أمريكا – السابعة الإخبارية
ارتفعت أسعار الذهب عالميًا في تداولات اليوم، مدعومة بتزايد الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) سيتجه إلى خفض جديد في أسعار الفائدة خلال ديسمبر المقبل، وسط صدور بيانات اقتصادية ضعيفة أثارت القلق بشأن تباطؤ النمو العالمي، ما عزز الطلب على المعدن النفيس باعتباره ملاذًا آمنًا للمستثمرين.
فبحلول الساعة 01:15 بتوقيت غرينتش، صعد الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.7% ليصل إلى 4027.88 دولارًا للأوقية (الأونصة)، بينما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بالقدر نفسه لتسجل 4036.60 دولارًا للأوقية، وفقًا لبيانات السوق العالمية.

البيانات الضعيفة ترفع الحذر وتدعم المعدن الأصفر
وجاء هذا الارتفاع بعد صدور تقارير اقتصادية أميركية أظهرت تراجع أداء سوق العمل خلال أكتوبر الماضي، إذ فقد الاقتصاد الأميركي عددًا من الوظائف، لا سيما في قطاعي الحكومة وتجارة التجزئة، نتيجة سياسات خفض النفقات واعتماد بعض الشركات الكبرى على تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملياتها، ما أدى إلى زيادة في معدلات التسريح المعلن عنها.
كما أظهرت بيانات أخرى أن ثقة المستهلكين الأميركيين تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ نحو ثلاثة أعوام ونصف العام خلال أوائل نوفمبر، مدفوعة بالمخاوف من التأثيرات الاقتصادية الناتجة عن أطول فترة إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، والتي استمرت 40 يومًا حتى بدء التحركات داخل مجلس الشيوخ لإعادة فتح الحكومة الاتحادية.
توقعات خفض الفائدة تدفع المستثمرين نحو الذهب
ووفقًا لأداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة CME، فإن الأسواق المالية باتت تتوقع بنسبة 67% أن يُقدم الفيدرالي الأميركي على خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في ديسمبر.
ويُعد ذلك تحولًا مهمًا في توجهات السياسة النقدية بعد سلسلة من الزيادات السابقة التي هدفت إلى كبح التضخم.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن البيئة النقدية الميسرة عادةً ما تدعم أسعار الذهب، إذ يجعل خفض الفائدة الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالأصول الأخرى التي تدر عوائد، مثل السندات. كما أن تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي حول مستقبل الاقتصاد الأميركي والعالمي يعزز الطلب على المعدن الأصفر كأصل آمن.
وقال أحد المحللين في بنك استثماري عالمي إن “الأسواق تتفاعل بقوة مع إشارات تباطؤ الاقتصاد، والمستثمرون يعيدون توجيه محافظهم نحو الأصول الآمنة، والذهب في مقدمتها. وفي حال أكد الفيدرالي نواياه بخفض الفائدة الشهر المقبل، فقد نشهد تجاوز الأسعار مستوى 4050 دولارًا للأوقية قريبًا.”

تأثير الإغلاق الحكومي والضبابية السياسية
من ناحية أخرى، ساهمت التطورات السياسية في الولايات المتحدة في زيادة التقلبات داخل الأسواق المالية، حيث يستعد مجلس الشيوخ الأميركي للمضي قدمًا في إجراء تشريعي يهدف إلى إنهاء الإغلاق الحكومي الذي دام 40 يومًا، في محاولة لإعادة تفعيل عمل المؤسسات الاتحادية.
ويرى الخبراء أن استمرار الإغلاق لفترة طويلة كان من شأنه إضعاف ثقة المستهلكين والشركات، ما قد ينعكس سلبًا على وتيرة النمو الاقتصادي خلال الربع الأخير من العام، وهو ما يدفع المستثمرين نحو الذهب كتحوط ضد التقلبات.
معدلات التضخم والنمو العالمي في دائرة الاهتمام
وبينما تترقب الأسواق صدور بيانات التضخم الأميركية هذا الأسبوع، يأمل المستثمرون أن تُظهر الأرقام تباطؤًا في وتيرة ارتفاع الأسعار، بما يمنح الفيدرالي مبررًا إضافيًا لتخفيف سياسته النقدية.
لكن في المقابل، لا تزال المخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي تلوح في الأفق، خاصة مع استمرار التوترات التجارية، وضعف أداء بعض الاقتصادات الكبرى مثل الصين ومنطقة اليورو.
ويؤكد المحللون أن أي مؤشرات جديدة على تباطؤ عالمي قد تدعم مكاسب الذهب أكثر، إذ تُقلل من شهية المخاطرة وتزيد من الطلب على الأصول الدفاعية.
المعادن النفيسة الأخرى تواكب الارتفاع
وفي أسواق المعادن النفيسة الأخرى، سارت الأسعار في الاتجاه نفسه، حيث ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 1.1% لتسجل 48.84 دولارًا للأوقية، فيما صعد البلاتين بنسبة 1.2% إلى 1563.25 دولارًا، وارتفع البلاديوم بنفس النسبة إلى 1396.75 دولارًا للأوقية.
ويشير محللون إلى أن هذه الزيادات تأتي في سياق عام من تحسن الطلب على المعادن الثمينة مع تراجع الدولار الأميركي وتزايد التوقعات بخفض الفائدة، وهي عوامل تدعم عادة ارتفاع أسعار المعادن المرتبطة بالمضاربة الصناعية والاستثمارية في آن واحد.

وبينما يستمر المشهد الاقتصادي العالمي في التقلب بين بيانات ضعيفة وتوقعات حذرة، يبدو أن الذهب سيظل المستفيد الأكبر من هذا المناخ الضبابي.
فمع تزايد المخاوف بشأن النمو، واحتمال إقدام الفيدرالي الأميركي على خفض جديد للفائدة، قد يشهد المعدن النفيس موجة صعود جديدة تضعه في مستويات قياسية إذا استمرت الظروف الحالية.
ويبقى السؤال الأبرز في الأسواق الآن: هل سيكون خفض الفائدة المقبل كافيًا لطمأنة المستثمرين، أم أن الذهب سيواصل بريقه كملاذٍ آمن في وجه الاضطرابات الاقتصادية القادمة؟
