القاهرة – السابعة الاخبارية
شيرين عبدالوهاب، أُسدِل الستار مؤقتًا على أحد أكثر النزاعات القانونية إثارة في الوسط الفني العربي بين الفنانة شيرين عبدالوهاب وشركة الإنتاج السعودية روتانا للصوتيات والمرئيات، بعد صدور حكم محكمة النقض المصرية برفض الطعن المقدم من الشركة ضد الفنانة المصرية.
وبهذا الحكم النهائي، أُغلقت صفحة قانونية طويلة استمرت لسنوات، وانتهت بانتصار قضائي جديد يُضاف إلى رصيد شيرين، ليمنحها الحرية الكاملة في إصدار أعمالها الفنية والتعاقد مع أي جهة إنتاجية دون قيود.
شيرين عبدالوهاب في حكم النقض… كلمة الفصل
في أحدث تطور، أعلن المستشار القانوني ياسر قنطوش، محامي الفنانة شيرين عبدالوهاب، أن محكمة النقض أصدرت حكمها في الطعن رقم 11834 لسنة 95 قضائية، بعدم قبول الطعن المقدم من شركة روتانا للصوتيات والمرئيات ضد موكلته.
وقضت المحكمة كذلك بإلزام الشركة الطاعنة بسداد المصروفات القضائية ومبلغ رمزي قدره 200 جنيه أتعاب محاماة، ليصبح الحكم نهائيًا وباتًا غير قابل للطعن، ما يعني أنه انتهى النزاع لصالح الفنانة بشكل قاطع.
وأكد قنطوش أن هذا القرار يمثل انتصارًا قانونيًا ومعنويًا كبيرًا للفنانة، إذ يكرّس مبدأ حرية الفنان في التعاقد والعمل، ويؤكد أن شيرين ليست ملزمة بأي قيود إنتاجية أو فنية بعد إنهاء علاقتها القانونية بالشركة.
بداية الأزمة بين شيرين وروتانا
تعود جذور الخلاف إلى العقد الذي أبرمته شيرين عبدالوهاب مع شركة روتانا قبل عدة أعوام لإنتاج 12 أغنية ضمن خطة تعاون فني طويل الأمد.
إلا أن المشروع لم يكتمل كما كان مخططًا، حيث أكدت شيرين أن الشركة أخلّت بالتزاماتها التعاقدية، خصوصًا في ما يتعلق بحملات الدعاية والترويج للألبوم وتصوير الكليبات.
وصرّحت الفنانة في أحد لقاءاتها التلفزيونية:
“أنا إضافة لأي مكان أكون فيه، وهما اللي خسروني، مش أنا اللي خسرتهم”.
وأوضحت أن العقد نصّ صراحة على حقها في فسخه في حال إخلال الشركة بالتزاماتها الدعائية، وهو ما قامت به بالفعل بعد تكرار التأجيلات والإهمال في تنفيذ بنود الترويج للأعمال التي سجلتها.
إلغاء الأغاني وحذفها من المنصات
بلغت الأزمة ذروتها عندما قامت شركة روتانا بحذف أغاني شيرين من المنصات الإلكترونية ومواقع البث الموسيقي، ما أثار غضب جمهورها وأشعل الخلاف بين الطرفين.
واعتبرت شيرين أن هذا التصرف اعتداء على حقوقها الأدبية والفنية، خصوصًا أنها سلّمت بالفعل مجموعة من الأغاني التي حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا مثل “كلها غيرانة” و“مش قد الهوا”، إلا أن الشركة لم تستثمرها بالشكل المطلوب، بل لجأت إلى حذفها بشكل مفاجئ بعد الخلاف.
هذه الخطوة دفعت الفنانة إلى اللجوء للقضاء للمطالبة بحقوقها وتعويضها عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بها جراء الإخلال بالعقد.
الحكم الأول من المحكمة الاقتصادية
بعد دراسة مستفيضة للملف، أصدرت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة حكمها في القضية رقم 2127 لسنة 17 ق اقتصادية، وقضت بـ إلزام شركة روتانا بدفع تعويض قدره مليونا جنيه مصري للفنانة شيرين عبدالوهاب عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة إخلال الشركة بالتزاماتها.
كما شمل الحكم إنهاء التعاقد بين الطرفين رسميًا، مما يعني أن العلاقة القانونية بين شيرين وروتانا انتهت تمامًا، مع احتفاظ الفنانة بحقوقها في استغلال أعمالها الفنية دون الرجوع إلى الشركة.
واعتبر كثير من المتابعين أن هذا القرار جاء منصفًا للفنانة المصرية، خاصة بعد أن واجهت فترة من التجاهل الإنتاجي والضغوط المهنية بسبب هذا النزاع.
محاولة روتانا للطعن على الحكم
لم تستسلم شركة روتانا بعد صدور الحكم الاقتصادي، إذ تقدمت بطعن أمام محكمة النقض في محاولة لإلغاء القرار وإعادة النظر في القضية.
لكن المحكمة العليا رفضت الطعن بإجماع الآراء، وأكدت أن الحكم الصادر من المحكمة الاقتصادية نهائي وصحيح قانونًا، لكون الشركة أخلّت ببنود العقد ولم تقدم ما يثبت التزامها.
وبذلك، أُسدلت الستارة على النزاع بعد سنوات من المرافعات والاستئنافات، لتخرج شيرين عبدالوهاب منتصرة على واحدة من أكبر شركات الإنتاج في العالم العربي.
الحق في إصدار الأغاني بحرية
بحسب ما أكده المستشار ياسر قنطوش، أصبح من حق الفنانة شيرين بعد هذا الحكم إصدار أغانيها والتعاقد مع أي شركة إنتاجية دون قيود أو اشتراطات من أي جهة سابقة.
هذا الحكم يمنحها حرية فنية كاملة كانت تفتقدها خلال السنوات الماضية، بعد أن كانت مقيّدة بعقد يمنعها من التعاقد مع جهات أخرى.
ويرى مراقبون أن هذا القرار قد يفتح الباب أمام شيرين لتوقيع عقود إنتاج جديدة مع شركات محلية أو عالمية، أو حتى إطلاق مشروعها الفني الخاص بإنتاج أعمالها بشكل مستقل، خاصة أنها أصبحت تمتلك قاعدة جماهيرية ضخمة تجعلها قادرة على تحقيق النجاح بعيدًا عن شركات الإنتاج التقليدية.
الحجز التحفظي على حسابات روتانا
في خطوة لاحقة، أعلن المستشار ياسر قنطوش تنفيذ إجراء الحجز التحفظي على حسابات شركة روتانا بعد امتناعها عن سداد مبلغ التعويض الذي أقره الحكم النهائي.
وأوضح في بيان رسمي أن الحجز يأتي تنفيذًا لحكم المحكمة الاقتصادية البات، بعد أن تجاهلت الشركة تسديد المبلغ المستحق رغم مرور المدة القانونية.
وأشار إلى أن شيرين كانت قد دفعت الشرط الجزائي المفروض عليها طوعًا التزامًا ببنود العقد، بينما تخلّفت روتانا عن سداد مستحقاتها حتى صدر قرار الحجز.
ويعد هذا الإجراء رسالة حاسمة بأن الفنانين قادرون على الدفاع عن حقوقهم القانونية أمام الشركات الكبرى، وأن القضاء المصري يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
محاولات جديدة من روتانا لوقف بث أغاني شيرين
لم يتوقف النزاع عند حدود التعويض المالي، إذ تقدمت شركة روتانا بعدة دعاوى جديدة تطالب فيها بوقف بث عدد من أغاني شيرين الشهيرة، مثل “اللي يقابل حبيبي”، و“بتمنى أنساك”، و“نحتفل”.
إلا أن المحكمة رفضت جميع هذه الدعاوى، وأكدت أن الفنانة تمتلك الحق الكامل في استخدام واستغلال أغانيها، سواء بإعادة نشرها أو تقديمها في حفلاتها وألبوماتها المقبلة.
هذا الرفض القضائي المتكرر أظهر أن الموقف القانوني لشيرين أصبح أقوى من أي وقت مضى، وأن الشركة فقدت كل الوسائل القانونية للحد من نشاطها الفني.
شيرين بين الفن والقانون: دروس من الأزمة
تمثل قضية شيرين وروتانا نموذجًا دقيقًا لصراع الفنانين مع شركات الإنتاج الكبرى، حيث تتقاطع المصالح التجارية مع حرية الإبداع.
وقد أظهرت الأزمة أن الفنان، مهما بلغت شهرته، قد يواجه قيودًا تعاقدية قاسية إذا لم تتم صياغة العقود بحذر وضمان التوازن بين الطرفين.
لكن في المقابل، برهنت شيرين على أن الإصرار على الحقوق واللجوء إلى القضاء يمكن أن يُعيد للفنان مكانته واستقلاله. كما أنها أثبتت أن النجومية الحقيقية لا تتحقق فقط من خلال الشهرة، بل من خلال القدرة على الدفاع عن الذات والموقف الفني.
انعكاسات الحكم على مسيرة شيرين الفنية
من المتوقع أن يشكل هذا الحكم القضائي نقطة تحول مهمة في مسيرة شيرين عبدالوهاب، إذ يمنحها حرية كاملة لإطلاق أعمالها المقبلة دون انتظار موافقات أو شروط من شركات الإنتاج.
وتشير تقارير فنية إلى أن الفنانة تستعد خلال الفترة المقبلة لإطلاق ألبوم جديد بعد انتهاء جميع التزاماتها القانونية، بالتعاون مع مجموعة من الشعراء والملحنين المصريين والعرب.
كما يتوقع أن تستأنف نشاطها الفني بشكل مكثف بعد فترة من الغياب، وأن تستثمر هذا الانتصار القانوني كرمز للعودة القوية إلى الساحة الغنائية.
هكذا، أسدل القضاء المصري الستار على نزاع طويل بين الفنانة شيرين عبدالوهاب وشركة روتانا، انتهى بانتصار واضح للفنانة التي خاضت معركة قضائية وصفت بـ”الأصعب في مسيرتها”.
الحكم النهائي بعدم قبول الطعن يضع حدًا لأي نزاع مستقبلي بين الطرفين، ويؤكد أن العدالة الفنية لا تقل أهمية عن العدالة القانونية.
واليوم، تبدو شيرين عبدالوهاب أكثر استعدادًا من أي وقت مضى لبدء مرحلة جديدة من مسيرتها، مرحلة عنوانها الحرية الفنية والاستقلال الإبداعي، لتعود إلى جمهورها بأعمال تعبّر عنها دون قيود أو ضغوط من أي جهة إنتاجية.
وبهذا الحكم، لا تكون شيرين قد ربحت قضية فحسب، بل استعادت صوتها وحقها في الإبداع بحرية كاملة، لتواصل مسيرتها كأحد أهم الأصوات العربية وأكثرها تأثيرًا في جيلها.