دبي – السابعة الإخبارية
تشهد منطقة الشرق الأوسط طفرة غير مسبوقة في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ لم يعد هذا المفهوم مجرّد فكرة مستقبلية أو مجالاً بحثياً محصوراً في المختبرات، بل أصبح اليوم ركيزة أساسية في خطط التنمية الوطنية للدول الرائدة في المنطقة، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة.
فقد أدركت حكومات المنطقة أن الذكاء الاصطناعي هو القوة المحركة القادمة للاقتصاد العالمي، فعملت على دمجه في السياسات العامة، واستثمرت في البنية التحتية الرقمية، وعزّزت بيئات الابتكار التي تُسهم في تسريع اعتماده عبر مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية.

14% من الناتج المحلي للإمارات بحلول 2030
تشير التقديرات الدولية إلى أن الذكاء الاصطناعي سيسهم بنحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بحلول عام 2030، ما يجعلها من بين أعلى الدول في العالم من حيث الأثر الاقتصادي المتوقع لهذه التقنية.
وبحسب تقرير أصدرته شركة Wondershare العالمية للحلول الرقمية، فإن الإمارات وضعت الذكاء الاصطناعي في قلب عملياتها الحكومية والاستراتيجية، عبر رؤية شاملة تهدف إلى جعل الدولة نموذجاً عالمياً في التحول الرقمي، ليس فقط من حيث التطبيقات، بل أيضاً في بناء المعرفة والقدرات الوطنية.
وقد قلّصت الدولة دورات التخطيط الاستراتيجي إلى ثلاث سنوات فقط بدلاً من عشر، بهدف تعزيز المرونة والقدرة على الاستجابة السريعة للتحولات التقنية المتسارعة، كما استثمرت في الجيل القادم من البنية التحتية الرقمية، من شبكات الحوسبة السحابية المتقدمة إلى تطوير نماذج لغوية ضخمة قادرة على التفاعل الذكي مع اللغة العربية واللغات الأخرى.
ابتكارات إماراتية رائدة
ضمن هذه الجهود، برزت مبادرات إماراتية أصبحت اليوم علامات فارقة في المشهد التكنولوجي العالمي، مثل سلسلة Falcon للنماذج اللغوية الكبيرة التي طوّرها معهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي، والتي تنافس أبرز النماذج العالمية في مجالات الفهم اللغوي والتفاعل الذكي وتوليد النصوص.
كما شهدت الدولة مؤخراً إطلاق أول مركز لتقنيات الذكاء الاصطناعي من شركة Nvidia في المنطقة، في خطوة تعكس رغبة الإمارات في أن تكون منصة عالمية للأبحاث والتطوير في هذا المجال الحيوي، ما يعزز مكانتها كوجهة مفضلة للشركات والمبدعين والمستثمرين في التكنولوجيا المتقدمة.

«جيتكس غلوبال».. منصة الابتكار والإلهام
وقد جسّد معرض “جيتكس غلوبال” الذي استضافته دبي هذا العام هذا التوجه الطموح بوضوح، إذ أصبح المعرض بمثابة منصة إقليمية ودولية لاستعراض أحدث التطورات في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
وشهد الحدث مشاركة واسعة من مؤسسات التكنولوجيا الكبرى والناشئة، التي قدمت نماذج عملية لكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، من التعليم والرعاية الصحية إلى الخدمات الحكومية والطاقة والاتصالات.
ومن بين أبرز الشركات المشاركة كانت Wondershare، التي عرضت مجموعة من حلولها المبتكرة المصممة لدعم المؤسسات في رحلتها نحو رقمنة الأعمال وتعزيز الإنتاجية تحت شعار:«More AI, More Possibilities» – مزيد من الذكاء الاصطناعي، مزيد من الإمكانات.
Wondershare: تمكين المؤسسات نحو المستقبل
وخلال مشاركتها في المعرض، استعرضت Wondershare باقة من تطبيقاتها وحلولها القائمة على الذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى تبسيط العمليات المؤسسية وتسريع التحول الرقمي عبر أدوات تحليل البيانات والتصميم الذكي وإنتاج المحتوى.
وقال المتحدث باسم الشركة إن الشرق الأوسط يشهد حالياً نقطة تحوّل استراتيجية نحو الاقتصاد المعرفي، مشيراً إلى أن الإمارات تمثل بيئة نموذجية لتجارب الشركة، بفضل سياساتها الداعمة للابتكار واستثماراتها الضخمة في التقنيات المستقبلية.
وأضاف: «رؤيتنا هي تمكين المؤسسات من تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي لتطوير أعمالها وزيادة كفاءتها. المنطقة تمتلك طاقات بشرية مبدعة، ونحن نعمل على توفير الأدوات التي تتيح لهذه الطاقات تحقيق أقصى إمكاناتها.»

الذكاء الاصطناعي كرافعة للنمو الاقتصادي
ويرى خبراء التكنولوجيا أن الذكاء الاصطناعي سيصبح خلال السنوات المقبلة المحرك الأبرز لنمو اقتصادات المنطقة، ليس فقط عبر زيادة الإنتاجية، بل من خلال خلق قطاعات جديدة بالكامل، مثل التصميم الرقمي الذكي، والمدن المستدامة، وأنظمة النقل ذاتية القيادة، والطب القائم على التحليل التنبئي.
وفي هذا السياق، تشكل تجربة الإمارات نموذجاً يُحتذى به في بناء منظومة متكاملة تجمع بين الرؤية الحكومية، والاستثمار في البحث والتطوير، وتمكين القطاع الخاص، بما يضمن الاستفادة القصوى من الفرص التي تتيحها الثورة الصناعية الرابعة
مستقبل يكتبه الذكاء
ومع تزايد الاستثمارات والمبادرات في هذا المجال، يبدو أن الشرق الأوسط يسير بخطى ثابتة نحو عصر جديد تتصدر فيه البيانات والذكاء الاصطناعي مسارات النمو.
وفي قلب هذا التحول، تبرز الإمارات كـ منارة إقليمية تجمع بين الطموح والرؤية والعمل المؤسسي المنظم، حيث لم تعد التكنولوجيا خياراً تنموياً، بل أصبحت لغة المستقبل التي تُكتب بها قصة التنمية والريادة في المنطقة.
