الشارقة – السابعة الاخبارية
الشارقة للكتاب، في مشهد يعكس عمق العلاقة بين الثقافة والتنمية، نظّم المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة الجلسة الثانية من سلسلة المقاهي الثقافية تحت عنوان “اقتصاد الكتب.. صناعة النشر في العالم العربي”، ضمن مشاركته في فعاليات معرض الشارقة للكتاب 2025، وسط حضور واسع من المفكرين والأكاديميين والمتخصصين في الثقافة والاقتصاد والإعلام.
شهدت الجلسة حضور ميره خليفة المقرب، الأمين العام للمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وأيمن عثمان الباروت، الأمين العام للبرلمان العربي للطفل، إلى جانب نخبة من الكتّاب وممثلي الجهات الرسمية والثقافية، في لقاء ثريّ جمع بين الفكر والاقتصاد، وناقش مستقبل النشر العربي في ظل التحولات الرقمية والاقتصادية العالمية.
الشارقة للكتاب تجسّد الرؤية الثقافية لحاكم الشارقة
تأتي هذه الجلسة ضمن جهود المجلس الاستشاري في ترسيخ البعد الثقافي في العمل البرلماني، وتعزيز التواصل المجتمعي حول قضايا الفكر والمعرفة، وهي امتداد للرؤية التي أرسى دعائمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الداعم الأول للثقافة وصناعة النشر في العالم العربي.

تؤكد مبادرة المجلس أن الشارقة لم تعد تنظر إلى الثقافة بوصفها نشاطاً نخبوياً، بل تراها عنصراً من عناصر التنمية الشاملة، ومحركاً فاعلاً للاقتصاد الإبداعي. لذلك، تأتي المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب كمنصة لتبادل الرؤى بين صناع القرار الثقافي والاقتصادي، بما يعزز التكامل بين الفكر والتنمية المستدامة.
الشارقة للكتاب تفتح حواراً حول محاور النشر العربي
أدار الجلسة الإعلامي إسماعيل الشيباني، وتركزت المناقشات على أربعة محاور رئيسية تمثّل جوهر العلاقة بين الفكر والاقتصاد في عالم النشر:
- العلاقة بين الثقافة والاقتصاد ودورها في بناء صناعة نشر مستدامة.
- التحديات التي تواجه سوق الكتاب العربي في ظل المنافسة العالمية.
- فرص الاستثمار في المحتوى الثقافي العربي المحلي والدولي.
- آفاق التحول الرقمي وأثره في مستقبل النشر العربي.
وتنوّعت المداخلات لتقدّم رؤى عملية تجمع بين التجربة الاقتصادية والتحليل الثقافي، وتضع خارطة طريق لتطوير صناعة النشر العربي وفق معايير السوق العالمية.
الشارقة للكتاب تستعرض الجسر بين الثقافة والاقتصاد
في مداخلة قيّمة، أكد راشد عبدالله بن هويدن، عضو المجلس الاستشاري ورئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية، أن صناعة النشر تمثل جسراً حيوياً بين الثقافة والاقتصاد، مشيراً إلى أنها تسهم في بناء العقول ودعم التنمية المستدامة، وتُعد ركناً أساسياً في منظومة الاقتصاد الإبداعي الذي تتبناه دولة الإمارات.
وأوضح أن الشارقة رسخت نموذجاً عالمياً فريداً في هذا المجال من خلال مؤسساتها الرائدة مثل مدينة الشارقة للنشر وهيئة الشارقة للكتاب، اللتين حولتا الكتاب من منتج ثقافي إلى مشروع اقتصادي وتنموي متكامل، يجمع بين الاستثمار في المعرفة وتعزيز الهوية الثقافية.
وأضاف بن هويدن أن المجلس الاستشاري يعمل عبر أدواته التشريعية والرقابية على دعم الاستثمار الثقافي وتشجيع رواد الأعمال على دخول مجالات النشر الرقمي وصناعة المحتوى، مشدداً على أهمية وضع سياسات اقتصادية تحفّز المبدعين وتربط الثقافة بدورات الاقتصاد الوطني.
الشارقة للكتاب تسلّط الضوء على التحديات والتشريعات
من جانبها، تناولت الدكتورة فاطمة خليفة المقرب، عضو المجلس الاستشاري ومقرر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية والصناعية، واقع صناعة النشر العربي، مؤكدة أن السوق العربية تواجه تحديات اقتصادية وتشريعية وتقنية متشابكة، تعيق نموها بالشكل المطلوب، لكنها تمتلك مقومات كبيرة للنهضة.
وأوضحت أن وجود جيل جديد من الكتّاب، والدعم الحكومي الواسع في الإمارات، خاصة في الشارقة، يمثلان قاعدة متينة لانطلاق صناعة النشر نحو آفاق أوسع.
وركزت المقرب على أهمية خلق بيئة اقتصادية محفزة للناشرين والمؤلفين الشباب من خلال دعم تشريعي فعّال، وتفعيل الشراكات بين الجامعات ومؤسسات النشر، وتوسيع حضور الكتاب العربي في المنصات الرقمية العالمية عبر مبادرات ترجمة وتوزيع ذكية.
الشارقة للكتاب تناقش اقتصاد المعرفة ودور التمويل الثقافي
أما الدكتور محمد قاسم الشبول، أستاذ التمويل والمصارف في كلية إدارة الأعمال بجامعة الشارقة، فقد تناول مفهوم اقتصاد المعرفة ودور التمويل الثقافي في تحقيق الاستدامة في صناعة النشر.
وأشار إلى أن الاستثمار في المحتوى العربي والرقمي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد الحديث، موضحاً أن دعم القطاع الثقافي يحتاج إلى أدوات مالية مبتكرة وصناديق استثمارية مخصصة لتمويل مشروعات النشر والترجمة والإنتاج الإبداعي.
واقترح الدكتور الشبول إنشاء صناديق استثمار ثقافي عربية تعمل بالشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، لتوفير التمويل اللازم للمشروعات المعرفية، بما يعزز تنافسية النشر العربي عالمياً ويحوّله إلى صناعة مستدامة تدر دخلاً وتخلق فرص عمل.
الشارقة للكتاب تستشرف التحول الرقمي ومستقبل النشر
وفي مداخلة لافتة، شدد الدكتور ميسر زهير الطائي، أستاذ مساعد في كلية إدارة الأعمال بجامعة الشارقة، على أن مستقبل النشر العربي يعتمد على مدى الاستجابة للتحول الرقمي والتقني.
وأشار إلى أن النشر الرقمي لا يقتصر على تحويل الكتب إلى ملفات إلكترونية، بل يتطلب بنية تشريعية وتقنية متكاملة تضمن حماية الملكية الفكرية وتنظّم عمل المنصات الرقمية العربية.
وأوضح أن التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، قادرة على إحداث ثورة في سوق الكتاب العربي، من خلال تخصيص المحتوى للقراء، وتحسين تجربة النشر والتوزيع، وفتح أسواق جديدة للناشرين.
وأكد الطائي أن التحول الرقمي هو فرصة وليست تهديداً، شريطة أن يُدار بعقلية استراتيجية تربط الثقافة بالابتكار، وتحوّل القراءة من نشاط فردي إلى تجربة تفاعلية مستدامة.
الشارقة للكتاب ترسّخ الشراكة بين المؤسسات الثقافية والاقتصادية
خلص المشاركون في ختام الجلسة إلى أن مستقبل صناعة النشر العربي مرهون بقدرة المؤسسات الثقافية والتعليمية على الاستثمار في التقنيات الحديثة وتبني سياسات اقتصادية مرنة تدعم الإنتاج المعرفي المحلي، وتشجع التعاون بين القطاعين العام والخاص.
وأكدوا أن الشارقة تمثل نموذجاً رائداً في هذا المجال، بفضل رؤيتها التي تربط الثقافة بالتنمية الاقتصادية، وتجعل من النشر أداة لبناء الإنسان واقتصاد المعرفة في آن واحد.
كما شدد الحاضرون على أهمية تعزيز دور المؤسسات البرلمانية والمجالس الاستشارية في دعم الصناعات الثقافية، من خلال التشريعات والسياسات العامة التي تحمي الملكية الفكرية وتشجع الابتكار والإنتاج الأدبي.

الشارقة للكتاب تؤكد أن الثقافة رافد للتنمية المستدامة
بهذا الحوار الثقافي – الاقتصادي، أثبت المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة أن الثقافة ليست ترفاً فكرياً، بل رافداً أساسياً من روافد التنمية المستدامة. فاقتصاد الكتاب لم يعد محصوراً في دور النشر أو الأسواق المحلية، بل أصبح جزءاً من الاقتصاد الإبداعي العالمي الذي توظف فيه المعرفة كمورد استراتيجي.
وتؤكد هذه الجلسة أن معرض الشارقة الدولي للكتاب يواصل أداء دوره كمنصة فكرية جامعة، تربط بين الإبداع والاقتصاد، وتُسهم في صياغة مستقبل النشر العربي بروحٍ تنموية متجددة.
