بكل وضوح، تتجه آبل نحو ثورة جديدة في عالم التكنولوجيا الشخصية، حيث تمتزج الأصوات بالذكاء الاصطناعي والحواس البشرية في جهاز صغير يثبت في الأذن.
ومع استمرار التطوير في مشروع AirPods القادم، يبدو أن الشركة تمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل تصبح فيه سماعات الأذن أكثر من مجرد وسيلة استماع، بل مساعدًا شخصيًا متكاملًا يعرفك، يسمعك، وربما يراك أيضًا.
