الشارقة – السابعة الاخبارية
معرض الشارقة، جلس مجموعة من الأطفال المشاركين في الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب أمام أربع لوحات فنية عالمية، يراقبون تفاصيلها بتركيز كبير، استعدادًا للانطلاق في رحلة إبداعية فريدة داخل عالم الفن الكلاسيكي من منظور حديث. تحوّل الأطفال في هذه الورشة إلى فنانين صغار يعيدون إحياء اللوحات الشهيرة عبر تقنيات ثلاثية الأبعاد، مستخدمين خيالهم وأدواتهم الفنية لإضافة أبعاد جديدة للأعمال الخالدة.
قدمت الفنانة سارة مزهر ورشة بعنوان “الفن الحي”، تعرف فيها الأطفال على خطوات تحويل اللوحات التقليدية إلى أعمال ثلاثية الأبعاد بأسلوب عصري مبتكر. تضمنت الورشة تطبيقات عملية على لوحات شهيرة مثل “ليلة النجوم” لفنسنت فان جوخ، و”بورتريه فريدا كاهلو”، و”زنابق الماء” لكلود مونيه، و”الفتاة ذات القرط اللؤلؤي” ليوهان فيرمير. استخدم الأطفال ألوانًا، وقماشًا، وورقًا، وخيطانًا، لإضفاء تأثير ثلاثي الأبعاد، حيث تحول كل جزء من اللوحة إلى عنصر حي ينبض بالحياة.
أكدت سارة مزهر أن الهدف من الورشة لا يقتصر على تعريف الأطفال بلوحات عالمية فحسب، بل على تجربة الفن بكافة الحواس. وأضافت: “نريد أن يلمس الأطفال اللوحة بأنفسهم، وأن يصنعوها بأيديهم، لا أن يكتفوا بمشاهدتها على الشاشة أو في الكتب.” وقد كان للجانب الترفيهي نصيب كبير في الورشة، إذ أسهم في شد انتباه الأطفال وإشعال حماسهم للتفاعل مع الأعمال الفنية والتعبير عن رؤاهم الإبداعية بحرية.
معرض الشارقة: “مغامرات المدينة الصغيرة” تعليم وترفيه
في جناح آخر من المعرض، استمتع الأطفال من عمر 3 إلى 8 سنوات بتجربة تفاعلية ممتعة ضمن فعالية “مغامرات المدينة الصغيرة”. صُممت هذه الفعالية لتكون رحلة تعليمية تجمع بين المرح والتعلم، عبر خمس مناطق رئيسية تمثل مختلف المهن والحياة اليومية. ارتدى الأطفال أزياء الطهاة والتجار والمهندسين ورجال الإطفاء، وخاضوا تجارب محاكاة واقعية لتطوير مهاراتهم العملية والاجتماعية.

في منطقة المطبخ، تعرف الأطفال على أدوات الطهي وأساليب تحضير بعض الوجبات، مع التركيز على النظافة وسلامة الغذاء. ثم انتقلوا إلى منطقة التسوق، حيث تعلموا التعامل مع النقود ومعرفة أسماء السلع وطرق البيع والشراء بطريقة تفاعلية ممتعة. كما أُتيحت لهم فرصة التعرف على قواعد المرور من خلال منطقة السيارات المصغرة، وتعلم أساسيات القيادة بطريقة ممتعة وآمنة.
أما منطقة الهندسة والمعمار، فقد شهدت مشاركة حماسية من الأطفال، حيث استخدموا معدات مصغرة لبناء نماذج وتصميمات عملية، بينما أتاح لهم جناح الإطفاء تجربة مهام رجال الإطفاء، بما في ذلك التدريبات على إجراءات السلامة والوقاية من الحرائق. وقد أثنى الأهالي على هذه الفعالية لدمجها بين اللعب والتعليم، مما يوفر بيئة تعليمية ممتعة وآمنة تشجع الأطفال على التفكير النقدي والعمل الجماعي.
معرض الشارقة: “طبول الفنتازيا التاريخية” رحلة صوتية وبصرية
كما احتضنت أروقة المعرض عرضًا موسيقيًا مدهشًا بعنوان “طبول الفنتازيا التاريخية”، قدمته الفرقة الفرنسية “م ان زد” في أول مشاركة لها بالمعرض. أخذ العرض الزوار في رحلة صوتية وبصرية أعادتهم إلى أجواء الملاحم القديمة والمعارك الأسطورية المرتبطة بالحضارات القديمة، عبر مزيج متقن من الإيقاع والمسرح والحركة التعبيرية.
أدهشت الفرقة الجمهور بإيقاعاتها الحية وتناغم العازفين الشباب، حيث استطاعوا خلق لوحة فنية نابضة بالحياة تمزج بين الأصالة والحداثة. تفاعل الزوار من مختلف الأعمار مع العرض، مرددين الإيقاعات ومصفقين بحرارة، لتتجسد لحظات ساحرة من تلاقي الثقافات والفنون ضمن أجواء المعرض، مؤكدين على قيمته التعليمية والترفيهية معًا.
معرض الشارقة: منصة للفنون والثقافة المتنوعة
يأتي عرض “طبول الفنتازيا التاريخية” ضمن سلسلة فعاليات فنية وثقافية متنوعة تستضيفها الدورة الـ44 من المعرض، ليؤكد مجددًا على أن معرض الشارقة الدولي للكتاب ليس مجرد حدث للقراءة، بل منصة متكاملة للفنون والإبداع. فهو يجمع تحت سقفه مختلف أشكال الفنون والمعرفة، ويتيح للزوار فرصة التفاعل مع الأنشطة الثقافية والتعليمية والفنية التي تشمل الأطفال والكبار على حد سواء.
كما يواصل المعرض استقطاب أكبر عدد من دور النشر العالمية، إذ يشارك فيه أكثر من 2,350 دار نشر من 118 دولة، منها 1,224 دار نشر عربية و1,126 دارًا أجنبية، إلى جانب استضافة أكثر من 250 مبدعًا ومفكرًا من 66 دولة، يقدمون أكثر من 1,200 فعالية ثقافية وفنية وفكرية. هذا التنوّع جعل المعرض حدثًا عالميًا استثنائيًا يعكس تلاقي الثقافات ويتيح للزوار استكشاف عوالم متعددة من المعرفة والفن والترفيه.

معرض الشارقة: تجربة تفاعلية شاملة لجميع الأعمار
من خلال ورش العمل والفنون التفاعلية والمغامرات التعليمية، يقدّم معرض الشارقة الدولي للكتاب تجربة شاملة لجميع الأعمار. الأطفال ينمون مهاراتهم العملية والاجتماعية عبر المحاكاة العملية للوظائف والمهن، بينما يستمتع الكبار بالفنون والموسيقى والمعرفة. البيئة التفاعلية للمعرض تشجع على الابتكار والتفكير النقدي، وتجعل الزائر جزءًا من التجربة بدلاً من كونه متلقيًا سلبيًا فقط.
تستمر هذه الدورة في تعزيز مكانة المعرض كأحد أكبر الأحداث الثقافية على مستوى العالم، حيث يلتقي فيها الفن بالمعرفة، واللعب بالتعلم، والتقاليد بالحداثة، في لوحة متكاملة من الإبداع والإلهام التي تجعل كل زائر يخرج منها بحصيلة فريدة من التجارب والمعارف.
