أمريكا – السابعة الإخبارية
إنستغرام.. في واحدة من أكبر خطواتها خلال السنوات الأخيرة لتعزيز سلامة المستخدمين صغار السن، أعلنت شركة “ميتا” – المالكة لتطبيق إنستغرام – عن إدخال نظام جديد لتصنيف المحتوى يعتمد على نهج شبيه بنظام تصنيف الأفلام الأمريكي المعروف بـ”PG-13″، في محاولة لإرساء ضوابط أكثر صرامة لحماية المراهقين على المنصة.

أدوات جديدة.. وتحكم أكبر للعائلات
النظام الجديد يُعد تحولًا استراتيجيًا في كيفية تعامل “ميتا” مع شريحة المستخدمين من فئة المراهقين، إذ سيتم تفعيل إعداد تصنيف المحتوى تلقائيًا للمستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، بحيث يُمنعون من الوصول إلى أنواع معينة من المحتوى الحساس أو الضار، إلا بموافقة أحد الوالدين.
بحسب إعلان “ميتا”، فإن هذا النظام سيمنع المراهقين من مشاهدة أو التفاعل مع المحتوى الذي يتضمن لغة بذيئة، سلوكيات خطرة، أو صورًا قد تُشجع على إيذاء النفس أو التعرض لتجارب مدمّرة نفسيًا. حتى الألفاظ المكتوبة بطريقة مشفّرة أو بها أخطاء إملائية لن تمر على خوارزميات الحظر الجديدة، في محاولة لإغلاق جميع الثغرات.
كما تشمل الإجراءات الجديدة أيضًا حجب المنشورات التي تُظهر أدوات مرتبطة بالمخدرات مثل الماريغوانا، ومنع البحث عن كلمات مفتاحية تتعلق بالكحول أو العنف الدامي.
نحو “تجربة آمنة تشبه مشاهدة فيلم PG-13”
وصفت “ميتا” التغييرات بأنها تهدف إلى جعل تجربة إنستغرام للمراهقين أقرب إلى مشاهدة فيلم مصنف “PG-13″، ما يعني السماح بقدر محدود من المشاهد التي قد تتضمن عنفًا خفيفًا أو عريًا جزئيًا، ولكن دون تجاوز الخطوط الحمراء التي يمكن أن تُعرض الصحة النفسية أو السلوكية للخطر.
وسيتم كذلك تفعيل ما أطلقت عليه الشركة سياسة “الحد العمري”، وهي آلية جديدة تمنع المستخدمين المراهقين من متابعة أو التفاعل مع الحسابات التي تُعرف بنشر محتوى موجه للبالغين بشكل منتظم – حتى لو كانت تلك الحسابات تابعة لمشاهير أو مؤثرين.
جريمة بث مباشر تهز الرأي العام وتُسرّع التغيير
التحديثات الجديدة تأتي في وقت حساس للغاية، بعد جريمة مروعة شهدتها الأرجنتين، حيث أقدمت عصابة مخدرات على تعذيب واغتصاب وقتل ثلاث فتيات في بث مباشر عبر إنستغرام. الحادثة أثارت صدمة عالمية وأعادت فتح النقاش حول قدرة منصات التواصل الاجتماعي على ضبط المحتوى ومنع انتهاك القانون والأخلاقيات.
تسببت هذه الواقعة في موجة ضغط من منظمات حقوقية ومؤسسات حماية الطفولة على الشركات التكنولوجية، مطالبة بوضع حدّ للفوضى الرقمية وحماية المراهقين من التعرض لمحتوى صادم ومُؤذٍ.
ردود فعل متباينة.. واتهامات بعدم الشفافية
على الرغم من الترحاب الظاهري بهذه الخطوة، إلا أن بعض المؤسسات والأفراد العاملين في مجال حماية الأطفال اعتبروا أن الإجراءات لا تزال غير كافية. فقد أشار المهندس السابق في “ميتا”، أرتورو بيخار (Arturo Béjar)، في تقرير مثير للجدل، إلى أن 64% من أدوات السلامة التي تدّعي “ميتا” تفعيلها على إنستغرام غير فعالة أو يمكن تجاوزها بسهولة.
في المقابل، رفضت الشركة نتائج التقرير، مؤكدة أنها توفر بالفعل أدوات رقابية فعالة تمنح الأهل تحكمًا كاملاً في تجربة أبنائهم على المنصة، وأنها تعمل بشكل مستمر على تطوير تلك الأدوات وتحسين كفاءتها.
بدورها، أعربت مؤسسة Molly Rose Foundation – المعنية بمكافحة الانتحار بين المراهقين – عن شكوكها في التزام “ميتا” بتحقيق وعودها. وقالت في بيان إن “التحسينات المُعلن عنها غالبًا ما تبقى مجرد شعارات دون تنفيذ فعلي”، وطالبت بإتاحة هذه الأدوات للجهات المستقلة من أجل اختبار فعاليتها.

جدول زمني للتنفيذ.. والمزيد قادم
بحسب “ميتا”، سيبدأ تنفيذ النظام الجديد تدريجيًا في الولايات المتحدة، بريطانيا، أستراليا وكندا، فيما يُتوقع أن تصل التحديثات إلى بقية دول العالم وأوروبا بداية العام المقبل.
ويُذكر أن إنستغرام يتيح إنشاء حسابات من عمر 13 عامًا، إلا أن تقارير تنظيمية – من بينها تقرير هيئة Ofcom البريطانية – كشفت عن لجوء نسبة من الأطفال والمراهقين إلى تزوير أعمارهم أثناء التسجيل لتجاوز القيود المفروضة.
كلمة أخيرة
في عالم رقمي يتسارع دون توقف، أصبحت حماية المراهقين على الإنترنت مسؤولية جماعية، تبدأ من السياسات التي تضعها الشركات الكبرى، ولا تنتهي عند وعي الأهل ومتابعتهم. وبين المبادرات الجديدة والشكوك القديمة، يبقى السؤال الأهم: هل سيكفي هذا النظام الجديد لحماية الجيل القادم من مخاطر الإنترنت؟
