السابعة الاخبارية
أمازون، شهدت شركة أمازون، واحدة من أكبر الشركات العالمية من حيث عدد الموظفين، موجة جديدة من عمليات التسريح الجماعي طالت نحو 14 ألف موظف في مختلف الأقسام. وتعد هذه الجولة جزءًا من استراتيجية الشركة المستمرة لإعادة الهيكلة وترشيد النفقات، بالتوازي مع جهودها لتعزيز الابتكار ومواكبة التغيرات التكنولوجية العالمية، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي.
أمازون تحدد طريقة الإشعار الجديدة: رسائل نصية قبل البريد الإلكتروني
تميزت الجولة الأخيرة بطريقة إعلام غير مألوفة للموظفين، حيث تلقى الكثير منهم رسائل نصية متتابعة على هواتفهم، تدعوهم لفحص بريدهم الإلكتروني الشخصي أو المهني قبل التوجه إلى العمل.
وأوضحت الرسائل النصية أن البريد الإلكتروني يحتوي على إشعار رسمي يتعلق بمستقبل وظائفهم، فيما تضمنت الرسالة الثانية رقمًا للتواصل مع قسم المساعدة في حال عدم وصول الرسالة الإلكترونية، في محاولة واضحة من الشركة لتجنب حضور الموظفين إلى المكاتب بعد تعطيل صلاحية بطاقاتهم الأمنية.

هذه الطريقة أثارت جدلاً واسعًا داخل الشركة وخارجها، حيث اعتبرها بعض الموظفين وغيرهم نهجًا غير إنساني في التعامل مع عمليات إعادة الهيكلة، كما وصفها محللون بأنها جزء من نمط متزايد في شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل وتسلا، حيث يفاجأ الموظفون بتعطيل حساباتهم وإلغاء صلاحياتهم بين ليلة وضحاها.
هدف الشركة: ترشيد النفقات وتسريع الابتكار
تركز الجولة الأخيرة من التسريحات بشكل أساسي على فرق إدارة التجزئة في أمازون، ضمن جهود مستمرة لتقليص القوى العاملة التي بدأت العام الماضي. وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية الشركة لترشيد النفقات، وتحفيز الابتكار بسرعة أكبر، بما يتماشى مع التغيرات الكبيرة في السوق والتكنولوجيا الحديثة.
وأكدت بيث جالتي، رئيسة الموارد البشرية في أمازون، أن الموظفين المتأثرين سيستمرون في تلقي رواتبهم ومزاياهم لمدة 90 يومًا بعد الإنهاء، بالإضافة إلى التعويضات عن نهاية الخدمة ودعم إعادة التوظيف، مشددة على أن الشركة ملتزمة بتقديم الدعم الكامل خلال فترة الانتقال. وأضافت: “لم نتخذ هذه القرارات بسهولة، ونعلم أنها مؤلمة، لكننا نسعى لتقديم كل المساندة الممكنة لموظفينا المتأثرين”.
الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة
أشارت جالتي أيضًا إلى أن تطورات الذكاء الاصطناعي كانت أحد المحركات الأساسية لإعادة هيكلة الشركة، قائلة: “يجب أن نتذكر أن العالم يتغير بسرعة. هذا الجيل من الذكاء الاصطناعي هو الأكثر تأثيرًا منذ ظهور الإنترنت، وهو ما يمكّن الشركات من الابتكار بوتيرة غير مسبوقة”.
وأضافت أن التكنولوجيا الجديدة تساعد أمازون على تحسين العمليات التشغيلية، وزيادة الكفاءة، وتقديم خدمات أفضل للعملاء، لكنها في الوقت نفسه تغير طبيعة الوظائف وتؤثر على أعداد الموظفين المطلوبين في بعض الأقسام.
التوقف المدفوع الأجر وإجراءات ما بعد الإنهاء
تضمنت الرسائل الإلكترونية المرسلة للموظفين تفاصيل دقيقة حول الخطوات العملية التالية، بما في ذلك:
- تقييد الوصول إلى المكاتب فور الإشعار.
 - بدء فترة توقف مدفوعة الأجر خلال فترة الانتقال.
 - إمكانية استخدام أدوات داخلية مثل تطبيق A to Z ومنصة MyHR للحصول على الدعم، واسترجاع المتعلقات الشخصية، وتسليم أجهزة العمل.
 
هذه الخطوات تهدف إلى تسهيل الانتقال للموظفين، وتقليل الصدمة الناتجة عن إنهاء العقود المفاجئ، مع توفير مسارات واضحة للتواصل والدعم خلال المرحلة الحرجة.
جدل داخلي وخارجي: صدمة الموظفين وردود الأفعال
أثار الأسلوب الجديد في التواصل، باستخدام الرسائل النصية القصيرة، موجة من ردود الفعل المتباينة.
- داخل أمازون، وصف بعض الموظفين الطريقة بأنها غير إنسانية وتشعر بالصدمة، حيث يتم الإعلان عن إلغاء الوظائف بسرعة دون لقاء مباشر أو تحذير مسبق.
 - خارجيًا، أعرب محللون عن قلقهم من أن الشركات الكبرى في قطاع التكنولوجيا تتجه نحو أساليب مفاجئة في إنهاء العقود، مما يعكس ثقافة حديثة تقوم على الكفاءة والسرعة، لكنها تتجاهل أحيانًا البُعد الإنساني.
 
رغم ذلك، حرصت إدارة أمازون على توضيح أن القرارات جاءت بعد دراسة متأنية، وأن الشركة ملتزمة بتقديم التعويضات والدعم الكامل للمتأثرين، بما يشمل التدريب على إعادة التوظيف والمساعدة في البحث عن فرص جديدة.
إعادة الهيكلة كجزء من استراتيجية أوسع
تأتي التسريحات الأخيرة ضمن إعادة هيكلة شاملة للشركة، تهدف إلى:
- خفض التكاليف التشغيلية في أقسام معينة لم تعد تتوافق مع النمو المستهدف.
 - تسريع الابتكار في المنتجات والخدمات، خصوصًا مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة.
 - تحسين تجربة العملاء من خلال زيادة الكفاءة التشغيلية.
 
وتشير الشركة إلى أن إعادة الهيكلة هذه ليست مؤشرًا على تراجع الأعمال، بل خطوة استراتيجية لتجهيز أمازون لمواجهة تحديات المستقبل والتغيرات التكنولوجية المتسارعة.
المستقبل بعد التسريح: فرص جديدة ودعم مستمر
أكدت إدارة أمازون أن الموظفين المتأثرين لن يُتركون دون دعم، مشيرة إلى أن برامج التعويض تشمل:
- استمرارية الرواتب لمدة 90 يومًا.
 - دفع مزايا نهاية الخدمة.
 - تقديم الدعم المهني في العثور على وظائف جديدة.
 - استخدام منصات داخلية لتسهيل العملية واسترجاع الممتلكات الشخصية.
 
ويأتي هذا في إطار محاولة التخفيف من الصدمة النفسية والمهنية للموظفين، وإظهار أن الشركة لا تتخلى عن موظفيها رغم التحديات الاقتصادية والتكنولوجية.
دروس مستفادة: التكنولوجيا والمسؤولية البشرية
تسلط هذه الجولة الضوء على عدة نقاط مهمة:
- الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة يمكن أن يحدثا تغييرات جذرية في طريقة عمل الشركات وعدد الموظفين المطلوبين.
 - أهمية التواصل الواضح والإنساني عند تنفيذ قرارات صعبة مثل التسريحات الجماعية.
 - الشركات الكبيرة تواجه توازنًا صعبًا بين الكفاءة التشغيلية والبعد الإنساني تجاه موظفيها.
 - توفير الدعم الكامل والمزايا المؤقتة يساعد على تخفيف تأثير التسريح وتمكين الموظفين من الانتقال بسلاسة إلى فرص جديدة.

 
ختام: أمازون بين الابتكار والمسؤولية
في النهاية، تعكس هذه الجولة من التسريحات في أمازون التحديات الكبرى التي تواجه شركات التكنولوجيا العملاقة في عصر الابتكار السريع والذكاء الاصطناعي.
بينما تسعى الشركة إلى ترشيد النفقات وتسريع الابتكار، يظل السؤال حول كيفية التوازن بين الكفاءة والمسؤولية الإنسانية محور اهتمام الموظفين والمحللين على حد سواء.
يبقى الهدف النهائي للشركة واضحًا: مواكبة التغيرات العالمية، والابتكار بوتيرة متسارعة، مع تقديم دعم فعّال للمتأثرين، في حين يحاول الموظفون التكيف مع بيئة عمل جديدة تتغير بسرعة غير مسبوقة.
		
									 
					
