القاهرة – السابعة الاخبارية
مخرج أشغال شقة، في أجواء فنية تملؤها الحماسة والتوقعات خلال فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي الدولي، كشف المخرج والكاتب خالد دياب مخرج أشغال شقة، عن خططه الجديدة، مؤكدًا أن الجمهور يمكن أن ينتظر قريبًا جزءًا ثالثًا من مسلسل “أشغال شقة” الذي حظي بإشادة نقدية وجماهيرية كبيرة في موسميه الأول والثاني.
وفي الوقت ذاته، تحدّث دياب عن مشروعه السينمائي المقبل “برشامة“، وهو عمل اجتماعي كوميدي يسلّط الضوء على ظاهرة الغش في الثانوية العامة من منظور إنساني واقعي.
مخرج أشغال شقة: الجزء الثالث بين الفكرة والتطوير
قال خالد دياب في تصريحاته إن فكرة تقديم جزء ثالث من “أشغال شقة” مطروحة بقوة على طاولة العمل، لكنها لا تزال في مرحلة التطوير الأولي، مضيفًا أن من غير المرجح إطلاق الجزء الجديد خلال عام 2025.
وأوضح أن الهدف من التأجيل ليس التأخير بقدر ما هو حرص على تقديم مستوى أعلى من الجودة، سواء في الكتابة أو الإخراج أو حتى بناء الشخصيات. وقال:
“العمل الجماهيري الحقيقي يحتاج إلى وقت. الجمهور أصبح أكثر وعيًا، ولا يمكن أن تقدم له تكرارًا، بل عليك أن تبهره دائمًا بفكرة جديدة أو معالجة مختلفة.”
وتابع:
“نحن نحاول تطوير خطوط درامية جديدة تعكس تغيرات المجتمع، وتفتح أفقًا جديدًا للشخصيات التي أحبها الجمهور، دون أن نفقد روح الكوميديا والواقعية التي تميّز العمل.”
سرّ نجاح “أشغال شقة”: الواقعية بروح الكوميديا
يُعتبر مسلسل “أشغال شقة” واحدًا من أنجح الأعمال الكوميدية المصرية في السنوات الأخيرة، نظرًا لتوازنه الذكي بين الطابع الكوميدي والمضمون الاجتماعي.
فالعمل قدّم نماذج واقعية من الطبقة المتوسطة والشباب الباحثين عن فرص للحياة والاستقرار، بأسلوب ساخر لا يخلو من عمق إنساني.
وأكد خالد دياب أن سر النجاح لم يكن في النص وحده، بل في كيمياء الشخصيات الرئيسية التي جمعت بين نخبة من الممثلين الموهوبين:
هشام ماجد، أسماء جلال، مصطفى غريب، وشيرين، إلى جانب مجموعة من ضيوف الشرف الذين لعبوا أدوارًا محورية.
وقال دياب في هذا السياق:
“كل شخصية في العمل كانت تمثل حالة مصرية حقيقية. لم نكتب شخصيات من الخيال، بل من الشارع والبيت والمقهى. ضيوف الشرف لم يكونوا مجرد ظهور عابر، بل عنصر أساسي في نسيج الحكاية.”
وأشار إلى أن فكرة العمل اعتمدت على الدراما الكوميدية التي تُبنى على الموقف وليس النكتة المباشرة، وهو ما جعله يلقى صدى واسعًا لدى مختلف فئات الجمهور.
التحدي القادم: كيف يكون الجزء الثالث مختلفًا؟
تحدّث دياب عن أن تقديم جزء ثالث من عمل ناجح هو مسؤولية كبيرة، لأن التوقعات ترتفع مع كل موسم.
وأوضح أن فريق الكتابة يعمل حاليًا على تصعيد الأحداث وتوسيع الأفق الدرامي ليحافظ المسلسل على مكانته.
وأضاف:
“لن نعيد تدوير نفس المواقف أو نكرر الكوميديا القديمة، بل سننقل الشخصيات إلى مرحلة جديدة من حياتهم. الجمهور يحب أن يرى التطور، لا أن يعيش في حلقة مفرغة.”
كما أشار إلى أن العمل الجديد قد يشهد انضمام وجوه جديدة أو تحولات في مسار بعض الشخصيات، بما يتماشى مع التغيرات الاجتماعية والمهنية في حياة الأبطال.
وأكد دياب أن المسلسل سيبقى محافظًا على هويته الأصلية التي تمزج الكوميديا بالمواقف الواقعية، لكنه سيقدّم رؤية أكثر نضجًا في تناول العلاقات الإنسانية، خصوصًا في ظل التحولات التي يشهدها الشباب المصري في السنوات الأخيرة.
“برشامة”: حين تتحول الغش إلى مرآة للمجتمع
بعيدًا عن الدراما التلفزيونية، كشف خالد دياب عن مشروعه السينمائي الجديد “برشامة”، وهو فيلم يجمع بين الكوميديا الاجتماعية والنقد الواقعي، ويتناول ظاهرة الغش في الثانوية العامة بأسلوب جديد وجريء.
وقال دياب:
“الفكرة بدأت من سؤال بسيط: مين فينا ما غشش؟ مين فينا ما حاولش يغش؟ لكن لما تفكر بعمق، تلاقي إن الغش مش في المدرسة بس، هو انعكاس لطريقة تفكير مجتمع كامل.”
الفيلم – كما أوضح – لا يقتصر على السخرية من سلوك الطلبة، بل يفتح نقاشًا حول مفهوم النجاح نفسه:
هل النجاح هو الدرجات، أم الجهد الحقيقي؟ وهل الغش في الامتحان يعكس أزمة في الطالب أم في النظام كله؟
وأكد أن “برشامة” لا يهدف إلى إدانة أحد، بل يسعى لتقديم صورة ساخرة وواقعية لثقافة المجتمع، من خلال شخصيات مألوفة ومواقف قريبة من حياة الناس.
الكوميديا في خدمة الفكرة الجادة
رغم أن خالد دياب معروف بأسلوبه الجاد في تناول القضايا الاجتماعية، فإنه يؤمن أن الكوميديا قادرة على إيصال الرسائل بأعمق طريقة.
وقال:
“الضحك أحيانًا أصدق وسيلة لتعرية الواقع. لما الجمهور يضحك، هو في الحقيقة يفكر، لأن الموقف الكوميدي بيكشف التناقض اللي بنعيشه كل يوم.”
وأوضح أن فيلم “برشامة” سيقدم توازنًا بين الضحك والمغزى، مشيرًا إلى أن النص في مراحله الأخيرة قبل اختيار فريق العمل وبداية التصوير خلال العام المقبل.
بين الدراما والسينما: خالد دياب وتجربة “هابي بيرث داي”
إلى جانب مشاريعه الجديدة، تحدث دياب عن تجربته الأخيرة في فيلم “هابي بيرث داي”، الذي مثّل مصر في منافسات الأوسكار 2025.
الفيلم، الذي كتب خالد دياب سيناريوه، يُعد من التجارب المختلفة في مسيرته، كونه يجمع بين الدراما الإنسانية والرؤية البصرية السينمائية المبتكرة.
وقال دياب عن التجربة:
“الفيلم بالنسبة لي تجربة عزيزة، لأنها قدّمت السينما المصرية للعالم من زاوية جديدة. العمل لا يعتمد على النمط التقليدي في الحكي، بل على الإحساس والمشهد واللحظة الإنسانية.”
وأشار إلى أن الفيلم كان بمثابة نقطة تحول في رؤيته كمبدع، إذ جعله يؤمن أكثر بضرورة المزج بين السينما المحلية واللغة العالمية، بحيث تحمل الأفلام المصرية مضمونًا يعبّر عن المجتمع، لكن بوسائل إخراجية قادرة على التواصل مع جمهور أوسع.
رؤية خالد دياب: الفن كمرآة للتغيير
على مدار مسيرته، يُعرف خالد دياب بأسلوبه الذي يجمع الواقعية الاجتماعية والذكاء الكوميدي. سواء في أفلام مثل هي فوضى وعسل أسود والجزيرة (التي شارك في كتابتها)، أو في أعماله الإخراجية الخاصة، يظل محور اهتمامه هو الإنسان البسيط.
ويؤكد دياب دائمًا أن الفن ليس مجرد تسلية، بل وسيلة للتفكير والتغيير.
“أنا مؤمن إن السينما والدراما ليهم دور في طرح الأسئلة. مش شرط ندي إجابات، لكن لازم نفتح العقول. لما الجمهور يخرج من الفيلم وهو بيفكر، يبقى العمل نجح.”
وفي كل أعماله، يتضح حرصه على تقديم حكايات قريبة من الناس، تُعبّر عن المجتمع المصري بلغة يفهمها الجميع، دون وعظ أو خطابية.
بين المهرجانات والجمهور: مخرج يوازن بين الفن والشعبية
وجود خالد دياب في مهرجان الجونة السينمائي ليس حدثًا بروتوكوليًا فحسب، بل يعكس حرصه على التفاعل مع الوسط الفني والجمهور في آن واحد.
فهو يوازن دائمًا بين العمل الجاد الذي يشارك في المهرجانات، والعمل القريب من الناس الذي يُعرض في المنازل أو دور السينما.
وفي كلماته خلال المهرجان، شدد على أن النجاح الحقيقي هو أن تصل الفكرة، لا أن تتصدر القوائم فقط.
“الجمهور المصري ذكي، وبيميز بين العمل اللي بيتعمل بحب، والعمل اللي بيتعمل لمجرد الانتشار. عشان كده لازم نشتغل على الجودة مش على الكثرة.”
ما بين “أشغال شقة” و”برشامة”: خيط فني واحد
رغم اختلاف طبيعة المشروعين، يرى دياب أن بينهما خيطًا مشتركًا: الاهتمام بالإنسان المصري في تفاصيل حياته اليومية.
فـ “أشغال شقة” يتناول العلاقات والتحديات المعيشية بروح كوميدية، بينما “برشامة” يفتح ملف التعليم والقيم، لكن كلاهما ينبع من الواقع ذاته.
ويضيف:
“أنا شايف إن الفن لازم يلمس حياة الناس. لما الجمهور يشوف نفسه على الشاشة، يصدقك. سواء بيضحك أو بيعيط، المهم يحس إنك بتحكي عنه.”
نظرة مستقبلية: ماذا ينتظر الجمهور من خالد دياب؟
مع النجاح الذي حققه في السنوات الأخيرة، يتوقع الجمهور أن تكون المرحلة المقبلة في مسيرة خالد دياب أكثر جرأة وتجريبًا.
فهو لم يعد مجرد كاتب سيناريو أو مخرج، بل أصبح صوتًا فنيًا يعبر عن جيل بأكمله.
ويبدو أن خططه المقبلة ستحمل تنويعًا بين الكوميديا الاجتماعية والدراما الواقعية، مع توجه متزايد نحو السينما ذات البعد الإنساني العالمي، خصوصًا بعد تجربة “هابي بيرث داي”.
خاتمة: خالد دياب بين الحلم والمسؤولية
في ختام حديثه، عبّر خالد دياب عن امتنانه للجمهور الذي دعم أعماله طوال السنوات الماضية، مؤكّدًا أن كل خطوة فنية جديدة بالنسبة له هي مسؤولية قبل أن تكون مغامرة.
وقال:
“الفنان لازم يفضل يحلم، لكن كمان لازم يعرف إن الحلم مسؤولية. كل عمل جديد هو وعد للجمهور إنك تقدم له حاجة تستحق الانتظار.”
وبينما ينتظر الجمهور الجزء الثالث من “أشغال شقة” بفارغ الصبر، ويتطلع إلى فيلم “برشامة” الذي يعد بمناقشة قضية قريبة من كل بيت، يواصل خالد دياب رسم خطّه الخاص في السينما والدراما المصرية: فن يضحكك لتفكر، ويبسطك ليوقظك.