أمريكا – السابعة الاخبارية
ليوناردو دي كابريو، تستعد شركة Appian Way Productions، المملوكة للنجم العالمي ليوناردو دي كابريو والمنتجة جينيفر دافيسون، لخوض مغامرة سينمائية جديدة من نوع خاص، من خلال إنتاج فيلم يروي قصة حياة الممثل الهنغاري بيلا لوغوسي، أحد أبرز وجوه الرعب في تاريخ هوليوود، والذي خلد اسمه في ذاكرة السينما العالمية بعد تجسيده الأسطوري لشخصية دراكولا عام 1931.
يأتي المشروع الجديد في إطار رؤية دي كابريو لتقديم أفلام تعيد إحياء شخصيات فنية وتاريخية شكلت علامات بارزة في الثقافة السينمائية العالمية، على غرار أعماله السابقة التي تمزج بين الدراما والسيرة الذاتية والرمزية الإنسانية.
ليوناردو دي كابريو .. عودة إلى جذور الرعب الكلاسيكي
يعمل دي كابريو على هذا المشروع بالتعاون مع المنتجين أليكس كاتلر وداريل مارشاك، ومن المقرر أن تتولى Universal Pictures الإنتاج الرسمي للفيلم، في خطوة تمثل عودة الاستوديو إلى الجذور التي صنعت مجده خلال القرن الماضي، حين كان من رواد أفلام الرعب الكلاسيكية مثل Dracula وFrankenstein.
وبحسب موقع Deadline الأمريكي، فإن المشروع لا يزال في مراحله الأولى من التطوير، رغم أن فكرته انطلقت قبل عامين، وتمت بلورتها بهدوء خلف الكواليس من خلال فريق من كبار المبدعين الذين سبق أن تعاونوا مع دي كابريو في مشاريع ناجحة.
كتّاب “Ed Wood” يعودون إلى عالم لوغوسي
الفيلم الجديد من تأليف الثنائي الشهير سكوت ألكسندر ولاري كراسويسكي، اللذين يُعدان من أبرز كتّاب السير الذاتية في هوليوود، والمعروفين بنهجهم المختلف الذي يدمج بين الدقة التاريخية والعمق الإنساني.
الثنائي سبق أن قدما فيلم Ed Wood للمخرج تيم برتون عام 1994، والذي تناول قصة المخرج الأمريكي الشهير، وحصل الممثل مارتن لانداو بفضله على جائزة الأوسكار عن تجسيده شخصية بيلا لوغوسي في سنواته الأخيرة.
غير أن فيلم دي كابريو الجديد سيبتعد عن مرحلة أفول نجم لوغوسي التي عرضها Ed Wood، وسيركز بدلًا من ذلك على البدايات المشرقة والصعود المفاجئ للنجم الهنغاري في سماء هوليوود، من مسرح بودابست إلى مسارح برودواي، ثم إلى الشاشة الكبيرة التي صنعت منه رمزًا خالدًا للرعب.
من المجر إلى هوليوود.. رحلة فنان لا يُنسى
يروي الفيلم كيف بدأ بيلا لوغوسي حياته الفنية في المجر مطلع القرن العشرين، حيث كان ممثلًا مسرحيًا طموحًا يسعى إلى إثبات نفسه في مجتمع فني مغلق. بعد الحرب العالمية الأولى، هاجر إلى الولايات المتحدة باحثًا عن فرصة جديدة، ليجد ضالته في نيويورك حيث جذب الأنظار بموهبته الاستثنائية وأسلوبه الفريد في الأداء.
خلال فترة قصيرة، أصبح لوغوسي أحد أبرز الممثلين على مسارح برودواي، بفضل أدائه المهيب في تجسيد شخصية الكونت دراكولا، وهو الدور الذي غيّر مسيرته إلى الأبد.
وفي عام 1931، اختارته شركة Universal Pictures لبطولة النسخة السينمائية من Dracula، لتتحول الشخصية إلى ظاهرة ثقافية عالمية، وتُخلّد ملامحه وهيئته كنموذج مرجعي لشخصية مصاص الدماء في جميع الأعمال اللاحقة.
من القمة إلى الانحدار.. قصة المجد والسقوط
رغم النجاح الساحق الذي حققه في دور دراكولا، إلا أن حياة لوغوسي لم تكن خالية من المآسي. فبعد بضع سنوات فقط من ذروة مجده، بدأت مسيرته تتراجع نتيجة قرارات فنية خاطئة وخلافات مع استوديوهات الإنتاج.
من أبرز المواقف التي غيرت مسار حياته رفضه الشهير لتجسيد دور وحش فرانكشتاين، الذي ذهب لاحقًا إلى منافسه بوريس كارلوف، ليصبح هذا الدور هو الآخر أسطورة سينمائية في تاريخ الرعب، بينما بدأ نجم لوغوسي يخفت تدريجيًا.
سيستعرض الفيلم هذه المرحلة باعتبارها لحظة التحول الكبرى في حياة الفنان، بين الكبرياء المهني والقدر القاسي الذي دفعه إلى الهبوط من قمة الشهرة إلى أدوار ثانوية، قبل أن يختفي تدريجيًا عن الساحة الفنية في الخمسينيات.
دي كابريو بين الإنتاج والسيرة السينمائية
يمثل هذا المشروع استمرارًا لشغف ليوناردو دي كابريو بإنتاج أفلام تعتمد على القصص الواقعية المعقدة، التي تجمع بين الدراما الإنسانية والسياق التاريخي.
فشركة Appian Way التي أسسها منذ أكثر من عقدين، قدمت عددًا من الأعمال البارزة مثل:
- The Aviator الذي تناول سيرة الملياردير هوارد هيوز.
- The Revenant الذي منحه الأوسكار.
- Killers of the Flower Moon بالتعاون مع المخرج مارتن سكورسيزي، والذي حصد إشادات نقدية واسعة.
ويبدو أن دي كابريو يرى في قصة بيلا لوغوسي تجسيدًا لصراع الفنان بين الحلم والواقع، والمجد والانكسار، وهو ما يتماشى مع فلسفته في اختيار أعماله التي غالبًا ما تركز على الجانب الإنساني العميق للشخصيات.
فريق إنتاج مميز خلف الكواليس
يشارك في إنتاج الفيلم إلى جانب دي كابريو ودافيسون، المنتج مايكل هامبتون، بينما يتولى داريل مارشاك مهمة الإشراف التنفيذي على المشروع.
مارشاك كان في بداياته وكيلًا للمواهب، وكان من أوائل من تعاملوا مع دي كابريو في مسيرته المهنية، ما يجعل هذا التعاون الجديد بمثابة عودة فنية وإنسانية بعد سنوات طويلة من النجاح المشترك.
إضافةً إلى ذلك، تُشرف Universal Pictures على الجوانب التقنية والإبداعية، وهو ما يعزز فرص الفيلم في أن يكون إنتاجًا ضخمًا على مستوى الصورة والموسيقى والديكور، يعيد إلى الأذهان أجواء الرعب الكلاسيكية التي تميّزت بها أفلام الثلاثينيات والأربعينيات.
نهج “الـ Anti-Biopic”.. سيرة غير تقليدية
من المنتظر أن يتبع الفيلم أسلوبًا سرديًا غير تقليدي، إذ يشتهر الكاتبان ألكسندر وكراسويسكي بتقديم ما يُعرف بـ “الـ Anti-Biopic”، أي السيرة الذاتية المناقضة للنمط السائد، التي تركز على تناقضات الشخصية وضعفها الإنساني بدلاً من تمجيدها.
هذا النهج ظهر في أعمالهما السابقة مثل:
- The People vs. Larry Flynt
- Man on the Moon
- Big Eyes
- Dolemite Is My Name
- American Crime Story
ويُتوقع أن يقدّم الفيلم الجديد صورة إنسانية صادقة لبيلا لوغوسي، بعيدًا عن الصورة النمطية التي رسمتها السينما له كمجرد “وجه مرعب”، بل كفنان مبدع عانى من الغربة والضغوط النفسية ومحاولات التأقلم مع نظام استوديوهات هوليوود القاسي.
دي كابريو بين الماضي والمستقبل
بينما ينشغل دي كابريو بالإشراف على تطوير هذا المشروع، يواصل في الوقت نفسه نشاطه التمثيلي المكثف. فقد حقق فيلمه الأخير One Battle After Another للمخرج بول توماس أندرسون نجاحًا لافتًا بإيرادات تجاوزت 138 مليون دولار عالميًا.
كما يستعد النجم الحائز على الأوسكار للانضمام إلى مشروع جديد بعنوان “What Happens at Night” إلى جانب جينيفر لورنس، وهو من إخراج مارتن سكورسيزي لصالح منصة Apple TV+، ما يعكس استمرار الشراكة الفنية الطويلة بينهما.
إلى جانب ذلك، تطور شركة Appian Way عدة مشروعات أخرى مثل The Featherweight وQueen of Bones، وكلها تؤكد التزام دي كابريو بالجمع بين الفن الرفيع والرؤية التجارية الذكية.
تجسيد جديد لأسطورة دراكولا
رغم أن المشروع لا يزال في مرحلة الإعداد، إلا أن التوقعات تشير إلى أنه سيعيد تقديم دراكولا بعيون مختلفة — ليس كمصاص دماء خارق، بل كرمز للفنان الذي يواجه العزلة والرفض، ويدفع ثمن موهبته الفريدة في عالم لا يرحم.
ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كان دي كابريو سيتولى بطولة الفيلم بنفسه، أم سيكتفي بدور المنتج التنفيذي، لكن بعض التقارير ترجح أنه قد يجسد شخصية أحد المنتجين الذين ساهموا في اكتشاف لوغوسي، في دور داعم يضيف لمسته التمثيلية إلى العمل دون أن يكون في مركز القصة.
يبدو أن ليوناردو دي كابريو لا يكتفي بالنجاح كممثل، بل يسعى إلى ترك بصمة إنتاجية تخلّد رموز السينما العالمية، ويأتي فيلمه الجديد عن بيلا لوغوسي كخطوة فنية جريئة لإعادة اكتشاف جذور الرعب الكلاسيكي من منظور إنساني معاصر.
في النهاية، فإن مشروع دي كابريو المقبل ليس مجرد فيلم عن دراكولا، بل تأمل في فكرة الفن والهوس والشهرة والسقوط — تلك العناصر التي تجعل من كل فنانٍ أسطورة خالدة حتى بعد أفوله.
ومع كل ما يحيط بالمشروع من تشويق وتكتم، يترقب عشاق السينما حول العالم الإعلان الرسمي عن تفاصيله، مؤمنين بأن كل ما يلمسه دي كابريو يتحول إلى عمل خالد يُكتب في سجل هوليوود الذهبي.