الشارقة – السابعة الاخبارية
مكتبات الشارقة، تحتفل مكتبات الشارقة العامة هذا العام بمحطّة تاريخية فارقة في مسيرتها الثقافية، حيث يمرّ 100 عام على تأسيس أول مكتبة في الإمارة، لتبدأ معها رحلة ممتدة من العطاء المعرفي، شهدت خلالها الشارقة تحوّلات ثقافية جعلتها اليوم واحدة من أهم المدن العربية الداعمة للكتاب والقراءة. وتواكب المكتبات احتفالها بالمئوية من خلال مشاركتها المميزة في الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، مقدّمةً سلسلة فعاليات وحوارات تثري تجربة الزوار وتؤكد مكانتها كمؤسسة معرفية راسخة الجذور.
مكتبات الشارقة… من مكتبة خاصة في حصن تاريخي إلى مؤسسة ثقافية متكاملة
تعود البدايات الأولى لمكتبات الشارقة إلى عام 1925، حين أسس الشيخ سلطان بن صقر القاسمي أول مكتبة خاصة في حصن الشارقة، في وقت كانت فيه القراءة رفاهية محدودة والكتب نادرة. تلك الخطوة كانت حجر الأساس لصرح معرفي توسّع على مدى قرن، ليصبح اليوم شبكة متكاملة من المكتبات العامة التي تخدم جميع مدن الإمارة.
تضم مكتبات الشارقة العامة ستة فروع رئيسية موزعة على الشارقة وخورفكان وكلباء ودبا الحصن والذيد ووادي الحلو. هذه الفروع تتجاوز كونها أماكن لاستعارة الكتب؛ فهي مساحات معرفية حديثة تضم مرافق بحثية، قاعات مخصّصة للفعاليات، نوادي للقراءة، ومكتبة إلكترونية واسعة تتيح آلاف المصادر الرقمية. ويبلغ عدد مقتنياتها أكثر من 800 ألف كتاب بلغات متعددة، ما يجعلها أحد أكبر الصروح الثقافية في الإمارات والمنطقة.

100 عام من الريادة… مكتبات الشارقة ركيزة المشهد الثقافي الإماراتي
مرّت مكتبات الشارقة خلال المائة عام الماضية بمحطات مهمة شكّلت ملامح نهضتها، بدءاً من مرحلة المكتبة الخاصة وصولاً إلى تبنّيها رؤية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي جعل من المعرفة محوراً أساسياً في مشروع الإمارة الحضاري. ومن هذا المنطلق، تحوّلت المكتبات إلى مؤسسات حيوية تدعم التعليم، وتفتح أبواب القراءة للجميع، وتعمل على بناء مجتمع واعٍ قادر على التفاعل مع مستجدات الفكر والثقافة.
ومع تطور دورها، لم تعد المكتبات مجرد رفوف تحتوي كتباً، بل صارت قلب منظومة الثقافة في الإمارة:
– منصة للباحثين.
– مساحة للورش والفعاليات المجتمعية.
– ملتقى للمبدعين.
– بيئة تعليمية تُشجع الأطفال على حب القراءة.
– جسر يربط المجتمع بالكتاب العربي والعالمي.
مكتبات الشارقة في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025… حضور يعكس المئوية
تأتي مشاركة مكتبات الشارقة العامة في معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام بطابع احتفالي خاص، يعكس حجم الإنجازات الممتدة على مدار قرن. وخلال المعرض، تنظّم المكتبات سلسلة من الجلسات الحوارية والبرامج التفاعلية التي تمنح الزوار فرصة للاطلاع على دورها الثقافي، إلى جانب خصومات بنسبة 50% على رسوم العضوية تشجيعاً للانضمام إليها.
وأكد غيث الحوسني، عضو فريق الفعاليات والبرامج في إدارة المكتبات، أن هذه المشاركة فرصة لتعريف الجمهور بدور المكتبات في دعم التعليم ونشر المعرفة. وقال الحوسني إن رؤية حاكم الشارقة كانت الدافع الأكبر لتطور مكتبات الإمارة، مضيفاً:
“استطعنا بناء مجتمع قارئ من خلال مئات آلاف الكتب، وناديين للقراءة يشجعان على الحوار، إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي وسّعت حضور مكتبات الشارقة ووصولها إلى مختلف فئات المجتمع.”
ويعكس هذا التصريح حجم الجهد المبذول لتطوير خدمات المكتبات بما يناسب مختلف الأعمار، من الأطفال والشباب وحتى الباحثين المتخصصين.
أسماء أدبية مرموقة في ضيافة مكتبات الشارقة
ضمن مشاركتها في الدورة الـ44 من المعرض، تستضيف مكتبات الشارقة عدداً من أبرز الكتّاب والمترجمين العرب:
– إيمان مرسال، الشاعرة والمترجمة المصرية الحائزة جائزة الشيخ زايد للكتاب.
– عبدالوهاب الحمادي، الكاتب الكويتي المعروف بأعماله التي تمزج بين الأدب والفكر.
– محمد حسن أحمد، كاتب السيناريو الإماراتي صاحب التجارب السينمائية المؤثرة.
– يارا المصري، المترجمة المصرية المتخصصة في نقل الأدب الصيني المعاصر إلى العربية.
وجود هذه الأسماء يضيف قيمة كبيرة لمشاركة المكتبات، ويخلق مساحة حوار مهمة بين صناع الأدب والجمهور.
مكتبات الشارقة… قصة نجاح مستمرة في خدمة المعرفة
ما بدأ قبل قرن كمجموعة متواضعة من الكتب أصبح اليوم مؤسسة ثقافية متكاملة تُسهّل وصول القراء إلى مصادر المعرفة عبر خدمات رقمية وحضورية. وتتنوع برامجها لتشمل:
– ورش عمل تفاعلية.
– فعاليات مجتمعية تستهدف العائلة.
– مبادرات لتعزيز ثقافة القراءة.
– دعم البحث الأكاديمي.
– بوابات إلكترونية توفر الوصول إلى قواعد بيانات عالمية.
وتؤكد مسيرة المائة عام على التزام الإمارة بتعزيز التعليم والثقافة والتنمية البشرية، وهي قيم لا تزال تقود عمل المكتبات حتى اليوم، وتعكس رؤية الشارقة نحو مستقبل ثقافي أكثر اتساعاً.
معرض الشارقة الدولي للكتاب… منصة تحتفي بالكتاب والقراء
يواصل المعرض، الذي يُقام هذا العام تحت شعار “بينك وبين الكتاب”، استقبال الزوار حتى 16 نوفمبر في مركز إكسبو الشارقة. ويشارك فيه 158 ضيفاً عربياً وأجنبياً من مختلف الدول، وأكثر من 300 فعالية ثقافية، إضافة إلى 750 ورشة عمل، و85 عرضاً مسرحياً وأدائياً مباشراً من 12 دولة.
وفي هذا المشهد الثقافي الكبير، تشكّل مشاركة مكتبات الشارقة جزءاً لا يتجزأ من هوية المعرض الذي لطالما كان منصة تُبرز دور الإمارة في دعم الكتاب والمعرفة.

خاتمة… مكتبات الشارقة نموذج عربي يحتذى
مئوية مكتبات الشارقة ليست مجرد رقم، بل هي مسيرة كاملة من البناء الثقافي، تُظهر كيف استطاعت القراءة أن تكون جزءاً من هوية الإمارة ومشروعها الحضاري. ومن خلال حضورها القوي في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، تعيد المكتبات تأكيد رسالتها في خدمة المجتمع، وتعزيز المعرفة، وتوفير بيئة تفاعلية تجمع الأجيال على حب الكتاب.
إن ما حققته مكتبات الشارقة خلال 100 عام يُعد نموذجاً عربياً رائداً في الاستثمار بالثقافة، ويعكس رؤية ثابتة بأن الكتاب هو أساس التنمية… والمعرفة هي الطريق نحو المستقبل.
