لبنان – السابعة الإخبارية
فضل شاكر.. في وقت حساس يشهد إعادة فتح ملفات قديمة تثير الجدل في الشارع اللبناني، تصدر الفنان اللبناني المعتزل فضل شاكر المشهد الإعلامي مجددًا، بعدما انتشرت أنباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بتعرضه لوعكة صحية مفاجئة، قبيل مثوله أمام القضاء في جلسة استجواب مرتقبة.
غير أن هذه الأنباء، التي لاقت رواجًا واسعًا بين المتابعين، لم تصمد طويلًا أمام نفيٍ قاطع من مصادر مقربة من الفنان، أكدت أنه بصحة جيدة، ويعيش حياته اليومية بشكل طبيعي داخل مكان احتجازه في وزارة الدفاع، بانتظار سير الإجراءات القضائية التي أعيد تحريكها مؤخرًا ضده، بعد سنوات من الجدل والغموض.

شائعة سريعة الانتشار.. ورد سريع بالنفي
في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، ضجت صفحات مواقع التواصل بمنشورات تتحدث عن نقل الفنان فضل شاكر إلى المستشفى بعد تعرضه لأزمة صحية، تزامنًا مع اقتراب موعد جلسة الاستجواب التمهيدية التي حددها القاضي بلال ضناوي، رئيس محكمة الجنايات في بيروت، والمقررة يوم الأربعاء 22 أكتوبر.
ومع انتشار هذه الأنباء، خرج مصدر مقرّب من شاكر بتصريح صحفي يؤكد فيه أن كل ما يُتداول حول حالته الصحية “عارٍ تمامًا من الصحة”، مشددًا على أن الفنان يتمتع بصحة مستقرة، ولم يُنقل لأي مستشفى أو يتعرض لأي انتكاسة.
وأكد المصدر أن مثل هذه الشائعات ليست جديدة، بل اعتاد فضل شاكر على مواجهتها كلما تحرك ملفه القضائي أو عاد إلى واجهة الأخبار، متهمًا بعض الأطراف بمحاولة تشويه صورته أو إثارة البلبلة قبيل أي استحقاق قانوني يتعلق بقضيته.
فنان يلاحقه الماضي
الجلسة التي يستعد فضل شاكر للمثول فيها أمام القضاء، تأتي ضمن إطار التحقيقات المرتبطة بأحداث عبرا الشهيرة عام 2013، والتي كان قد اتُّهم خلالها بالارتباط بالشيخ أحمد الأسير وجماعته، قبل أن ينفي لاحقًا أي علاقة مباشرة بالمعارك أو بالتحريض.
القضية الحالية تتعلق باتهامه في قضية “التحريض على محاولة قتل المدعي هلال حمود”، وهي دعوى منفصلة عن ملف أحداث عبرا الأساسي، إلا أن الرأي العام اللبناني لا يزال يربط بين القضيتين نظرًا للتقارب الزمني بينهما، وغموض بعض التفاصيل التي لم تُحسم حتى الآن بشكل نهائي.
وتُعد هذه الجلسة واحدة من أبرز المحطات القانونية التي سيمر بها الفنان منذ إعلانه تسليم نفسه للسلطات قبل أشهر، في خطوة فُسّرت آنذاك على أنها محاولة لتسوية وضعه القانوني والحصول على محاكمة عادلة.

المحامية: فضل شاكر بريء ومستعد للمواجهة
من جهتها، أكدت المحامية أماتا مبارك، الموكّلة بالدفاع عن الفنان، أن موكلها “بريء من جميع التهم”، وأنه “اتخذ قرار تسليم نفسه عن قناعة، وثقة بنزاهة القضاء اللبناني”.
وأضافت في تصريحات إعلامية: “فضل شاكر اليوم مستعد لمواجهة الادعاءات بكل شفافية، ويثق أن القضاء سينظر إلى ملفه بعيدًا عن التسييس والضغوط، بعد أن خفتت ضوضاء المرحلة السابقة”.
وشددت المحامية على أن ملف شاكر “مستقل تمامًا” عن ملف الشيخ أحمد الأسير، مشيرة إلى أن الإعلام ظلم موكلها لسنوات عبر خلط الملفات، وتجاهل المبادرات التي اتخذها الفنان في محاولة لتوضيح موقفه، وعلى رأسها مقاطع الفيديو التي بثها من مخيم عين الحلوة سابقًا.
عودة إلى الأضواء.. بين القانون والرأي العام
فضل شاكر، الذي كان يُعد من أبرز نجوم الطرب العربي في أوائل الألفية الجديدة، ابتعد عن الساحة الفنية منذ أكثر من عقد بعد اتهامات متعددة تتعلق بانخراطه في التيارات المتشددة خلال مرحلة الاضطرابات الأمنية في لبنان، وهو ما نفاه مرارًا وتكرارًا.
وخلال تلك الفترة، عاش شاكر داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، محاصرًا من السلطات وملاحقًا قضائيًا، إلى أن قرر تسليم نفسه قبل شهور، مؤكدًا رغبته في “إغلاق هذا الفصل من حياته”، وبدء صفحة جديدة.
لكن بين رغبة الفنان في المصالحة مع القانون، وبين الذاكرة الجمعية للبنانيين، يبدو أن الطريق لن يكون سهلاً. فالقضية، بكل تفاصيلها المتشابكة، لا تتعلق فقط بمتهم وبمحكمة، بل برمزية فنان تربع يومًا على قلوب الجماهير، قبل أن يتحول إلى مادة جدلية في النقاش السياسي والقضائي والإعلامي.

ما بعد الجلسة.. هل تعود الحياة إلى طبيعتها؟
من المنتظر أن تُعقد الجلسة التمهيدية في موعدها وسط حراسة مشددة، وتحت أنظار الإعلام والرأي العام. وفي حال لم يتم تأجيلها أو استدعاء فحوصات إضافية، سيبدأ القضاء رسم ملامح المرحلة المقبلة من ملف فضل شاكر، والتي ستحدد إن كان سيُبرّأ بالكامل، أو يخضع للمساءلة القضائية بشروط.
وبينما يؤكد المقربون من الفنان أنه يتطلع إلى “نهاية عادلة”، تبقى العدالة وحدها هي الحكم الفاصل، في قضية تشكّل مثالاً صارخًا على التداخل المعقد بين الفن، والسياسة، والدين، والذاكرة الشعبية.