الشارقة – السابعة الاخبارية
الشيخ سلطان القاسمي، في خطوة جديدة تؤكد مكانة الشارقة كعاصمة للثقافة والمعرفة، وجّه الشيخ سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتخصيص 4.5 ملايين درهم لتزويد مكتبات الإمارة العامة والحكومية بأحدث الإصدارات الصادرة عن دور النشر المشاركة في الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب.
هذه المبادرة ليست مجرد دعم مادي، بل هي رسالة فكرية وثقافية عميقة، تعبّر عن رؤية حاكم الشارقة في جعل الكتاب محورًا للحياة اليومية، وأداة للنهوض بالإنسان، ووسيلة لتوسيع مدارك الأجيال المقبلة. فمنذ عقود، يكرّس الشيخ سلطان القاسمي جهوده لترسيخ مكانة الشارقة كمدينة تؤمن بالعلم، وتستثمر في المعرفة، وتعتبر الثقافة بوابة التنمية الحقيقية.
الشيخ سلطان القاسمي يخصص 4.5 ملايين درهم للاستثمار في العقول والمستقبل
تأتي هذه المنحة الكريمة لتزويد مكتبات الشارقة العامة والحكومية بأحدث ما أصدرته دور النشر المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يضم هذا العام 2,350 ناشرًا وعارضًا من 118 دولة، بينها 1,224 دار نشر عربية و1,126 دارًا أجنبية، بما يغطي أحدث الإصدارات في العلوم والآداب والفنون والمعرفة الإنسانية.
ويهدف هذا التوجيه إلى تحديث محتوى المكتبات بما يتماشى مع تطورات الفكر والثقافة في العالم، وضمان وصول القرّاء والطلبة والباحثين في الشارقة والإمارات إلى أحدث ما يُنشر في ميادين العلم والإبداع. إن المكتبات، في فكر حاكم الشارقة، ليست مخازن كتب فحسب، بل منارات فكرية تُنير الطريق نحو التقدم، وأساس مشروع الإمارة في بناء الإنسان وتشكيل وعي المجتمع.
الشيخة بدور القاسمي: المكتبات ذاكرة حيّة للمعرفة
وفي تعليقها على المنحة، أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، أن دعم والدها حاكم الشارقة للمكتبات يأتي امتدادًا لرؤيته في تمكين الإنسان بالمعرفة، وتعزيز حضور الكتاب في الحياة العامة، مشيرة إلى أن هذا الدعم المتواصل يعكس إيمان سموه العميق بدور المكتبات كمؤسسات تنويرية قادرة على صناعة التحول المعرفي في المجتمعات.

قالت الشيخة بدور القاسمي إن المكتبات ليست مجرد رفوف تحمل كتبًا، بل هي جسور للتواصل بين الثقافات والحضارات، وذاكرة حيّة تحفظ تاريخ الإنسانية وتوثّق تطورها الفكري. وأكدت أن المنحة الجديدة تمثل استمرارًا لنهج الشارقة في دعم صناعة النشر وتمكين الناشرين العرب والعالميين من الاستدامة والتوسع في إنتاج المعرفة، بما يسهم في تنشيط بيئة العمل الثقافي والإبداعي في المنطقة والعالم.
الكتاب في قلب مشروع الشارقة الثقافي
منذ انطلاقة مشروع الشارقة الثقافي قبل أكثر من أربعة عقود، لم تكن مبادرات حاكم الشارقة تجاه الكتاب والمكتبات مجرد جهود محلية، بل رؤية شاملة لبناء مجتمع قارئ متوازن يواكب العالم دون أن يفقد جذوره.
فمن تأسيس مدينة الشارقة للكتاب، التي أصبحت واحدة من أكبر مدن النشر والطباعة في المنطقة، إلى إطلاق هيئة الشارقة للكتاب، التي تشرف على تنظيم معرض الشارقة الدولي للكتاب — أحد أكبر المعارض في العالم — لم تتوقف الإمارة عن الاستثمار في الكلمة والمعرفة كقوة ناعمة تبني الإنسان وتدعم الحضارة.
ويُعدّ دعم المكتبات بهذا الحجم دليلاً جديدًا على إيمان حاكم الشارقة بأن المعرفة هي البنية التحتية الحقيقية لأي نهضة، وأن التنمية الثقافية لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية. فكل كتاب جديد يدخل مكتبة هو بذرة لوعي جديد، وكل قارئ يفتح صفحة هو مشروع مفكر أو مبدع في طريقه إلى الإسهام في نهضة وطنه.
“بينك وبين الكتاب”.. شعار يجسد فلسفة الشارقة
يحمل معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 شعارًا دافئًا وبليغًا: “بينك وبين الكتاب”، في إشارة إلى العلاقة الإنسانية العميقة بين القارئ والكتاب، وإلى الدور الذي يلعبه هذا الحدث العالمي في إعادة بناء الصلة بين الإنسان والمعرفة.
ويواصل المعرض في دورته الرابعة والأربعين ترسيخ مكانته كأحد أكبر التجمعات الثقافية على مستوى العالم، بمشاركة أكثر من 2,350 دار نشر من 118 دولة، واستضافة أكثر من 250 مبدعًا ومفكرًا من 66 دولة يقدمون أكثر من 1,200 فعالية ثقافية وفكرية وفنية. هذه الأرقام الضخمة لا تعني فقط تنوعًا في المشاركة، بل تأكيدًا على ريادة الشارقة كجسر عالمي للحوار الثقافي والتبادل المعرفي.
دعم متواصل لصناعة النشر والناشرين
منذ تأسيس معرض الشارقة الدولي للكتاب عام 1982، كانت رؤية الشيخ سلطان القاسمي واضحة: دعم الكتاب ليس رفاهية، بل واجب حضاري. واليوم، مع تخصيص 4.5 ملايين درهم للمكتبات، يتجدد هذا الالتزام في إطار سياسة ثقافية مستدامة، تهدف إلى توفير بيئة مزدهرة لصناعة النشر.
فالمبادرة لا تقتصر على شراء الكتب للمكتبات، بل تسهم بشكل مباشر في دعم الناشرين المحليين والعالميين، وتشجيعهم على الاستمرار في إنتاج مؤلفات نوعية، مع ضمان وصولها إلى جمهور واسع في المنطقة العربية. وبهذا، تتحول المكتبات إلى حلقة وصل حيوية بين الكاتب والناشر والقارئ، ضمن منظومة متكاملة تعزز قيمة الكتاب وتضمن ديمومة صناعة النشر.
مكتبات الشارقة.. منارات للمعرفة والتنوير
تضم إمارة الشارقة اليوم شبكة من المكتبات العامة والجامعية والمدرسية، التي تؤدي دورًا جوهريًا في تغذية العقول بالمعرفة وتوفير مصادر البحث والتعليم. من مكتبة الشارقة العامة إلى مكتبات كلباء والذيد وخورفكان ودبا الحصن، تمتد يد سموه لتزويد هذه المؤسسات بكل جديد يصدر عن دور النشر حول العالم.
ويعتبر هذا الدعم استمرارًا لمشاريع ثقافية رائدة أطلقها حاكم الشارقة، منها إنشاء بيت الحكمة، وهو صرح ثقافي يجمع بين روح المكتبة التقليدية والتقنيات الحديثة، ليكون نموذجًا لمستقبل المعرفة. هذا التوجه يعكس رؤية متكاملة تؤمن بأن المعرفة ليست ترفًا، بل حقّ لكل إنسان، وأن المكتبات هي المساحة التي تلتقي فيها الإنسانية على أرض الفكر والإبداع.
الشارقة… عاصمة عالمية للكتاب والفكر
بفضل هذه الجهود، أصبحت الشارقة رمزًا عربيًا للثقافة ومركزًا عالميًا للكتاب. فقد نالت في عام 2019 لقب “العاصمة العالمية للكتاب” من منظمة اليونسكو، تقديرًا لمبادراتها الرائدة في نشر القراءة ودعم صناعة النشر والترجمة.
واليوم، مع كل منحة جديدة، وكل معرض للكتاب، وكل مبادرة ثقافية، تؤكد الشارقة أنها لا تكتفي بالاحتفاء بالكتاب، بل تبني حوله مشروعًا حضاريًا متكاملًا. إنها مدينة تستثمر في الكلمة لتبني مستقبلًا مستنيرًا، حيث تصبح المكتبات حجر الأساس في صرح التنمية الثقافية والإنسانية.

خاتمة: سلطان القاسمي.. قائد جعل الثقافة أسلوب حياة
حين يوجّه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي دعمه للمكتبات، فهو لا يدعم مباني ولا رفوفًا من الكتب، بل يدعم العقول والأجيال. إنه يزرع في كل قارئ بذرة وعي، وفي كل مكتبة نافذة على العالم.
بهذا النهج، تتحول الشارقة إلى نموذج عالمي في الاستثمار بالإنسان عبر الثقافة، وتبقى رؤية حاكمها عنوانًا مضيئًا لمشروع عربي حضاري يؤمن بأن الكتاب هو الطريق الأقصر نحو المستقبل.
ففي كل درهم من المنحة، وفي كل كتاب جديد على رفّ مكتبة في الشارقة، تتجسد فلسفة سموه التي اختصرت في جملة واحدة: “بالعلم والمعرفة نبني الإنسان، وبالإنسان نبني الأوطان.”
