القاهرة – السابعة الاخبارية
فيفيان الفقي، فقد الوسط الإعلامي المصري صباح الأحد 19 أكتوبر 2025، واحدة من أبرز أيقوناته الإنسانية والمهنية، بوفاة الإعلامية فيفيان الفقي، بعد صراع مؤلم وطويل مع مرض السرطان. رحلت بابتسامتها التي لم تفارق وجهها، تاركة خلفها إرثًا من المحبة والاحترام، وشاشة اعتادت على طيفها الهادئ وصوتها الدافئ.
فيفيان الفقي.. رحيل موجع وإنسانية باقية
كانت فيفيان الفقي من تلك الأسماء التي حفرت لنفسها مكانًا خاصًا في قلوب المتابعين، ليس بالصخب أو الإثارة، بل بأسلوبها الهادئ والمحبب، وبالاحترام العميق الذي كانت تبديه تجاه ضيوفها ومشاهديها. لم تكن فقط مذيعة تؤدي دورها، بل كانت مرآةً للإنسانية ومثالاً للمرأة المهنية النبيلة.
جاء نبأ رحيلها بمثابة الصدمة للوسط الإعلامي، حيث عمّ الحزن أرجاء منصات التواصل الاجتماعي، وانهالت عبارات النعي والدعاء من إعلاميين وفنانين وجمهور تعلقوا بها على مدار سنوات طويلة من العطاء والتأثير.
بسمة وهبة توثق الوداع الأخير: “لقنتها الشهادة”
كان أكثر ما لفت الانتباه في لحظات الوداع، هو ما روته الإعلامية بسمة وهبة، صديقة الراحلة، التي كشفت أنها كانت بجوار فيفيان في لحظاتها الأخيرة، وقالت بكلمات مؤثرة:
“الضحكة الباسمة رحلت، ومعها البهجة والحياة… إنا لله وإنا إليه راجعون.”
وأضافت وهي تغالب دموعها أن الصداقة التي جمعتها بفيفيان لم تكن عادية، بل علاقة إنسانية ممتدة لسنوات، اختُتمت بمشهد مؤثر حين لقّنتها الشهادة قبل رحيلها، في لحظة خاشعة تلخّص حجم الارتباط الروحي بين الاثنتين.
مسيرة إعلامية متميزة
بدأت فيفيان الفقي مشوارها الإعلامي من التلفزيون المصري، في زمن كانت فيه الشاشة الرسمية بوابة كل الحالمين بالتأثير والتغيير. لم تتكئ على جمالها أو شهرتها، بل على اجتهادها وثقافتها، وتمكنت بسرعة من إثبات ذاتها عبر تقديم برامج اجتماعية وثقافية لاقت صدى واسعًا لدى الأسرة المصرية.
تميّزت فيفيان بأنها لم تسعَ إلى الإثارة أو جذب الانتباه من خلال الجدل، بل كانت تسعى دائمًا إلى تقديم محتوى يحمل مضمونًا ويحترم عقل المشاهد. كانت تطل على الجمهور بابتسامة هادئة، بثقة الرصين الذي يعرف ما يقول، ويقدّر قيمة الكلمة وتأثيرها.
حضور أنثوي ناعم وقوي في آن
كانت فيفيان الفقي من النماذج النادرة التي جمعت بين الأنوثة والرزانة، وبين البساطة والعمق. أداؤها الإعلامي لم يكن مجرد قراءة نصوص أو إدارة حوارات، بل كان تواصلاً حقيقيًا مع القلوب، جعلها تحجز لنفسها مكانة مختلفة عن بقية الأسماء اللامعة.
استطاعت عبر سنوات من العمل الإعلامي أن تصبح رمزًا للمهنية النظيفة، التي لا تساوم على المبادئ ولا تركض خلف التريندات السطحية. اختارت أن تكون صوتًا هادئًا في عالم صاخب، وصورة مشرقة في مشهد إعلامي بات يعاني من التلوث البصري واللفظي في كثير من الأحيان.
المعركة مع المرض… بطولة من نوع خاص
خلف الكاميرات، خاضت فيفيان معركة شرسة مع مرض السرطان، لم تعلن عنها في بدايتها، وظلت تتعامل مع آلامها بصمت وقوة. لكن مع تدهور حالتها الصحية، بدأت بعض الأخبار تخرج إلى العلن، وخاصة بعد مناشدة بسمة وهبة لوزير الصحة بالتدخل لتوفير رعاية طبية عاجلة لصديقتها، في وقت خضعت فيه لعملية جراحية صعبة أدت إلى تدهور حالتها بشكل مفاجئ.
ورغم الألم والمعاناة، ظلت فيفيان مثالاً للمرأة القوية، لا تفقد ابتسامتها، ولا تتخلى عن أملها، حتى في أشد لحظات المرض قسوة. وقد حرصت على الظهور في بعض المقاطع والصور أثناء رحلة العلاج، لتبث الأمل للمرضى وتؤكد أن السرطان ليس نهاية، بل مرحلة تحتاج إلى قوة نفسية وروحية.
محبة كبيرة من الوسط الفني والإعلامي
مع إعلان نبأ وفاتها، انهالت رسائل النعي من زملائها وأصدقائها، سواء من الوسط الإعلامي أو الفني. كان واضحًا أن فيفيان الفقي لم تكن فقط مذيعة، بل إنسانة تركت أثرًا طيبًا فيمن حولها.
نعاها فنانون مثل نرمين الفقي، وبوسي، وسامو زين، الذين جمعتهم بها علاقات صداقة ولقاءات إعلامية وإنسانية، وأجمعوا جميعًا على أنها كانت صاحبة “قلب أبيض”، وابتسامة حقيقية، لم تعرف يومًا التكبر أو التصنع.
احترام الجمهور… أعظم وسام
كانت فيفيان من القلائل الذين حافظوا على احترام الجمهور طوال مسيرتهم. لم تُعرف بإثارة الجدل، ولم تُستدرج إلى معارك إعلامية مفتعلة. كانت تؤمن بأن المذيع الناجح هو من يربّي ذائقة المشاهد، لا من يلهث خلف ذوق السوق.
وهذا ما أكسبها احترامًا كبيرًا من كل الفئات، وخاصة من الأسر المصرية، التي وجدت في برامجها محتوى نظيفًا وآمنًا، يمكن متابعته دون قلق أو تحفظ.
خصوصية حتى في الرحيل
في مشهد يشبه هدوءها في الحياة، لم تُعلن عائلة الراحلة حتى الآن عن تفاصيل الجنازة أو العزاء، في دلالة على خصوصية حافظت عليها حتى بعد رحيلها. وهو ما يعكس كذلك احترام المحيطين بها لرغبتها في عدم تحويل لحظات وداعها إلى عرض إعلامي.
فيفيان الفقي… اسم سيبقى رغم الغياب
الحديث عن رحيل فيفيان الفقي لا يُختزل في خبر وفاة، بل في حالة إنسانية ومهنية تستحق التأمل والتقدير. لقد أثبتت أن الإعلام يمكن أن يكون مهنة راقية، تحترم عقول الناس وتساهم في بنائهم، دون أن تجرّهم إلى مساحات الابتذال أو السطحية.
وربما يكون أجمل ما يمكن أن يُقال عنها الآن، أنها رحلت كما عاشت: في هدوء، وفي احترام، وفي قلوب الجميع.
سيرة ذاتية مختصرة
- الاسم: فيفيان الفقي
- الجنسية: مصرية
- المهنة: إعلامية
- بداية المسيرة: من التلفزيون المصري
- أبرز البرامج: برامج اجتماعية وثقافية
- الصفات المهنية: الرصانة، الاحترام، التعاطف
- الصفات الشخصية: محبة للناس، متواضعة، قوية الإرادة
- الصراع الصحي: مع مرض السرطان لسنوات
- المقربون منها: بسمة وهبة، نرمين الفقي، بوسي، سامو زين
- تاريخ الوفاة: 19 أكتوبر 2025
رحيل فيفيان الفقي يترك فراغًا في ساحة الإعلام المصري، لكنه يخلّف أيضًا درسًا في كيف يمكن أن تكون المهنة رسالة، وأن تبقى البصمة حتى بعد أن يُطوى العمر.
رحم الله الإعلامية الراقية، وجعل معاناتها في ميزان حسناتها، وألهم أهلها ومحبيها الصبر والسلوان.