القاهرة – السابعة الاخبارية
وفاة إسماعيل الليثي، في ليلة حزينة خيّمت على الوسط الفني المصري، بعد وفاة إسماعيل الليثي المطرب الشعبي مساء الاثنين 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، متأثرًا بإصاباته البالغة إثر حادث تصادم مروّع على الطريق الصحراوي الشرقي بمحافظة المنيا.
الخبر نزل كالصاعقة على جمهوره ومحبيه الذين تابعوا حالته الصحية منذ أيام، بعد الإعلان عن إصابته الخطيرة ودخوله العناية المركزة بمستشفى ملوي العام، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد صراع مع الإصابات.
وفاة إسماعيل الليثي..تفاصيل الساعات الأخيرة في حياته
لم تكن الساعات الأخيرة في حياة المطرب الشعبي الراحل سهلة على الإطلاق. فبحسب مصادر طبية بمستشفى ملوي، شهدت حالته الصحية تدهورًا حادًا خلال اليوم الأخير، رغم محاولات الفريق الطبي المستميتة لإنقاذ حياته.
الدكتور أحمد عمر، مدير المستشفى، أوضح في تصريحاته الأخيرة قبل الوفاة أن الليثي كان ما يزال في مرحلة حرجة للغاية، وأن مؤشرات بسيطة فقط كانت تدل على تحسن طفيف في ضغط الدم والتنفس، لكنها لم تكن كافية لإنعاش جسده المنهك.
الفريق الطبي حاول بكل الطرق رفع نسبة الأكسجين وتثبيت الوظائف الحيوية، غير أن الإصابات البالغة التي لحقت برأسه وصدره حالت دون استمرار الحياة.

دموع العائلة.. وانهيار زوجته بعد الخبر الصادم
بينما كان الفريق الطبي يحاول إنقاذه، كانت زوجته شيماء سعيد تنتظر بقلق خارج غرفة العناية المركزة، تتابع كل خبر وكل نفس يخرج من جسده الضعيف.
لحظة إعلان الوفاة كانت مأساوية بكل المقاييس، إذ انهارت الزوجة باكية غير مصدقة أن الحبيب والرفيق الذي شاركها مشوار الحياة والفن قد رحل فجأة.
أما شقيقاه فقد كانا ملازمين له منذ لحظة نقله إلى المستشفى، يدعوان له بالشفاء، ويتابعان مع الأطباء أدق التفاصيل، حتى جاءت اللحظة التي أعلن فيها الطبيب وفاته رسميًا، لتتحول قاعة الانتظار إلى مأتم حقيقي يختلط فيه الصراخ بالبكاء والدعاء.
حادث مأساوي على الطريق الصحراوي الشرقي
تعود تفاصيل الحادث إلى مساء الخميس 6 نوفمبر، حين تلقّت غرفة عمليات النجدة بمحافظة المنيا بلاغًا يفيد بوقوع تصادم بين سيارتين ملاكي على الطريق الصحراوي الشرقي أمام مركز ملوي.
الحادث أسفر عن وفاة أربعة أشخاص وإصابة ستة آخرين، من بينهم المطرب إسماعيل الليثي وعدد من أفراد فرقته الموسيقية.
القوات الأمنية هرعت إلى موقع الحادث، وتم الدفع بعدة سيارات إسعاف لنقل المصابين إلى المستشفى، في حين تم نقل جثث المتوفين إلى المشرحة تحت تصرف النيابة العامة التي باشرت التحقيق.
وتبيّن من التحريات الأولية أن السرعة الزائدة كانت السبب الرئيسي في الحادث، حيث فقد أحد السائقين السيطرة على السيارة أثناء تجاوز خاطئ، ما أدى إلى الاصطدام العنيف الذي أودى بحياة الفنان.
من المستشفى إلى وداع الراحل.. مشهد مؤلم
بعد أيام من العناية المركزة ومحاولات الإنقاذ، أعلنت إدارة مستشفى ملوي العام وفاة الفنان الشعبي إسماعيل الليثي مساء الاثنين.
وفي الساعات التي تلت الإعلان، سادت حالة من الحزن العميق على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدّر وسم “#وفاة_إسماعيل_الليثي” قوائم الترند في مصر، وانهالت عبارات الحزن والتعازي من جمهوره وزملائه في الوسط الفني.
الفنان عبد الباسط حمودة كتب عبر صفحته: “البقاء لله في أخويا وصاحبي إسماعيل الليثي.. كان قلبه طيب وصوته مليان فرحة.. ربنا يرحمه ويصبر أهله.”
بينما نعى الفنان سعد الصغير الراحل بكلمات مؤثرة قال فيها: “خسرنا صوت من أجمل الأصوات في الغناء الشعبي، الله يرحمك يا إسماعيل.”
الليثي.. مسيرة قصيرة صنعت بصمة قوية
رغم أن مسيرته الفنية لم تتجاوز عقدًا من الزمن، إلا أن إسماعيل الليثي استطاع أن يترك بصمة واضحة في عالم الأغنية الشعبية.
انطلق في بداياته من الحفلات الصغيرة في الأحياء الشعبية، قبل أن يحقق شهرة واسعة بأغنيته الشهيرة “عندي كلام” التي فتحت له أبواب الشهرة، ثم توالت بعدها أعماله الناجحة مثل “أنا الجدع” و**“سوق الرجال”** و**“حكاية حارة”**.
عرفه الجمهور بصوته المميز وأسلوبه القوي في الأداء، الذي جمع بين روح الفن الشعبي الأصيل ولمسات الحداثة، ما جعله قريبًا من قلوب فئات مختلفة من الجمهور، خاصة الشباب.
كما شارك الليثي في عدد من الأعمال السينمائية والمهرجانات، وكان دائم الحضور في حفلات الزفاف الشعبية والمناسبات الجماهيرية، حيث أضفى حضوره طاقة من البهجة والحيوية على جمهوره.
أحلام لم تكتمل.. مشاريع فنية توقفت برحيله
قبل رحيله بأسابيع قليلة، كان إسماعيل الليثي قد انتهى من تسجيل أغنية جديدة بعنوان “الصحبة الغالية” كان من المقرر طرحها نهاية الشهر الجاري.
كما كان في خضم التحضير لألبومه الجديد الذي يضم تعاونات مع عدد من الشعراء والملحنين الشباب، بينهم محمد عبد المنعم ورضا البحراوي.
لكن القدر لم يمهله الوقت لإكمال تلك المشاريع، ليتوقف صوته عند آخر لحن سجّله، تاركًا خلفه حسرة في قلوب محبيه وزملائه الذين كانوا ينتظرون منه المزيد.
وداع جماهيري مؤلم.. جنازة الراحل
في صباح الثلاثاء 11 نوفمبر، شيّع المئات من أهالي حي الهرم وأقاربه وجمهوره جنازة الفنان الراحل وسط حالة من البكاء والانهيار.
انطلقت الجنازة من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر، حيث أدى المشيّعون صلاة الجنازة وسط هتافات “لا إله إلا الله” ودموع صادقة على فنان أحبوه بصوته وبساطته وإنسانيته.
ودُفن الراحل بمقابر أسرته في محافظة الجيزة، بحضور عدد من الفنانين الشعبيين وأصدقائه المقربين الذين أكدوا أن فقدانه خسارة كبيرة للفن الشعبي المصري.
إرث فني لا يُنسى.. وصوت سيبقى في الذاكرة
برحيل إسماعيل الليثي، فقدت الساحة الفنية واحدًا من الأصوات الصادقة التي عرفت كيف تعبّر عن هموم الناس وأفراحهم بلغة بسيطة وقريبة من القلب.
صوته سيظل حاضرًا في ذاكرة جمهوره، وأغانيه ستبقى ترددها المقاهي والشوارع والحفلات كما كانت دائمًا.

وربما يرحل الجسد، لكن يبقى الفن الحقيقي خالدًا لا يموت، تمامًا كما ترك الليثي بصمته التي ستظل شاهدًا على موهبة لا تتكرر كثيرًا.
رحم الله الفنان الشعبي إسماعيل الليثي، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته ومحبيه الصبر والسلوان.
لقد رحل عن الدنيا في صمت، لكن صوته سيبقى شاهدًا على زمنٍ غنّى فيه البسطاء بصدق، وأحبوا فنانًا يشبههم في الملامح والوجدان.
