مصر – السابعة الإخبارية
المتحف المصري.. تستعد مصر لحدث استثنائي طال انتظاره، إذ يترقب العالم خلال الأيام القليلة المقبلة الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، في احتفالية ضخمة ستقام يوم السبت المقبل، الموافق الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، بحضور ملوك ورؤساء وشخصيات بارزة من مختلف دول العالم. هذا المشروع العملاق، الذي شغل المهتمين بالآثار والثقافة لعقود، يُعد الأكبر من نوعه على مستوى العالم المخصص لحضارة واحدة، وهو الحضارة المصرية القديمة، التي ما زالت تدهش الإنسانية بأسرارها وإنجازاتها الخالدة.
صرح حضاري عند أعتاب الأهرامات
يقع المتحف المصري الكبير في موقع استراتيجي عند بداية طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، وعلى بُعد نحو كيلومترين فقط من هضبة الأهرامات الشهيرة. هذا الموقع الفريد لم يُختَر صدفة، بل جاء ليضع الزائر في قلب التاريخ، حيث يطل المتحف مباشرة على الأهرامات في مشهد بانورامي يأسر الأنظار، ويربط بين عبقرية الماضي وروح الحاضر. ويشكل المتحف امتدادًا طبيعيًا لموقع الأهرامات، ليخلق تجربة فريدة تمزج بين الأصالة والحداثة، وبين عبق التاريخ وروعة العمارة المعاصرة.

تصميم معماري مستلهم من روح الحضارة
اختار المصممون للمتحف شكل المثلث ليكون جوهر تصميمه المعماري، في إشارة إلى الشكل الهرمي الذي يُعد رمزًا خالدًا للحضارة المصرية القديمة. وجاءت الواجهات الزجاجية الواسعة لتفتح رؤية مباشرة على الأهرامات، فيما استخدمت أحدث التقنيات في الإضاءة والعرض المتحفي لخلق تجربة تفاعلية غير مسبوقة. ويُتوقع أن يصبح المبنى ذاته تحفة معمارية تضاهي في روعتها ما يحتويه من كنوز.
أضخم عرض لمجموعة توت عنخ آمون في التاريخ
للمرة الأولى في التاريخ، سيتمكن الزوار من مشاهدة المجموعة الكاملة للملك الشاب توت عنخ آمون داخل قاعات عرض خُصصت له بالكامل. وتضم المجموعة أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية، بعضها يُعرض لأول مرة منذ اكتشاف المقبرة الأسطورية في وادي الملوك عام 1922. وتم تصميم القاعات وفق معايير دقيقة تحاكي الأجواء الأصلية للمقبرة، لتتيح للزائرين رحلة زمنية إلى عالم الفراعنة المهيب.
كنوز وآثار لم تُعرض من قبل
إلى جانب مجموعة توت عنخ آمون، يضم المتحف المصري الكبير آلاف القطع الأثرية التي تُعرض لأول مرة، من تماثيل مهيبة للملوك والملكات إلى قطع نادرة من الحياة اليومية في مصر القديمة. كما يضم المتحف تمثال رمسيس الثاني الضخم الذي استُقبل في مدخله الرئيسي، ليكون أول ما يراه الزائر عند دخوله هذا الصرح الفريد، في مشهد يرمز إلى العظمة والقوة التي ميّزت الحضارة المصرية.
مساحة هائلة ومرافق متكاملة
يمتد المتحف على مساحة تتجاوز 500 ألف متر مربع، ليكون واحدًا من أكبر المتاحف في العالم. وتضم هذه المساحة قاعات عرض ضخمة، وساحات مفتوحة، ومنطقة تجارية وترفيهية متكاملة، إلى جانب مركز عالمي للترميم والأبحاث الأثرية يُعد من الأحدث في الشرق الأوسط. كما يحتوي على قاعات مخصصة للفعاليات الثقافية، ومناطق لتناول الطعام، وممرات بانورامية مطلة على الأهرامات، لتتحول الزيارة إلى تجربة ثقافية وسياحية متكاملة.
سهولة الوصول وتجربة الزائر
وضعت وزارة السياحة والآثار خطة محكمة لتسهيل وصول الزوار إلى المتحف، حيث يمكن الوصول إليه بسهولة من مطار القاهرة الدولي أو من قلب العاصمة عبر شبكة طرق حديثة، تشمل الطريق الدائري ومحور 26 يوليو. كما جرى تخصيص وسائل نقل مريحة من نقاط رئيسية داخل القاهرة الكبرى إلى المتحف، في إطار استعدادات شاملة تهدف إلى جعل التجربة مريحة ومميزة لجميع الزوار.
استعدادات كبرى في القاهرة والجيزة
تشهد محافظتا القاهرة والجيزة استعدادات مكثفة قبيل يوم الافتتاح، حيث تجرى أعمال تطوير للطرق والميادين المحيطة بالمتحف، إلى جانب تعزيز الخدمات السياحية والفندقية لاستقبال الوفود الدولية. وتشارك جهات عديدة في تنظيم الاحتفالية المنتظرة التي يُتوقع أن تكون من أكبر الفعاليات الثقافية في العالم خلال العقد الأخير، إذ ستتضمن عروضًا فنية تستخدم تقنيات الإضاءة ثلاثية الأبعاد تحكي قصة الحضارة المصرية.

رسالة مصر إلى العالم
يمثل المتحف المصري الكبير أكثر من مجرد مشروع أثري؛ فهو رسالة من مصر إلى العالم تؤكد من خلالها قدرتها على الجمع بين الحفاظ على تراثها العريق ومواكبة التطور الحديث. إنه مشروع يربط الماضي بالحاضر، ويعيد تعريف مفهوم المتاحف في القرن الحادي والعشرين.
ومع افتتاحه المنتظر، ستصبح الجيزة مجددًا مركزًا عالميًا للحضارة والدهشة، حيث تلتقي الحجارة القديمة بأحدث تقنيات العرض الرقمي، في مشهد يخلّد عبقرية المصريين القدماء ويجسد فخر الحاضر بتراثه الذي لا يشيخ.

