مدريد – السابعة الاخبارية
وليد توفيق، لم يكن النجم العربي الكبير وليد توفيق يتخيل أن أجمل أيام حياته، يوم زفاف ابنته نورهان في العاصمة الإسبانية مدريد، سيتحول في لحظة إلى تجربة مؤلمة، بعد أن تعرض لحادثة سرقة داخل المطار أفقدته أوراقه الثمينة ومقتنياته الخاصة. ورغم ذلك، اختار الفنان اللبناني أن يُظهر رباطة جأشٍ قلّ نظيرها، مؤكداً أن فرح ابنته يبقى أكبر من أي خسارة مادية.
وليد توفيق وزفاف الأحلام في مدريد
كانت العاصمة الإسبانية مدريد على موعدٍ مع ليلةٍ مميزة تخللتها الفرح والمشاعر العائلية الصادقة. فقد احتفل الفنان وليد توفيق بزفاف ابنته نورهان إلى عريسها غيث، في حفل أنيق جمع العائلة والأصدقاء والمقربين من العروسين.
عرف عن وليد توفيق علاقته القوية بأسرته، وحرصه الدائم على أن يكون حاضراً في كل محطة مهمة من حياتهم، ولهذا كان الزفاف بالنسبة له حدثاً شخصياً مليئاً بالفخر والحنين، لا سيما أنه أقيم في أجواء أوروبية جمعت بين الرقي والدفء العائلي.
وبينما كانت عدسات الكاميرات ترصد لحظات الفرح والرقص والأغاني، لم يكن أحد يعلم أن الساعات التالية ستشهد حادثة مؤسفة للفنان الذي طالما تغنّى بالحب والتسامح.
حادثة غير متوقعة في مطار مدريد
بعد انتهاء مراسم الزفاف واستعداده للعودة إلى بيروت، توجّه وليد توفيق إلى مطار مدريد الدولي، محمّلاً بمشاعر الفرح وذكريات الحفل الجميل. غير أن الأقدار كانت تخبئ له مفاجأة غير سارة.
ففي لحظةٍ سريعة، وبين الزحام المعتاد داخل المطار، داهمه أحد اللصوص بخفةٍ واحترافية عالية، وتمكن من خطف حقيبة يده قبل أن يختفي في ثوانٍ وسط الحشود.
كانت الواقعة صادمة للفنان الذي لم يتوقع أن يتعرض لمثل هذا الموقف، خصوصاً في مكان يُفترض أنه من أكثر المواقع أماناً في أوروبا. ورغم محاولاته الفورية لإبلاغ الأمن، إلا أن الجاني كان قد فرّ بالفعل، لتبدأ بعدها سلسلة من الإجراءات المعقدة التي تطلبت متابعة دقيقة مع سلطات المطار والشرطة الإسبانية.
محتويات الحقيبة المسروقة: خسارة مادية ومعنوية
في حديث خاص لموقع “فوشيا”، كشف وليد توفيق عن تفاصيل الحقيبة التي سرقت منه، موضحاً أن ما فقده لم يكن مجرد أموال أو مقتنيات، بل وثائق بالغة الأهمية.
قال الفنان اللبناني:
“كانت الحقيبة تحتوي على جوازي سفري اللبناني والإيطالي، بالإضافة إلى مبلغٍ من الدولارات واليورو، وساعة يدٍ فاخرة كنت أرتديها عادةً في المناسبات الخاصة.”
وأضاف توفيق أن أكثر ما أزعجه في الحادثة لم يكن قيمة المفقودات المادية، بل الإرباك الكبير الذي أحدثته سرقة جوازي السفر، خصوصاً وأنه كان يستعد للعودة إلى بلده ثم التوجه لاحقاً إلى عدة وجهات مرتبطة بأعماله الفنية وإقاماته الرسمية في دولٍ مختلفة.
وقال ضاحكاً رغم الموقف الصعب:
“الساعة فاخرة، نعم، لكنها لا تساوي شيئاً أمام تعطيل سفري وفقدان أوراقي الرسمية.”
الخاتم المفقود… ذكرى الأم التي لم تكتمل
من بين ما ضاع أيضاً، خاتمٌ ألماسي ثمين له مكانة عاطفية خاصة في قلب الفنان. فقد كشف وليد توفيق أنه كان يحمل خاتماً ورثه عن والدته الراحلة، التي أوصته أن يهديه لحفيدتها نورهان يوم زفافها.
وبحسب تصريحه، لم يتمكن من تأكيد ضياع الخاتم فوراً بسبب الصدمة، لكنه لاحقاً أدرك أنه كان داخل الحقيبة المسروقة.
وعندما سُئل عن شعوره تجاه فقدانه، قال مبتسماً بأسلوبه المحبّب للجمهور:
“خاتم حبيبي ضاع في مطار مدريد… لكنها مشيئة الله، والمهم أن فرحة ابنتي لم تنقص.”
تعبّر هذه الجملة عن فلسفة وليد توفيق في الحياة، إذ عرف عنه دوماً الإيمان بالقدر، والقدرة على تجاوز الأزمات بابتسامةٍ لا تفارقه، وكأنّه يستمد منها طاقته للاستمرار والعطاء.
عودة إلى بيروت وسط مشاعر متضاربة
بعد أيام من المتابعة مع الجهات الأمنية في إسبانيا، تمكن الفنان من ترتيب عودته إلى لبنان بمساعدة السفارة اللبنانية والسلطات المعنية.
عاد وليد توفيق إلى بيروت محمّلاً بخليطٍ من المشاعر — بين الامتنان لسلامته والأسف على فقدان ممتلكاته الثمينة. لكن بمجرد وصوله، بدأ فوراً بإجراءات استخراج جوازات سفر جديدة، مؤكداً عزمه على تجاوز الموقف بسرعة للعودة إلى نشاطه الفني.
ويعمل النجم حالياً على استصدار جوازه اللبناني والإيطالي الجديدين، تمهيداً لسفره إلى دبي لإعادة استخراج هويته الإماراتية المرتبطة بإقامته هناك، ثم التوجه لاحقاً إلى الرياض لاستكمال المعاملات المتعلقة بإقامته السعودية.
هذه التنقلات الكثيرة تعكس نمط حياة الفنان الذي يتوزع بين أكثر من بلد عربي وأوروبي، وهو ما يجعل الوثائق الرسمية جزءاً أساسياً من يومياته.
وليد توفيق… فنان متصالح مع الحياة
بعيداً عن تفاصيل الحادثة، لا يمكن إغفال الجانب الإنساني في تعامل وليد توفيق مع الموقف. فبينما كان يمكن لأي شخص أن يغرق في الغضب أو الحزن، اختار النجم اللبناني أن يرى الجانب الإيجابي في الأمر.
فهو يؤمن بأن خسارة الأشياء المادية لا تقارن بسلامة النفس أو سعادة الأبناء. ولعلّ هذا الموقف الجديد يعكس نضجه الإنساني والفني معاً، وهو الذي لطالما ظهر في أغانيه كمطربٍ يوازن بين العاطفة والعقل، وبين التجربة والابتسامة.
رحلة فنية مستمرة رغم العثرات
على الرغم من انشغاله بمتابعة قضية السرقة، لم يتوقف وليد توفيق عن أعماله الفنية. إذ يستعد خلال الأسابيع المقبلة لإطلاق أغنيته الجديدة بعنوان “أهل الوفا”، وهي من كلمات الشاعر نزار فرنسيس، وتأتي ضمن ألبومه الغنائي المرتقب الذي يضم باقة من الأعمال الجديدة.
تعكس الأغنية، بحسب المقربين منه، روح الوفاء التي لطالما ميّزت شخصيته، وتجمع بين الطابع الكلاسيكي لأغانيه القديمة والنَفَس العصري في التوزيع والأداء. ومن المتوقع أن تُصوّر الأغنية على طريقة الفيديو كليب في إحدى الدول العربية خلال الفترة المقبلة.
إصرار على الإيجابية رغم الأزمات
لم تكن هذه الحادثة هي الأولى التي يمرّ بها فنان في مطار أوروبي، لكنها كشفت عن معدن وليد توفيق الحقيقي. ففي وقتٍ كان يمكن أن تتحول القصة إلى مادة للغضب أو الشكوى، تعامل هو معها بروحٍ مرنة، حتى أنه مازح جمهوره قائلاً إن “اللص ربما كان أحد معجبيه”!
هذا الحسّ الساخر الممزوج بالحكمة جعل كثيرين يعبّرون عن إعجابهم بتعامله الراقي، معتبرين أنه مثال للفنان الذي يعرف كيف يواجه الحياة بابتسامة مهما كانت الظروف.
بين الماضي والحاضر: دروس من التجربة
تُظهر حادثة مدريد جانباً جديداً من شخصية وليد توفيق التي تشكّلت عبر مسيرةٍ طويلة امتدت لأكثر من أربعة عقود في عالم الغناء والتمثيل.
فمنذ بداياته في لبنان في سبعينيات القرن الماضي، عُرف كفنان قريب من الناس، وكمحبٍ للحياة والوطن والعائلة. واليوم، يواصل هذا النهج في سلوكه اليومي، حيث يرى في كل أزمة فرصة للتأمل والتعلم.
ولعل ما يميزه فعلاً هو قدرته على تحويل المواقف الصعبة إلى قصص ملهمة لجمهوره، يرويها بابتسامةٍ وهدوءٍ، وكأنها فصل جديد في رواية حياته.
رسالة ختامية لجمهوره
رغم مرور الأيام على الحادثة، ما زال وليد توفيق يتلقى رسائل الدعم من جمهوره في لبنان والعالم العربي. وقد عبّر في أكثر من مناسبة عن امتنانه لهذا الحب الكبير، قائلاً إن دعم الناس له يعوّض أي خسارة.
كما دعا الجميع إلى توخّي الحذر أثناء السفر، مشيراً إلى أن الحوادث يمكن أن تقع في أي مكان، حتى في أكثر الدول أماناً.
خاتمة: بين السرقة والفرح… القلب ينتصر
في نهاية المطاف، تبقى قصة وليد توفيق في مدريد أكثر من مجرد حادثة سرقة. إنها حكاية عن الأب والفنان والإنسان الذي يواجه الصعوبات بابتسامة، ويُحوّل الألم إلى طاقة إيجابية.
فرغم خسارته لخاتم أمه وجوازي سفره وساعته الثمينة، لم يخسر شيئاً من جوهره الإنساني ولا من فرحته بزفاف ابنته. بل أثبت أن الفرح الحقيقي لا يُسرق، لأنه يسكن في القلب، لا في الحقيبة.