مصر – السابعة الإخبارية
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن مطرب المهرجانات المصري الشهير، مسلم، قراره النهائي بمغادرة مصر وبيع جميع ممتلكاته بعد توقفه عن العمل لمدة عام كامل. ويأتي هذا القرار بعد أزمة طويلة مع نقابة المهن الموسيقية، التي منعت نشاطه الفني، ما أدى إلى تدهور وضعه المالي والمعيشي بشكل كبير.
وفي بث مباشر عبر حسابه الرسمي على “إنستغرام” فجر الأربعاء 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، تحدث مسلم بصراحة عن الوضع الصعب الذي يمر به. وقال إنه وصل إلى مرحلة لم يعد فيها قادرًا على تحمل المسؤوليات المالية تجاه أسرته وفريق العمل الذي يرافقه في نشاطه الفني. وأضاف: “قررت أسافر وأسيب البلد، وهشوف حد يشتري كل حاجة في شقتي، لأني وصلت لمرحلة صعبة جدًا، ومش قادر أصرف على بيتي ولا على الفرقة اللي بتشتغل معايا”.
مسلم، الذي اشتهر بأغاني المهرجانات التي تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة، أشار إلى أن حلمه كان الاستمرار في العمل داخل وطنه دون الحاجة للرحيل. لكنه أوضح أنه أصبح مضطرًا لمواجهة واقع قاسٍ، خاصة وأنه أب لطفلين، ويجد صعوبة في توفير احتياجاتهما اليومية. وواصل موضحًا حجم الأزمة المالية التي يعانيها قائلاً: “أنا قاعد بقالي سنة بدون شغل، والفلوس اللي كانت معايا كلها خلصت، والعيب مش في بلدي، العيب في الناس اللي بتمشي الأمور بالواسطة”. واختتم حديثه برسالة مؤثرة لمحبيه قائلاً: “شكرًا لكل حد كان بيتمنى تدميري، أنا خلاص اتدمرت فعلًا”.

أزمة طويلة مع نقابة المهن الموسيقية
أزمة مسلم مع نقابة المهن الموسيقية ليست وليدة اللحظة، بل بدأت منذ أكثر من عام، عندما قررت النقابة إيقافه عن العمل لأسباب تتعلق بالمخالفات المهنية وشروط ممارسة الغناء. ومنذ ذلك الوقت، توقف نشاطه الفني بالكامل، ما تسبب في تفاقم أزمته المالية، خصوصًا بعد أن كانت الاعتمادات المالية من نشاطه الفني المصدر الرئيسي لدخله.
وفي خطوة احتجاجية، نظم مسلم صباح الثلاثاء الماضي وقفة أمام مقر نقابة المهن الموسيقية في القاهرة، بمشاركة فريقه الفني، مطالبًا بإعادة النظر في قرار إيقافه، ووصف القرار الذي أصدره النقيب مصطفى كامل بالتعسفي والمخالف للوائح النقابية. وقال إنه كان يأمل أن يتم التعامل معه بمنتهى العدالة، وأن يسمح له بمواصلة نشاطه الفني داخل مصر.
ويشير مراقبون إلى أن أزمة مسلم سلطت الضوء على التوتر المستمر بين بعض الفنانين الذين يمارسون الغناء الشعبي والنقابة، والتي تتسم في بعض الأحيان بالصرامة في تطبيق اللوائح. كما أثارت هذه الأزمة جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن قرار النقابة مبرر، ومن يراه تعسفيًا وظالمًا.
الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للأزمة
لم يقتصر تأثير الأزمة على الجانب المهني فقط، بل امتد إلى الجانب الإنساني والاجتماعي. مسلم، الذي أصبح فجأة بلا عمل، وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع تكاليف الحياة اليومية، مثل إعالة أسرته وتوفير مستلزمات أطفاله، مما جعله يشعر بالعجز والإحباط. وفي حديثه على “إنستغرام”، لم يخف الفنان شعوره بالخذلان والضغوط النفسية الناتجة عن توقف نشاطه الفني القسري.
وتوضح هذه الأزمة أيضًا مدى هشاشة حياة بعض الفنانين الذين يعتمدون بشكل كامل على الدخل من أعمالهم الفنية، وغياب أي شبكة أمان مالية أو اجتماعية تدعمهم في حالات توقف العمل المفاجئ. وقد عبر مسلم عن إحباطه العميق من النظام الذي وصفه بالمعتمد على “الواسطة”، مؤكدًا أن ذلك كان أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم أزمته.

رحلة البحث عن العدالة والفن
رغم الصعوبات، لم يتوقف مسلم عن المطالبة بحقوقه، حيث لجأ إلى التظاهر أمام مقر النقابة، ونشر قضاياه على منصات التواصل الاجتماعي، محاولًا الوصول إلى جمهور أوسع والضغط لإعادة النظر في موقفه. هذا التفاعل العلني أظهر حجم الصراع بين الفنان وبين الجهات الرقابية، وهو صراع يعكس تحديات أكبر تواجه الفنانين في مصر.
وبينما يستعد مسلم لبيع ممتلكاته والرحيل عن مصر، يتساءل الكثيرون عن مستقبل مسيرته الفنية خارج البلاد، وعن إمكانية عودته إلى جمهوره مرة أخرى بعد تجاوز هذه الأزمة. كما تسلط الأزمة الضوء على ضرورة إعادة النظر في آليات الرقابة على النشاط الفني، وتأمين حقوق الفنانين وسبل العيش الكريم لهم، خصوصًا لأولئك الذين يمتلكون قاعدة جماهيرية كبيرة لكنهم يواجهون صعوبات مالية نتيجة قرارات تعسفية أو تطبيق صارم للوائح النقابية.
مسلم، الذي بدأ رحلته الفنية منذ سنوات طويلة في مجال المهرجانات، أصبح اليوم رمزًا لمأزق الفنان المعاصر في مواجهة اللوائح الرسمية والتحديات الاقتصادية والاجتماعية. رحيله عن مصر قد يكون بمثابة علامة فارقة في مسيرته، وبداية مرحلة جديدة من البحث عن العمل والعيش الكريم في الخارج، لكنه في الوقت نفسه يترك وراءه تساؤلات عميقة حول مستقبل الفنانين الشباب في مواجهة البيروقراطية والمجتمع.

