أمريكا – السابعة الإخبارية
استعاد الذهب بعضًا من خسائره الحادة التي تكبدها مطلع الأسبوع، ليعود مجددًا فوق مستوى 4000 دولار للأوقية في تعاملات اليوم الثلاثاء، وسط تراجع طفيف في قيمة الدولار الأميركي، وتزايد التوقعات بأن يُقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المنتظر هذا الأسبوع، رغم الضغوط الناجمة عن مؤشرات إيجابية بشأن الانفراج التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وبحلول الساعة 01:41 بتوقيت غرينتش، ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.7% ليصل إلى 4009.39 دولار للأوقية، بعد أن كان قد هبط بأكثر من 3% أمس الاثنين ليسجل أدنى مستوى له منذ 10 أكتوبر الجاري.
كما صعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.1% لتبلغ 4022.10 دولار للأوقية، ما يشير إلى تحركات حذرة للمستثمرين في ظل الترقب الحذر لقرارات السياسة النقدية الأميركية المقبلة.
وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق في شركة KCM Trade، إن “المشترين الذين كانوا يراقبون السوق من بعيد بدأوا يجدون المستويات الحالية جذابة للشراء، خصوصًا مع بعض الضعف الملحوظ في أداء الدولار، وهو ما يمنح الذهب متنفسًا قصير الأجل لاستعادة توازنه”.
تراجع الدولار يمنح المعدن الأصفر دفعة
وانخفض مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات الرئيسية – بنسبة 0.1%، ما جعل الذهب أقل تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى، وهو ما ساهم في تحفيز الطلب مجددًا على المعدن النفيس.
ويرى محللون أن أي تراجع في الدولار غالبًا ما يصب في صالح الذهب، إذ يعزز من جاذبيته كأداة تحوط من تآكل القوة الشرائية، خصوصًا في فترات التذبذب الاقتصادي.
تفاؤل تجاري بين واشنطن وبكين
وعلى الصعيد الجيوسياسي، ناقش كبار المسؤولين الاقتصاديين في الصين والولايات المتحدة يوم الأحد الماضي إطار اتفاق تجاري أولي من المتوقع أن يُعرض على الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ خلال اجتماعهما المرتقب هذا الأسبوع.
وقال ترامب في تصريحات إعلامية إنه “متفائل بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع الصين”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى توقيع سلسلة من الاتفاقيات التجارية والمعادن الاستراتيجية مع أربع دول في جنوب شرق آسيا خلال زيارته إلى ماليزيا، والتي تشكل المحطة الأولى من جولته الآسيوية التي تستمر خمسة أيام.
ويُنظر إلى هذه التطورات على أنها إشارة إيجابية للأسواق العالمية، لكن في الوقت ذاته قد تشكل ضغطًا على الذهب الذي يستمد عادةً دعمه من توترات التجارة والمخاطر الجيوسياسية.
وقال ووترر: “إذا أسفر اجتماع ترامب وشي عن نتائج مثمرة، فقد يواجه الذهب بعض الضغوط المؤقتة، إلا أن احتمالات خفض الفائدة الأميركية قد تعوض ذلك سريعًا وتبقي المعدن النفيس في مسار صاعد”.
ترقب عالمي لقرارات البنوك المركزية
في المقابل، يتجه الأنظار إلى قرارات البنوك المركزية الكبرى هذا الأسبوع، إذ يُتوقع على نطاق واسع أن يُبقي كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان على أسعار الفائدة دون تغيير، في حين يترقب المستثمرون موقف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي قد يلمّح إلى خفض جديد للفائدة لمواجهة تباطؤ النمو العالمي.
ويرى مراقبون أن أي نبرة تيسيرية من جانب الفيدرالي قد تعزز مكاسب الذهب خلال الأسابيع المقبلة، لا سيما في ظل المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي محتمل وارتفاع مستويات الدين السيادي في العديد من الاقتصادات الكبرى.

الذهب يحافظ على مكاسبه السنوية القوية
ورغم التذبذب الأخير، لا يزال الذهب أحد أفضل الأصول أداءً خلال عام 2025، إذ ارتفعت أسعاره منذ بداية العام بنحو 51%، مسجلًا في 20 أكتوبر الجاري أعلى مستوى تاريخي له عند 4381.21 دولار للأوقية.
ويُعزى هذا الصعود الاستثنائي إلى مزيج من العوامل، أبرزها حالة عدم اليقين الجيوسياسي، واستمرار مشتريات البنوك المركزية من الذهب كأداة لتحوط احتياطاتها النقدية، إلى جانب توقعات خفض أسعار الفائدة التي تقلل العائد على الأصول غير المدرة للدخل، مثل السندات.
المعادن النفيسة الأخرى تتراجع
وفيما يتعلق بالمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% لتسجل 46.74 دولارًا للأوقية، بينما انخفض البلاتين بنسبة 1.2% إلى 1571.85 دولارًا، وتراجع البلاديوم بنسبة 0.8% ليبلغ 1391.15 دولارًا للأوقية.
ويرى محللون أن التباين في أداء المعادن النفيسة يعكس تغير شهية المستثمرين بين الأصول الآمنة والصناعية، في ظل البيانات الاقتصادية المختلطة حول النمو العالمي.
الذهب في مرحلة ترقب حذرة
يبدو أن أسواق الذهب دخلت مرحلة من الاستقرار النسبي بعد موجة تصحيح حادة، مع بقاء الأنظار متجهة نحو قرارات السياسة النقدية الأميركية والتطورات الجيوسياسية العالمية.
يبدو أن أسواق الذهب دخلت مرحلة من الاستقرار النسبي بعد موجة تصحيح حادة، مع بقاء الأنظار متجهة نحو قرارات السياسة النقدية الأميركية والتطورات الجيوسياسية العالمية.
وفي ظل احتمالات خفض الفائدة وتراجع الدولار، قد يواصل الذهب أداءه الإيجابي على المدى المتوسط، ليبقى – كما وصفه المحللون – “الملاذ الآمن الأبدي في أوقات الغموض الاقتصادي والسياسي”.

