لبنان – السابعة الاخبارية
هالة سرحان، بعد أيام من الجدل الواسع الذي اشتعل على مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت الإعلامية المصرية هالة سرحان عن صمتها لتوضح حقيقة الفيديو الذي أثار عاصفة من التعليقات من داخل وخارج الوسط الإعلامي، بعدما انتشر مقطع مصوَّر من ملتقى الإعلام العربي في بيروت ظهر فيه مشهد اعتبره البعض محرجًا بينها وبين مراسلة لبنانية شابة.
الواقعة التي تحولت إلى مادة دسمة للنقاش، وُصفت من قبل البعض بأنها “تصرف غير لائق”، بينما دافع عنها آخرون مؤكدين أن الفيديو كان مُجتزأ من سياقه الحقيقي، وهو ما أكّدته هالة سرحان نفسها خلال تصريحاتها الأخيرة، محاولة وضع النقاط على الحروف وإنهاء اللغط الذي دار حولها في الأيام الماضية.
هالة سرحان وبداية الأزمة: فيديو غامض يشعل السوشيال ميديا
بدأت القصة عندما انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قصير من جلسات ملتقى الإعلام العربي الذي عُقد مؤخرًا في العاصمة اللبنانية بيروت.
ظهر في الفيديو جزء من حوار بين هالة سرحان والمراسلة اللبنانية الشابة، حيث بدا أن الموقف يحمل شيئًا من الحرج أو الانفعال، قبل أن يُقتطع المشهد بطريقة أثارت الشكوك حول ما حدث فعليًا.

ورغم أن الفيديو لم يتجاوز بضع ثوانٍ، إلا أنه كان كافيًا لإطلاق موجة من التعليقات المتناقضة، حيث رأى البعض أن سرحان تعاملت بتعجرف مع المراسلة، بينما أشار آخرون إلى أن اللقطة تبدو مزحة عابرة تم تضخيمها بشكل مبالغ فيه.
ومع انتشار المقطع، امتلأت المنصات بعناوين مثيرة حول “خلاف” و”إحراج” و”تصرف غريب”، وهو ما دفع هالة سرحان أخيرًا إلى الرد بنفسها خلال جلسة حوارية جديدة ضمن فعاليات الملتقى ذاته.
هالة سرحان ترد على الجدل: الموقف كان مزاحًا لا أكثر
في جلسة بعنوان “نحو ميثاق إعلامي عربي لدعم التنمية المستدامة”، أدارها الإعلامي نيشان بحضور وزير الإعلام اللبناني الدكتور بول مرقص وأمين عام الملتقى ماضي الخميس، قررت هالة سرحان أن تواجه العاصفة بنفسها وتكشف خلفيات المقطع المنتشر.
بدأت سرحان حديثها بنبرة صريحة قائلة:
“خطر في بالي أقولكم إن اللي حصل في موضوعي كان اهتمامًا لخلق قضية من لا شيء. في الحقيقة أنا حضنت المراسلة وبستها وقلت لها: إنتِ صحفية شاطرة لأنك مصممة تسألي. فلماذا لم يظهر هذا الجزء؟ هل حصل اجتزاء للمشهد؟”.
وأضافت بوضوح أنها لم تكن تقصد الإساءة أو الإحراج، وإنما كانت تمزح في أجواء من العفوية التي عادةً ما تميز لقاءاتها، مؤكدة أن الفيديو المنتشر تم اجتزاؤه بطريقة أخرجته عن معناه الحقيقي.
وقالت أيضًا:
“أنا زعلانة لأنهم حوّلوا موضوع لطيف إلى موضوع تافه.. هل ذاعوا إن أنا حضنتها وبُستَها وقلت لها إنك شاطرة؟”.
وزير الإعلام اللبناني يدخل على الخط: “ما حصل تحوير متعمّد”
لم تكن هالة سرحان وحدها في مواجهة الجدل، إذ تلقّت دعمًا مباشرًا من وزير الإعلام اللبناني بول مرقص، الذي حضر الجلسة وعلّق على الواقعة قائلاً:
“هذا هو التحوير والاجتزاء من أجل التضليل. ولا تستغربي يا هالة، أنا وزير إعلام بعمل حلقة ساعتين وبيعملولي دقيقة، بيقطعوا كلمة من هون وكلمة من النص وكلمة من الآخر ليعملوا المعنى اللي بدهم ياه.”
بهذا التعليق، وضع مرقص الحادثة في إطارٍ أوسع، معتبرًا أنها جزء من ظاهرة إعلامية تتكرر كثيرًا في زمن السرعة الرقمية، حيث يُقتطع جزء صغير من المشهد ليُبنى عليه حكم كامل، في تجاهل متعمّد للسياق.
كما دعا إلى تحمّل المسؤولية الأخلاقية في النشر، مؤكدًا أن الإعلام العربي بحاجة إلى التمييز بين النقد المهني وبين الهجوم غير المبرر الذي يعتمد على الإثارة فقط.
كواليس الموقف الحقيقي: “دعابة تحولت إلى عاصفة”
بحسب ما روته هالة سرحان نفسها، فإن المشهد الذي أثار الجدل كان دعابة بسيطة في نهاية اللقاء مع المراسلة اللبنانية، حيث كانت الشابة تصر على طرح سؤال رغم انتهاء الوقت، وهو ما دفع سرحان إلى المزاح معها بطريقة عفوية.
وقالت الإعلامية المخضرمة إنها تحدثت مع المراسلة بعد اللقاء مباشرة واحتضنتها لتخفيف التوتر، وأثنت عليها قائلة: “برافو عليكي إنك أصريتي تسأليني رغم الموقف”.
وأضافت أنها فوجئت بعد أيام بانتشار مقطع مبتور من اللقاء تم تداوله على نطاق واسع دون توضيح كامل ما حدث.
وأكدت أنها لا ترى في الموقف سوى سوء فهم بسيط، مشيرة إلى أن المراسلة نفسها لم تُبدِ أي انزعاج خلال الحدث أو بعده، وأنهما تبادلتا التحية بشكل طبيعي بعد انتهاء الفعالية.
بين التحليل والإثارة.. كيف تتحول اللقطات إلى قضايا؟
تسلط هذه الحادثة الضوء على ظاهرة متكررة في المشهد الإعلامي الحديث، وهي تضخيم المواقف الصغيرة عبر السوشيال ميديا.
ففي زمنٍ أصبح فيه مقطع لا يتجاوز عشر ثوانٍ قادرًا على إشعال نقاشات تمتد لأيام، بات من السهل أن تتحول النوايا الحسنة إلى تهم، والمزاح إلى أزمة.
ويرى كثير من المراقبين أن ما حدث مع هالة سرحان يعكس مشكلة أعمق تتعلق بطريقة تعامل الجمهور مع المحتوى، إذ أصبح الميل إلى الحكم السريع والتصعيد العاطفي أقوى من الرغبة في التحقق والفهم.
كما أن وسائل الإعلام التقليدية بدورها تسهم أحيانًا في تغذية هذا الجدل، من خلال إعادة نشر المقاطع المثيرة بعناوين حادة لجذب المتابعين، دون أن تتحقق من تفاصيلها.
درس للإعلاميين الشباب: “الإعداد والمعرفة هما مفتاح النجاح”
ورغم امتعاضها من الطريقة التي تم التعامل بها مع الفيديو، حرصت هالة سرحان على تحويل الموقف إلى فرصة للتوجيه المهني، إذ شددت على ضرورة أن يتعلم الإعلاميون الشباب من هذه الواقعة أهمية التحضير والإعداد الجيد قبل أي ظهور على الهواء.
وقالت:
“اللي حصل درس مهم لأي مراسل أو مذيع. لازم تكون جاهز، عارف أنت داخل على إيه، ودارس الموضوع اللي هتتكلم فيه. التحضير والمعرفة هما مفتاح النجاح، مش رد الفعل السريع.”
وأضافت أن احترام الضيف والمشاهد يبدأ من احترام التحضير المهني، مؤكدة أن الإعلام الحقيقي لا يقوم على الاستفزاز أو التصيد، بل على الحوار الهادف والمعلومة الدقيقة.
الانقسام الجماهيري: بين الدفاع والانتقاد
تفاعل الجمهور مع تصريحات هالة سرحان جاء على نحوٍ واسع، إذ شهدت التعليقات انقسامًا حادًا بين مؤيد ومعارض.
فريق واسع من الإعلاميين والمهتمين بالمجال الصحفي دعمها مؤكدًا أن ما حدث لا يرقى لأن يكون “أزمة”، وأن الموقف كان عفويًا بالفعل.
بينما رأى آخرون أن على الإعلاميين المخضرمين أن يكونوا أكثر حذرًا في التعامل مع الجيل الجديد من المراسلين، وأن أي تصرف بسيط أمام الكاميرا قد يُفهم بشكلٍ مختلف تمامًا في زمن الإنترنت المفتوح.
لكن الأغلبية اتفقت على نقطة واحدة: الاجتزاء خطر، وأن التسرع في الحكم على الأشخاص بناءً على مقاطع غير مكتملة يمكن أن يسيء لسمعتهم دون وجه حق.
نيشان يتدخل: حوار بنكهة التوازن
الإعلامي اللبناني نيشان، الذي أدار الجلسة التي تحدثت فيها هالة سرحان، لعب دورًا مهمًا في تهدئة الأجواء وإعادة النقاش إلى مساره الإيجابي.
فقد وجّه الحوار نحو جوهر المسألة، متحدثًا عن مسؤولية الإعلام العربي في عصر الفوضى الرقمية، داعيًا إلى ضرورة إعادة بناء الثقة بين الجمهور والإعلاميين.
وأشاد نيشان بقدرة هالة سرحان على الاعتراف والشرح دون انفعال، معتبرًا أن ما قامت به يعكس وعيًا مهنيًا كبيرًا، ورسالة يجب أن تصل إلى الجيل الجديد من الإعلاميين:
“اللي حصل يؤكد إننا محتاجين دايمًا نرجع نفكر قبل ما نحكم. مش كل حاجة بتتشاف على السوشيال ميديا تبقى هي الحقيقة الكاملة.”
الإعلام في زمن القص واللصق
حادثة هالة سرحان ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، لكنها أعادت فتح النقاش حول ثقافة الاجتزاء والتشويه في عصر السوشيال ميديا.
فاليوم، يستطيع أي شخص أن يقتطع مقطعًا من لقاء، أو يركّب عليه تعليقًا أو عنوانًا مثيرًا، ليحوّله إلى مادة للنقاش دون النظر إلى تداعياته على الأشخاص المعنيين.
في هذا السياق، دعت هالة سرحان إلى إقرار ميثاق إعلامي عربي موحّد يضمن المهنية ويحمي الكلمة من التلاعب، مشيرة إلى أن الملتقى الذي شاركت فيه يسعى لهذا الهدف تحديدًا:
“احنا محتاجين نرجع نربط بين الإعلام والضمير، لأن اللي بيحصل النهارده خطر على الكلمة وعلى الناس اللي بتشتغل بصدق.”
خاتمة: “ما بين المزاح والتأويل… الحقيقة لا تموت”
مع نهاية الجدل، يبدو أن القضية في طريقها للهدوء، خصوصًا بعد أن شرحت هالة سرحان موقفها بالتفصيل وأكدت أن كل ما جرى كان مزاحًا ودعابة بسيطة، لا أكثر.
لكن الحادثة، رغم بساطتها، فتحت بابًا واسعًا للتأمل في حال الإعلام اليوم، وكيف أصبح الاجتزاء أقوى من الحقيقة، والتفاعل أسرع من التحقق.
![]()
وبينما تستمر مواقع التواصل في إعادة تدوير المقاطع بحثًا عن الإثارة، يبقى الدرس الأهم الذي خرجت به هالة سرحان – ومعها الجمهور – هو أن الكلمة مسؤوليّة، والصورة ليست دائمًا كل القصة.
فما حدث لم يكن سوى لحظة خاطفة في ملتقى حافل، لكنها تحولت بفعل القص واللصق إلى قضية رأي عام، لتؤكد من جديد أن الإعلام، في زمن السرعة، يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تباطؤٍ حكيم… وضميرٍ حي.
