الجونة – السابعة الاخبارية
ريتا حرب، في أجواءٍ من البهجة والاحتفاء بالفن والإبداع، أطلت النجمة اللبنانية ريتا حرب على جمهورها من قلب مدينة الجونة المصرية، خلال مشاركتها في فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي الدولي. حضورها اللافت لم يكن مجرد إطلالة على السجادة الحمراء، بل مناسبة جديدة لتؤكد من خلالها أنها فنانة تسعى بخطى واثقة نحو توسيع آفاقها الفنية، وتحقيق حلم طالما راودها: أن تخوض تجربة التمثيل في مصر، بلد السينما والعراقة.
من خلال حديثها لموقع فوشيا، كشفت ريتا عن الكثير من الجوانب الإنسانية والفنية في حياتها، فتحدثت بشفافية عن علاقتها ببناتها، وأسرار نجاحها في التوفيق بين الأمومة والفن، كما سلطت الضوء على تجربتها الجديدة في المسلسل العربي المعرب “أنت أطرق بابي”، مقارنةً بعملها السابق “الخائن”، لتمنح جمهورها لمحة عن ملامح شخصيتها المقبلة وما تحمله من تحديات فنية مختلفة.
ريتا حرب: بين “أنت أطرق بابي” و”الخائن”.. اختلاف في التحدي والتجربة
تبدأ ريتا حديثها بابتسامة مليئة بالحماس وهي تتحدث عن مشروعها الدرامي الجديد “أنت أطرق بابي”، النسخة العربية من المسلسل التركي الشهير الذي حقق نجاحًا واسعًا في العالم العربي. وتؤكد أن هذا العمل يحمل روحًا رومانسية كوميدية خفيفة، تلامس القلب وتُدخل البهجة إلى البيوت، بخلاف الكثير من الأعمال الدرامية التي تميل إلى الجدية والدراما الثقيلة.
تقول ريتا: “المسلسل يقدّم أجواء مليئة بالضحك والعاطفة، وأعتقد أن الجمهور بحاجة أحيانًا إلى هذا النوع من الدراما الخفيفة التي تلامس المشاعر وتمنح طاقة إيجابية.”

وتضيف أن التحضيرات للعمل استغرقت وقتًا طويلًا من البحث والتدريب، خصوصًا في ما يتعلق بفهم تفاصيل الشخصية التي تقدمها. فبحسب وصفها، تمر الشخصية بتقلبات نفسية حادة داخل المشهد الواحد، مما يجعل الأداء أكثر عمقًا وتحديًا. هذا النوع من الأدوار، كما تقول ريتا، يحتاج إلى ممثل يعيش تفاصيل الشخصية، لا يؤديها فقط.
أما عن المقارنة بين تجربتي “الخائن” و**”أنت أطرق بابي”**، فتوضح أن الاختلاف بينهما جوهري:
في “الخائن” كانت الشخصية مأزومة، تحمل ثقلًا نفسيًا كبيرًا وتعاني من الخيانة والصدمات، بينما في “أنت أطرق بابي” تتعامل مع مواقف إنسانية واجتماعية بلغة مليئة بالعواطف الإيجابية والمرح، دون أن تخلو من العمق الإنساني الذي يجعل المشاهد يتفاعل مع القصة ويعيشها.
وتتابع: “كل عمل أقدمه أتعامل معه كأنه تجربتي الأولى. أبدأ من الصفر، أدرس الشخصية بتفاصيلها، أعيشها لحظة بلحظة، لأن التمثيل بالنسبة لي ليس مهنة فقط، بل شغف وحب كبير.”
التحضير للشخصية.. بين العفوية والانضباط
تؤمن ريتا حرب بأن الممثل الناجح لا يمكنه الاعتماد فقط على الموهبة، بل يحتاج إلى التحضير الجيد والانضباط في الأداء. وتشير إلى أنها تمضي وقتًا طويلاً قبل التصوير في دراسة الشخصية، تحليل خلفيتها النفسية والاجتماعية، والتدرب على أدق التفاصيل، حتى تصل إلى حالة من الاندماج الكامل معها.
تقول: “المشاهد ربما لا يرى الجهد الذي يبذله الممثل قبل أن يظهر أمام الكاميرا، لكنه يشعر به من خلال الصدق في الأداء. أنا أحب أن أعيش الشخصية كما لو كانت جزءًا مني، لأن الجمهور يصدقك فقط عندما تكون صادقًا معه.”
وتكشف أن فريق العمل في المسلسل الجديد يضم نخبة من الممثلين السوريين، بينهم أنس طيارة وهيا مرعشلي، وهو ما يمنح التجربة نكهة عربية متنوعة. وعن زملائها تقول ريتا: “التعاون مع ممثلين موهوبين يثري التجربة ويخلق حالة من الانسجام أمام الكاميرا. الكل يعمل بحب وإخلاص، وهذا ما يجعل العمل جميلًا وصادقًا.”
ريتا حرب وبناتها.. علاقة صداقة قبل الأمومة
بعيدًا عن أجواء التصوير والكاميرات، تتحدث ريتا حرب بعفوية عن الجانب الأجمل في حياتها: الأمومة. فالفنانة اللبنانية التي أنجبت في سن صغيرة، تعتبر أن هذا الأمر جعل علاقتها ببناتها أقرب إلى الصداقة منها إلى العلاقة التقليدية بين أم وبناتها.
تقول بابتسامة دافئة: “بناتي هنّ صديقاتي المقرّبات. نشارك بعضنا التفاصيل الصغيرة، نضحك كثيرًا، ونتناقش كصديقات أكثر مما نفعل كأم وبنات.”
وتوضح أنها تؤمن بضرورة التربية المبنية على الثقة والحوار، لا على الأوامر والقرارات المفروضة. فهي تحرص على أن تكون مرشدة لبناتها، لا سلطة عليهنّ، وتمنحهنّ حرية اتخاذ القرار بعد أن تكون قد غرست فيهنّ القيم الصحيحة.
تقول: “أفضل طريقة للتربية هي أن تربي أولادك على الوعي، ثم تترك لهم حرية الاختيار. نحن كأهل نرشدهم وننصحهم، لكنهم في النهاية يعيشون تجربتهم الخاصة.”
ورغم انشغالاتها الفنية الكثيرة، تؤكد ريتا أنها لا تسمح بأن يطغى العمل على حياتها العائلية. فبناتها، كما تصف، هنّ مصدر طاقتها وسعادتها، ووجودهنّ في حياتها يمنحها التوازن الذي تحتاجه لتواصل طريقها بثقة وهدوء.
ريتا حرب وأحلام مصرية في الأفق
من بين أبرز النقاط التي كشفت عنها ريتا خلال حديثها من مهرجان الجونة، رغبتها الكبيرة في خوض تجربة التمثيل باللهجة المصرية، وهي خطوة ترى فيها تحديًا جديدًا ومختلفًا في مسيرتها الفنية.
تقول: “اللهجة المصرية ليست غريبة عليّ أبدًا. نشأت على متابعة المسلسلات المصرية منذ طفولتي، فكنت أستمع إليها وأتفاعل معها. أعتقد أنني أستطيع إتقانها بسرعة لأنني أحبها وأشعر بها.”
وتشير إلى أن حلمها في العمل داخل الدراما أو السينما المصرية ليس وليد اللحظة، بل كان دائمًا أحد طموحاتها الكبرى. فمصر بالنسبة لها هي قلب الفن العربي، والمشاركة في إنتاجاتها تعني الوصول إلى جمهور واسع يمتد من المحيط إلى الخليج.
وتضيف بابتسامة مليئة بالحماس: “أنا جاهزة بخبرتكم ومحبتكم. أتمنى أن تكون الخطوة المقبلة من خلال عمل مصري جميل، يجمع بين الرقي والمضمون، ويمنحني فرصة جديدة لأثبت نفسي أمام الجمهور المصري الذي أقدّره كثيرًا.”
حضورها في مهرجان الجونة.. أناقة وثقة
لا يمكن الحديث عن ريتا حرب دون التطرق إلى حضورها اللافت على السجادة الحمراء. في مهرجان الجونة، ظهرت ريتا بإطلالة أنيقة وجريئة في الوقت ذاته، اختارتها بعناية لتعبّر عن شخصيتها القوية والمتجددة.
بدت متألقة بثقة، تحمل على وجهها ابتسامة هادئة ورسالة واضحة: أن الجمال لا ينفصل عن القوة الداخلية.
وتقول في حديثها عن هذا الحضور: “كل إطلالة أختارها تعبّر عني بطريقة مختلفة. أحب أن أظهر كما أنا، دون تكلّف، لأن البساطة برأيي هي سر الجمال الحقيقي.”
وتضيف أن مشاركتها في المهرجان لا تقتصر على الظهور الإعلامي، بل هي فرصة ثمينة للقاء صناع السينما والتفاعل مع تجارب عربية ودولية مختلفة.
ريتا حرب: الفن رسالة قبل أن يكون مهنة
في ختام حديثها، تتحدث ريتا حرب بعمق عن رؤيتها للفن، مؤكدة أنه بالنسبة لها ليس مجرد وسيلة للشهرة أو النجاح، بل رسالة إنسانية واجتماعية.
تقول: “الفن الحقيقي هو الذي يترك أثرًا في الناس. عندما يخرج المشاهد من المسلسل أو الفيلم وهو متأثر أو متفكر في قضية معينة، فهذا يعني أننا نجحنا.”
وترى أن الممثل يجب أن يوازن بين الأعمال التجارية والأعمال ذات الرسالة، لأن الفن في النهاية يجب أن يعكس هموم الناس ويطرح أسئلة الحياة. وتضيف: “أحب أن أقدّم أعمالًا قريبة من الواقع، تلمس قلوب الناس، وتمنحهم الأمل.”

خاتمة: ريتا حرب.. نجمة تتجدد ولا تتكرر
بهذا الحضور المميز في مهرجان الجونة، وتلك الرؤية الواضحة تجاه الفن والحياة، تثبت ريتا حرب أنها ليست مجرد وجه جميل على الشاشة، بل فنانة تعرف ماذا تريد، وتعمل على تحقيقه بخطوات مدروسة وإصرار كبير.
من الدراما اللبنانية والسورية، إلى حلم المشاركة في الإنتاج المصري، تمضي ريتا في طريقها بثقة وهدوء، حاملة شغفها وحبها للفن، وعاطفتها الصادقة كأم وإنسانة.
فهي فنانة لا تبحث فقط عن الأدوار، بل عن التجارب الإنسانية التي تجعلها تنمو مع كل عمل جديد.
ولعل أجمل ما في مسيرتها، أنها لا تفصل بين ريتا الفنانة وريتا الأم والإنسانة، بل تراهما وجهين لعملة واحدة، تتكاملان لتصنعا منها نجمة حقيقية تستحق الاحترام والإعجاب.
