السابعة الاخبارية
يوتيوب، في خطوة تعكس تطور المنصات الرقمية نحو تجربة استخدام أكثر تفاعلاً وإبداعًا، أعلن موقع يوتيوب عن إطلاق ميزة بصرية جديدة تُحوّل زر الإعجاب (Like) إلى تجربة مرئية متكاملة تتجاوز مفهوم الضغط على زرٍّ ثابت.
الميزة الجديدة، التي بدأت المنصة طرحها تدريجيًا حول العالم في أكتوبر 2025، تُضيف إلى كل نقرة إعجاب لمسة فنية خاصة، من خلال 20 تصميمًا متحركًا مختلفًا يتغيّر كلٌّ منها حسب طبيعة الفيديو الذي يتفاعل معه المستخدم.
يوتيوب ثورة في تجربة التفاعل
منذ تأسيسه عام 2005، ظل يوتيوب يطوّر أدوات التفاعل بين المستخدمين وصنّاع المحتوى، بدءًا من أزرار الإعجاب والتعليق، وصولًا إلى ميزة القصص والمجتمعات المباشرة.
لكن هذه المرة، لا يتعلق التحديث بالوظيفة أو الأرقام، بل بالتجربة البصرية والشعور الإنساني خلفها.
يوتيوب أوضح في بيان رسمي أن الهدف من الميزة هو تحويل التفاعل البسيط إلى لحظة من المتعة البصرية، بحيث لا يكون الإعجاب مجرّد نقرة روتينية، بل احتفال صغير بالمحتوى نفسه.
عند الضغط على الزر، سيلاحظ المستخدم ظهور رسمٍ متحرك قصير يعكس روح الفيديو الذي شاهده.
ففي مقاطع الرياضة مثلًا، قد يتحول الإعجاب إلى دوّامة دخانية تدور حول الزر، بينما في المقاطع التعليمية، يُضيء الزر كأنه مصباحُ فكرةٍ أُضيء للتو.

كيف يعمل “زر الإعجاب” الجديد؟
التقنية التي طوّرها فريق التصميم في يوتيوب تعتمد على نظام ذكاء اصطناعي يقوم بتحليل فئة الفيديو ونوع المحتوى قبل اختيار الحركة المناسبة.
أي أن الزر لا يعرض نفس الحركة لكل المستخدمين أو الفيديوهات، بل يتغير تلقائيًا وفقًا للتصنيف والمزاج العام للمحتوى.
فعلى سبيل المثال:
- في فيديوهات الطبخ، يتحول الإعجاب إلى فقاعة بخار تتطاير بشكل لذيذ.
- في الفيديوهات الكوميدية، قد ينفجر الزر في شكل نجم ضاحك أو قلوب متطايرة.
- بينما في الفيديوهات الموسيقية، ينبض الزر بإيقاع متزامن مع النغمة الخلفية.
هذه الحركات لا تستمر أكثر من ثانيتين، لكنها تترك أثرًا بصريًا جذابًا يجعل تجربة المشاهدة أكثر دفئًا وتفاعلاً.
20 تصميماً متحركاً لكل نوع محتوى
الميزة الجديدة تشمل 20 رسماً متحركاً تم تصميمها بعناية لتناسب مختلف فئات المحتوى المنتشرة على المنصة.
وفيما يلي أبرز التصاميم التي كشفت عنها الشركة حتى الآن:
1. محتوى السرعة والإثارة
لمحبي سباقات السيارات ومقاطع الأكشن، يتحول الزر إلى عجلة دوّارة تنفث دخاناً لحظة الضغط عليها، في مشهدٍ يحاكي أصوات المحركات وانطلاق السرعة.
2. الفيديوهات التعليمية
يُضيء الزر على شكل مصباح متوهج يرمز إلى لحظة الإلهام أو اكتساب فكرة جديدة. الهدف هنا هو مكافأة المتعلم بإحساسٍ مرئي يشجعه على التفاعل أكثر.
3. مقاطع الحيوانات الأليفة
في فيديوهات الكلاب والقطط، يظهر رسمٌ طريف لقطةٍ تُربّت على الزر أو كلبٍ يهزّ ذيله، ما يجعل تجربة الإعجاب أكثر دفئًا وعاطفية.
4. الفيديوهات الفنية والموسيقية
في هذه الفئة، يتحوّل الزر إلى موجة صوتية نابضة تتراقص مع الإيقاع، وكأن الإعجاب يصبح جزءًا من الموسيقى نفسها.
5. الفيديوهات الكوميدية
اعتمد التصميم هنا على عنصر المفاجأة؛ إذ يظهر وجه ضاحك أو نجوم صغيرة تتطاير من حول الزر، مما يضفي طاقة مرحة على تجربة المشاهدة.
6. الفيديوهات البيئية والطبيعية
يتحوّل الزر إلى ورقة خضراء أو فراشة تطير، تعبيرًا عن الجمال والاستدامة في المحتوى البيئي.
7. محتوى التكنولوجيا والألعاب
يظهر الزر كرمز إلكتروني ثلاثي الأبعاد يتفاعل مع النقر بشكل ضوئي سريع، في تصميمٍ مستقبلي يناسب عالم التقنية الحديثة.
8. المقاطع الرومانسية والعاطفية
يتحول الزر إلى قلبٍ ينبض بلونٍ وردي متدرج، يعكس المشاعر الدافئة التي يثيرها الفيديو.
9. المقاطع الإنسانية أو الخيرية
يظهر الزر هنا على شكل أيدٍ تتصافح أو ترفع بعضها البعض، في رسالة رمزية للتعاون والتعاطف.
10. المقاطع الترفيهية والمقالب
يتحول الزر إلى بالونٍ ينفجر بضحكةٍ خفيفة أو وميضٍ من الألوان المرحة، ليعكس طبيعة المحتوى الترفيهي.
وتُكمل باقي التصاميم العشرة الأخرى هذا التنوع لتغطي كل مجالات المحتوى من الرياضة إلى السفر، ومن الجمال إلى الطهي، مما يجعل كل إعجاب تجربة فريدة بحد ذاتها.
تجربة مخصصة لكل مستخدم
واحدة من أبرز مميزات هذا التحديث هي أن الرسوم المتحركة لا تظهر بشكل عشوائي، بل يتم تخصيصها بناءً على سلوك المستخدم نفسه.
فإذا كان أحد المستخدمين يتابع مقاطع الطبخ أكثر من غيرها، سيلاحظ أن الزر غالبًا ما يعرض تصاميم تتعلق بالطعام أو النكهات.
وبمرور الوقت، يتعلم النظام أنماط التفاعل الخاصة به ويُقدّم له تجربة أكثر انسجامًا مع اهتماماته.
بهذا الشكل، يواصل يوتيوب تعزيز مفهوم “المنصة الشخصية”، حيث يصبح كل تفصيلٍ فيها مصممًا ليتناسب مع ذوق المستخدم الفردي.
خطوة ضمن استراتيجية أكبر
الميزة الجديدة ليست معزولة عن باقي تحديثات أكتوبر 2025، إذ جاءت ضمن حزمة تطوير شاملة تهدف إلى تحسين تجربة المستخدم في التفاعل مع الفيديوهات.
هذه التحديثات شملت أيضًا تحسين واجهة التعليقات، وتوسيع أدوات المبدعين في إدارة المجتمعات، إضافة إلى ميزات جديدة لتخصيص شكل القنوات.
تسعى الشركة من خلال هذه الخطوات إلى تحويل المشاهدة من فعلٍ سلبي إلى تجربةٍ تفاعلية متعددة الحواس، تجمع بين الصوت والصورة والحركة والمشاعر.
تفاعل صُنّاع المحتوى
لاقى الإعلان عن الميزة ترحيبًا واسعًا من صُنّاع المحتوى حول العالم، الذين رأوا فيها وسيلة جديدة لجعل الجمهور يشعر بالارتباط العاطفي بمحتواهم.
فبدلاً من أن يكون الإعجاب مجرد رقمٍ يُضاف إلى العداد، أصبح الآن تجربة مرئية يمكن أن تُترجم على الشاشة، مما يُشجع على المزيد من التفاعل.
بعض المبدعين أشاروا إلى أنهم يعتزمون تصميم محتواهم المستقبلي بطريقة تتناغم مع الرسوم الجديدة، مثل استخدام ألوان متناسقة مع حركات الزر أو توقيتٍ إيقاعي متزامن مع ظهوره.
بهذا الشكل، تتحول الواجهة البسيطة للإعجاب إلى عنصرٍ جمالي إضافي داخل تجربة المشاهدة نفسها.
الجانب النفسي للتفاعل البصري
من منظورٍ نفسي، يعتمد نجاح هذه الميزة على مبدأ “التغذية البصرية الإيجابية”، أي أن المستخدم يشعر بمكافأةٍ فورية بعد التفاعل، وهو ما يزيد من احتمال تكرار السلوك نفسه.
فعوضًا عن الإشباع الرقمي المجرد، تقدم الرسوم المتحركة تحفيزًا بصريًا سريعًا يثير المشاعر ويخلق ارتباطًا أقوى بالمحتوى.
هذا الأسلوب يُستخدم في تطبيقات الألعاب وشبكات التواصل الحديثة لرفع معدلات المشاركة، ويبدو أن يوتيوب يوظفه الآن بطريقة ذكية ومتوازنة لا تخلّ بجوهر التجربة.
تحديات التصميم والتنفيذ
من الناحية التقنية، كان التحدي الأكبر أمام فريق تطوير يوتيوب هو تصميم رسومٍ خفيفة لا تؤثر على سرعة تحميل الصفحة أو أداء التطبيق، خصوصًا على الأجهزة المحمولة.
ولذلك، تم تصميم الحركات باستخدام تقنية “الرسوم المتجهة” (Vector Animation) لضمان سلاسة الأداء، مع مراعاة اختلاف سرعات الإنترنت والأجهزة حول العالم.
كذلك، راعت المنصة إمكانية تعطيل هذه الميزة لمن يفضلون تجربة أكثر هدوءًا، من خلال إعداد بسيط داخل قائمة التخصيص.
مستقبل التفاعل على المنصات الرقمية
يُشير هذا التحديث إلى اتجاه جديد في عالم المنصات الرقمية، حيث لم يعد التفاعل مقتصرًا على الرموز الجامدة أو الأرقام، بل أصبح فعلاً بصريًا يعبر عن المشاعر.
ومع استمرار دمج الذكاء الاصطناعي في تحليل المحتوى وسلوك المستخدم، يمكن توقع أن تتحول تجربة التفاعل في المستقبل إلى لغة بصرية شخصية بالكامل، تختلف من مستخدم لآخر.

ربما في السنوات القادمة، لن يكون زر الإعجاب مجرد زرٍّ واحد، بل لوحةً من الرموز الحركية التي تعبّر عن المشاعر بدقةٍ أكبر، من الفرح إلى الإعجاب الفني وحتى التأثر الإنساني.
الختام: تفاعل بطابعٍ إنساني
من خلال تحويل زر الإعجاب إلى تجربة مرئية نابضة، ينجح يوتيوب في جعل التفاعل أكثر إنسانيةً ومتعةً.
فكل نقرة إعجاب لم تعد مجرد إشارةٍ رقمية، بل أصبحت لحظة صغيرة من البهجة والاحتفال بالمحتوى.
هذا التحديث لا يضيف فقط شكلاً جديدًا للواجهة، بل يرسّخ فلسفة يوتيوب الجديدة التي ترى في المستخدم شريكًا في التجربة، لا مجرد متفرّج.
وفي عالمٍ يزداد فيه التفاعل الرقمي برودًا وتجردًا، تأتي هذه الخطوة لتقول إن حتى أبسط الأزرار يمكن أن تُعيد إلى الإنترنت بعضاً من دفء المشاعر وجمال التفاصيل.
