الإمارات – السابعة الإخبارية
في زمنٍ تتسارع فيه دورات التحديث وتبديل الأجهزة كل عام، تتخذ شركة HMD Global مسارًا مختلفًا يضع الاستدامة في قلب فلسفتها. فبينما يسعى معظم المصنعين إلى جذب المستهلك بأحدث المواصفات، تركز HMD على بناء علاقة طويلة الأمد بين الإنسان وجهازه — علاقة تقوم على المتانة، والإصلاح، والمسؤولية تجاه الكوكب.
رؤية شاملة تتجاوز البيئة
تتبنى HMD مفهومًا متكاملاً للاستدامة، لا يقتصر على الجانب البيئي، بل يمتد ليشمل الأثر الاجتماعي والاقتصادي أيضًا.
يرى سانميت سينغ كوتشار، نائب الرئيس الأول للشركة في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، أن هذا النهج هو ما يميّز HMD منذ تأسيسها:
«نحن لا نتعامل مع الاستدامة كفكرة إضافية، بل كجزء من هويتنا. فهي حاضرة في كل خطوة: من تصميم الأجهزة وتغليفها إلى شحنها وخدمتها بعد البيع.»
هذا الالتزام ينعكس في التفاصيل الصغيرة، مثل تقليل النفايات في التغليف واستخدام المواد القابلة لإعادة التدوير، وصولًا إلى إعادة التفكير في دورة حياة الهاتف بالكامل بطريقة مسؤولة. وتحرص الشركة أيضًا على الشراكة مع مؤسسات تشاركها الرؤية ذاتها؛ ففي إفريقيا مثلًا، ساهم تعاونها مع M-KOPA في تمكين شرائح أوسع من المجتمع من اقتناء الهواتف الذكية عبر نظام التقسيط الصغير، ما عزز الشمول المالي في المناطق النامية.
أما بيئيًا، فاعتمدت HMD إجراءات ملموسة لتقليل بصمتها الكربونية، منها تحويل جزء من عمليات الشحن من النقل الجوي إلى البحري، في خطوة تهدف إلى خفض الانبعاثات دون المساس بالكفاءة التشغيلية. وقد تُوجت هذه الجهود بحصول الشركة على الميدالية البلاتينية من EcoVadis لعام 2025 وللسنة الرابعة على التوالي، لتصنف ضمن أعلى 1٪ من الشركات العالمية في ممارسات الاستدامة.

هواتف يمكن إصلاحها بسهولة
في مواجهة ثقافة “التبديل السنوي”، تقدم HMD بديلاً عمليًا: هواتف قابلة للإصلاح الذاتي.
فبدلًا من استبدال الجهاز عند أول عطل، يمكن للمستخدم تغيير الشاشة أو البطارية أو منفذ الشحن بنفسه باستخدام أدوات بسيطة ودليل إرشادي.
«أردنا أن نعيد للمستخدم السيطرة على جهازه»، يقول كوتشار، موضحًا أن هذا التوجه يجعل الإصلاح أكثر سهولة واقتصادية، ويطيل عمر الهاتف، ويحد من النفايات الإلكترونية.
وتتواصل جهود الشركة لتبسيط العملية أكثر، إذ قدّمت في هاتفها الجديد HMD Skyline آلية فتح مبتكرة تعتمد على تصميم بعمود دوران خاص (cam-shaft)، مما يجعل فك الجهاز وإصلاحه أسرع وأسهل من أي وقت مضى.
التكنولوجيا المستدامة ليست رفاهية
تؤمن HMD بأن الابتكار المسؤول لا يجب أن يكون حكرًا على فئة معينة من المستهلكين.
«نريد أن نجعل الأجهزة المصممة بطريقة مسؤولة في متناول الجميع»، يقول كوتشار.
فالشركة تركز على ما يحتاجه المستخدم فعلًا: أجهزة متينة، آمنة، وسهلة الاستخدام، بدلاً من المبالغة في المزايا التي ترفع الأسعار وتزيد الهدر.
هذا التوازن بين الجودة، والسعر، والاستدامة جعل من HMD خيارًا مفضلًا للأفراد والشركات التي تبحث عن حلول تقنية عملية طويلة الأمد.
استدامة رقمية وإنسانية أيضًا
لا تتوقف فلسفة HMD عند البيئة والمادة فحسب، بل تمتد إلى الصحة الرقمية ورفاه المستخدم. فمع تزايد الاعتماد على الأجهزة الذكية، باتت الحاجة ملحّة إلى توازن صحي في استخدام التكنولوجيا.
«الاستدامة ليست بيئية فقط، بل نفسية وصحية أيضًا»، يوضح كوتشار.
لذلك تدمج الشركة أدوات تساعد المستخدمين على تقليل الإشعارات، والتحكم في وقت الشاشة، واستعادة التركيز، ضمن ما تسميه «التحرر الرقمي» أو «إزالة السموم الرقمية».
الشرق الأوسط… سوقٌ واعٍ ومتطور
يحتل الشرق الأوسط مكانة متقدمة في رؤية HMD، إذ ترى فيه سوقًا ناضجة بيئيًا وواعدة اقتصاديًا.
«المستهلكون في المنطقة أصبحوا أكثر وعيًا، يشككون في دورة “التقنية السريعة” ويبحثون عن بدائل أكثر استدامة»، يوضح كوتشار، مشيرًا إلى أن فلسفة الشركة القائمة على المتانة وسهولة الإصلاح تتماشى تمامًا مع هذا التحول في سلوك الشراء.

نحو صناعة أكثر وعيًا
تستعد HMD للمرحلة التالية من رحلتها نحو الاستدامة، عبر توسيع مجموعة أجهزتها القابلة للإصلاح، وزيادة استخدام المواد المعاد تدويرها، وتقليل الهدر في جميع مراحل الإنتاج.
لكن طموح الشركة لا يتوقف عند حدود منتجاتها، بل يمتد إلى التأثير في معايير الصناعة بأكملها.
«هدفنا هو أن نثبت أن التكنولوجيا المستدامة وسهلة الاستخدام ليست مجرد خيار ممكن، بل هي الخيار الأفضل»، يقول كوتشار.
ويختتم بقوله:«الناس لا يبحثون عن مزيد من التكنولوجيا، بل عن تكنولوجيا أفضل — هواتف يمكن الوثوق بها، وإصلاحها، والاحتفاظ بها لسنوات. هذا هو جوهر ما تمثله HMD: أجهزة تحترم الإنسان وتحافظ على الكوكب في الوقت نفسه.»
