الشارقة – السابعة الاخبارية
صغار الشارقة للكتاب، في مشهدٍ مفعم بالضحكات ورائحة الخبز الطازج، احتضنت الدورة الرابعة والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب فعالية فريدة من نوعها حملت عنوان “بيتزا الديناصور”، حيث اجتمع صغار الشارقة للكتاب حول طاولات الطهي ليحوّلوا العجين البسيط إلى أشكال فنية مبهجة على هيئة ديناصورات ملونة، في تجربة تجمع بين التعليم والمرح والإبداع.
صغار الشارقة للكتاب.. ورشة بطابع مختلف تجمع بين المذاق والخيال
الورشة التي قُدمت ضمن البرنامج المخصص للأطفال جاءت لتؤكد أن الكتاب والمعرفة ليسا بعيدين عن التجربة الحسية والمتعة اليومية، فقد صممت الفعالية لتدمج بين المطبخ والخيال الإبداعي. وبإشراف الشيف شهد محمد، عاش الأطفال لحظات من الاكتشاف العملي، حيث تعلموا أساسيات إعداد البيتزا خطوة بخطوة بطريقة مبسطة تتيح لهم المشاركة بفعالية وحرية.

الشيف شهد محمد.. الطهي كجسر نحو الإبداع
قدّمت الشيف شهد محمد الورشة بأسلوب مرح وسلس جذب الأطفال من اللحظة الأولى، حيث بدأت بتعريفهم بالمكونات البسيطة للعجين، ثم شرحت كيفية فردها وتشكيلها باستخدام قوالب خاصة.
وأكدت أن الهدف من التجربة ليس فقط إعداد وجبة لذيذة، بل منح الأطفال مساحة للتعبير عن ذواتهم من خلال العجين الذي يتحول في أيديهم إلى مجسمات فنية صغيرة تنبض بالحياة.
وقالت الشيف شهد خلال الورشة: “كل قطعة بيتزا هي لوحة فنية صغيرة، وكل طفل يضع بصمته الخاصة فيها. نحن هنا لا نصنع طعامًا فقط، بل نصنع لحظات من الفرح والإبداع تنمو في ذاكرة الأطفال مع كل تجربة جديدة”.
ديناصورات من عجين.. حين يصبح المطبخ مسرحًا للخيال
ما إن بدأت الأيدي الصغيرة بالعمل حتى تحوّلت الطاولات إلى منصات للإبداع، حيث انشغل الأطفال بتشكيل الديناصورات الصغيرة بأناملهم، يضيفون لها الأجنحة والعيون والذيل مستخدمين شرائح الزيتون والطماطم والجبن. وقد بدا كل طفل فخورًا بما أبدعه، وكأن كل عجينة تحكي قصة مختلفة عن خياله الخاص.
كانت الأجواء أقرب إلى مسرح مفتوح للفرح، حيث امتزجت رائحة الصلصة والخبز بصوت الضحكات، وتحول المطبخ إلى مساحة تفاعلية تحفّز الحواس وتجمع بين اللعب والتعلّم، بين الطهي والفن.
فرحة الاكتشاف تتجلى في عيون الأطفال
لحظة خروج القطع من الأفران كانت كفيلة بإشعال الحماس في القاعة. علت أصوات الدهشة والفرح، وراح كل طفل يتأمل “ديناصوره الصغير” بإعجاب قبل أن يتذوقه بفخر. وبدت تلك اللحظة تجسيدًا للمعنى الحقيقي للتعلم بالممارسة، حيث يجني الطفل ثمرة جهده فورًا، في تجربة تشجعه على الثقة بالنفس وتقدير العمل اليدوي.
وقد عبّر عدد من أولياء الأمور الذين رافقوا أبناءهم عن سعادتهم بهذه الورشة التي جمعت بين المتعة والتربية، مؤكدين أن التجارب العملية كهذه تفتح أمام الأطفال أبوابًا جديدة للتفكير والإبداع وتمنحهم الدافع لخوض تجارب أخرى في حياتهم اليومية.
بين الطهي والثقافة.. رؤية متكاملة لمعنى التعليم
تأتي ورشة “بيتزا الديناصور” ضمن فلسفة متكاملة يعتمدها معرض الشارقة الدولي للكتاب في برامجه الخاصة بالأطفال، إذ يسعى إلى جعل الثقافة تجربة حياتية شاملة لا تقتصر على القراءة النظرية، بل تمتد إلى تطبيقات عملية تُشرك الطفل في الاكتشاف والابتكار. فالتعليم عبر اللعب والطهي والرسم والحكي، أصبح ركيزة أساسية في رؤية المعرض لتنشئة جيل محب للمعرفة.
الشارقة.. حاضنة الطفولة والإبداع الثقافي
لطالما أولت إمارة الشارقة اهتمامًا استثنائيًا بالطفل، بوصفه محور التنمية الثقافية والمجتمعية، لذلك جاءت هذه الورشة لتعبّر عن هذا التوجه الإنساني الواضح في استراتيجيات المعرض السنوية.
فهي ليست مجرد فعالية جانبية، بل نموذج يُجسّد كيف يمكن للثقافة أن تندمج بسلاسة في تفاصيل الحياة اليومية لتصبح جزءًا من هوية النشء.
وقد حرص المنظمون على تصميم الفعالية بما يضمن مشاركة جميع الفئات العمرية من الأطفال، مع توفير بيئة آمنة ومريحة تشجعهم على التفاعل دون خوف من الخطأ، وهو ما عزز روح الفريق والعمل الجماعي بينهم.
إبداع جماعي يحاكي قصص الطفولة
خلال الورشة، لم يكن الأطفال وحدهم من اندمجوا في التجربة، بل شارك أولياء الأمور بحماس في العجن والتشكيل والضحك مع أبنائهم، في مشهد يجسد روح العائلة التي يجمعها حب التجريب والابتكار. وكانت لحظات التصوير وتبادل القصص بين الأسر دليلاً على نجاح الحدث في خلق رابط إنساني دافئ بين الحاضرين، يتجاوز حدود الطهي إلى مساحة من التواصل الاجتماعي والثقافي.
دمج التعليم بالمتعة.. تجربة تبقى في الذاكرة
ما ميز الورشة حقًا هو قدرتها على دمج التعليم بالمتعة دون أن يشعر الطفل أنه في درس أو تدريب، بل في مغامرة ممتعة يقودها بنفسه. فكل خطوة من خطوات إعداد “بيتزا الديناصور” كانت درسًا خفيًا في التنظيم والصبر والإبداع، وكل ضحكة كانت تعبيرًا عن طاقة إيجابية تُزرع في وجدان الجيل الجديد.
رسالة المعرض لأطفال المستقبل
من خلال فعاليات كهذه، يبعث معرض الشارقة الدولي للكتاب رسالة واضحة مفادها أن الثقافة ليست حكرًا على الكبار، وأن أبواب المعرفة يمكن أن تُفتح بوسائل غير تقليدية.
فربما تبدأ القصة بقطعة عجين بسيطة، لكنها تنتهي بطفل اكتشف قدرته على التخيل والابتكار، وأدرك أن الخيال ليس حكرًا على القصص التي يقرأها، بل يمكنه أن يصنعه بنفسه.

خاتمة.. حين تمتزج الطفولة بالثقافة
ورشة “بيتزا الديناصور” لم تكن مجرد فعالية ترفيهية عابرة، بل كانت رسالة رمزية من الشارقة إلى أطفالها بأن الثقافة يمكن أن تكون لذيذة مثل البيتزا، ومبهجة مثل ألوان الديناصورات التي صنعوها بأيديهم.
وبين رائحة الخبز وضحكات الصغار، تجسدت روح المعرض في أجمل صورها: ثقافة تنبض بالحياة، وطفولة تتذوق المعرفة بحب ومرح.
عدد الكلمات: 913 كلمة تقريبًا
