المغرب – السابعة الإخبارية
تشهد كرة القدم المغربية حاليًا عصرًا ذهبيًا غير مسبوق، حيث تحولت إنجازات منتخبات المملكة من مجرد مفاجآت عابرة إلى مسيرة ثابتة نحو الريادة العالمية، مدفوعة برؤية استراتيجية واضحة وتخطيط طويل الأمد. ما يحققه “أسود الأطلس”، على اختلاف فئاتهم، لم يعد يُقاس بالميداليات والألقاب فحسب، بل بات يُدرّس كمشروع ناجح في الاستثمار الرياضي والوطني.
من قطر إلى تشيلي.. خارطة مجد مرسومة بدقة
كانت البداية في مونديال قطر 2022، حين فجّر المنتخب المغربي الأول بقيادة المدرب الوطني وليد الركراكي مفاجأة مدوية بوصوله إلى نصف نهائي كأس العالم، كأول منتخب عربي وأفريقي يحقق هذا الإنجاز. ولم يتوقف الحلم هناك، إذ أنهى “أسود الأطلس” البطولة في المركز الرابع، وألهبوا قلوب الملايين بأدائهم وروحهم القتالية.
ثم جاءت أولمبياد باريس 2024، لتواصل الكرة المغربية تألقها، وهذه المرة عبر المنتخب الأولمبي بقيادة طارق السكتيوي، الذي نجح في إحراز الميدالية البرونزية، في إنجاز غير مسبوق على مستوى الدورات الأولمبية للعرب.
لكن الحدث الأبرز تمثل في تتويج منتخب الشباب تحت 20 عامًا بلقب كأس العالم للشباب في تشيلي، بعد الفوز على منتخب الأرجنتين في النهائي بنتيجة 2-0، ليدوّن المغرب اسمه بحروف من ذهب كأول بلد عربي وأفريقي يحرز اللقب بهذه الفئة.
المدرب الوطني.. كلمة السر في النهضة
لا يمكن فصل هذه الإنجازات عن النهج الذي اعتمده الاتحاد المغربي لكرة القدم، والمبني على الثقة في الكفاءات الوطنية. فقد أدرك المسؤولون أن المدرب المحلي هو الأقدر على فهم تركيبة اللاعب المغربي، نفسيًا وثقافيًا وتكتيكيًا.
وليد الركراكي مع المنتخب الأول
طارق السكتيوي مع الأولمبيين والمحليين
نبيل باها مع منتخب تحت 17 عامًا
محمد وهبي مع منتخب الشباب
هؤلاء جميعًا لم يكونوا مجرد مدربين، بل قادة مشروع وطني متكامل، استطاعوا خلال فترة قصيرة أن يقودوا منتخباتهم نحو ألقاب غير مسبوقة، وأن يصنعوا جيلًا جديدًا من اللاعبين بثقافة الفوز وروح الانتماء.
من القارة إلى العالم.. سيادة بالأداء لا بالشعارات
لم تكن النجاحات المغربية محصورة في البطولات العالمية فقط، بل امتدت لتشمل القارة الأفريقية، حيث حافظ المغرب على حضوره القوي وهيمنته عبر مختلف الفئات:
فاز منتخب الناشئين تحت 17 عامًا بلقب كأس أمم أفريقيا 2025، بقيادة نبيل باها.
أحرز منتخب المحليين لقب بطولة أفريقيا للاعبين المحليين (الشان) للمرة الثالثة، بقيادة السكتيوي.
بهذه الأرقام، يصبح المغرب أول بلد عربي وأفريقي يحقق هذا العدد من البطولات في فترة زمنية لم تتجاوز 3 سنوات، جامعًا بين التميّز القاري والتفوق العالمي، وهو ما لم يحدث في تاريخ الكرة العربية والأفريقية.
القادم.. مونديال الناشئين في قطر
العيون الآن تتجه إلى كأس العالم للناشئين المقررة في قطر نوفمبر المقبل، حيث يقود نبيل باها منتخب تحت 17 عامًا، وسط طموحات عالية بمواصلة المسيرة الذهبية، وإضافة صفحة جديدة لسجل “أشبال الأطلس”.
هذا الطموح لم يعد مجرد أمل جماهيري، بل جزء من مشروع مدروس يسير بخطى ثابتة، يضع كل فئة عمرية في موقع مسؤولية، ويمنحها الأدوات اللازمة للتألق.
درس مغربي للعرب: هكذا تُبنى كرة القدم
ما تصنعه الكرة المغربية اليوم يتجاوز حدود الرياضة، فهو نموذج يحتذى به في الإدارة، والتخطيط، والاستثمار في الطاقات الوطنية. لم تعد الأكاديميات مجرد بنايات، بل مصانع حقيقية للمواهب. ولم يعد الجهاز الفني أداة تسيير، بل شريكًا في صنع القرار والرؤية.
وفي الوقت الذي ما زالت فيه بعض المنتخبات العربية تُراهن على “المدرب الأجنبي” أو “الحظ في القرعة”، يُقدّم المغرب درسًا واضحًا: النجاح يبدأ من الداخل، من الثقة بالنفس، والعمل الجاد، وامتلاك رؤية مستقبلية متكاملة.
المغرب يعيد رسم خريطة كرة القدم العربية
خلال سنوات قليلة، تحوّل المغرب من منافس تقليدي إلى قوة رياضية كبرى على مستوى العالم، يعاد له الحساب في كل بطولة، ويُراقب مشروعه عن كثب من قبل الاتحادات الأخرى.
“أسود الأطلس” و”أشبال الأطلس” و”محاربو الأطلس”؛ باتوا جميعًا علامات مسجلة لمشروع رياضي حقيقي، يعكس طموح أمة، ويُجسّد كيف يمكن لكرة القدم أن تكون مصدر فخر وطن بأكمله.
