الشارقة- السابعة الإخبارية
شهد المسرح الرئيسي في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 أمسية فنية استثنائية حملت عنوان «الضوء الراقص»، قدّمتها فرقة LED Predators المعروفة بقدرتها على دمج التقنيات البصرية مع الأداء الحركي المسرحي، في مزيج فريد يخاطب الخيال ويبهج الحواس. وجاء العرض ضمن البرنامج الثقافي والترفيهي للمعرض، مستهدفاً الأطفال والجمهور العام من خلال تجربة تعتمد على التفاعل المباشر وتقديم لوحات بصرية نابضة بالإيقاع والحيوية.
منذ اللحظة الأولى، جذب العرض أنظار الحضور بفضل استخدامه الذكي للضوء كعنصر أساسي في التكوين الفني. فبدلاً من الاكتفاء بالإضاءة التقليدية، اعتمد فريق LED Predators على مفهوم أكثر حداثة يقوم على توظيف الضوء ذاته كـ«راقص» ينسجم مع الحركة والموسيقى ويشارك في صناعة المشهد. وقدّم أعضاء الفرقة الأربع لوحات متعددة، تنوعت بين الرقص الإيقاعي وتشكيلات جماعية اعتمدت على العصي المضيئة والأشرطة العاكسة، لتكوين عالم بصري غني يعج بالألوان والتأثيرات الضوئية.

وارتدى الراقصون بدلات مزودة بشرائط LED تمتد عبر الخوذة والصدر والأطراف، وهي بدلات متصلة بأنظمة لاسلكية تسمح بالتحكم التام بالإضاءة لحظة بلحظة، بما يشمل تبديل الألوان ودرجات اللمعان والتزامن مع الموسيقى الحية المصاحبة للأداء. هذا التفاعل التقني أضفى على المشهد طابعاً متجدداً يجعل كل حركة في العرض جزءاً من سرد بصري متكامل، وكأن الضوء والرقص يتحاوران على خشبة المسرح.
ولم يقتصر التفوق التقني على بدلات الأداء فقط، بل امتد ليشمل نظام تحكم متطوراً استخدمه الفريق لإعادة تشكيل المشاهد البصرية في الوقت الحقيقي. هذا النظام سمح بإدخال تغييرات سريعة ودقيقة على العرض، فكل حركة للراقصين، وكل تبدل في الإيقاع، كان ينعكس مباشرة على الإضاءة، ليخلق تجربة فنية نابضة بالحياة تُشعر المشاهد أن العرض يُولد ويتشكل أمامه لحظة بلحظة.
وشهد العرض حضوراً ملحوظاً من الأطفال الذين أبدوا اهتماماً كبيراً بالتجربة، إذ تابعوا مجرياتها بانبهار وتفاعلوا مع لوحات الضوء التي ملأت أرجاء المسرح. وقد عبّر عدد من المشرفين التربويين الذين رافقوا الأطفال عن تقديرهم الكبير لهذا النوع من العروض، مؤكدين أنها تسهم في تعزيز المهارات الحسية لدى الأطفال، وتنمي قدراتهم على التفكير المنطقي من خلال تعرّفهم إلى كيفية توظيف التكنولوجيا في صناعة الفن.
يرى المشرفون أن هذه التجربة تُعد مثالاً ملهماً لكيف يمكن للتقنيات الحديثة—مثل أنظمة الإضاءة الذكية—أن تصبح أدوات تعليمية تُسهم في اكتشاف الأطفال لعوالم جديدة قائمة على الإبداع، وتفتح أمامهم مساحات واسعة للتخيّل والابتكار. كما اعتبروا أن الدمج بين الفن والتكنولوجيا يقدم نموذجاً متطوراً للأنشطة التربوية التي يمكن أن تُثري العملية التعليمية بطرق ممتعة وغير تقليدية.
ويأتي عرض «الضوء الراقص» ضمن سلسلة من الأنشطة الفنية والترفيهية التي يقدّمها معرض الشارقة الدولي للكتاب، في إطار حرصه على تقديم تجربة ثقافية متكاملة تجمع بين المعرفة والفن والتقنية. فالمعرض، الذي يُعد واحداً من أهم الفعاليات الثقافية في المنطقة، لا يكتفي بتقديم الكتب والمعارض الفكرية فحسب، بل يسعى أيضاً إلى خلق بيئة تلهم الزوار من مختلف الأعمار على التعلم والاكتشاف من خلال الفنون والعروض الحية.

وتواصل إدارة المعرض تقديم فعاليات متنوعة تجمع بين الخيال والتفاعل، بهدف تعزيز الوعي الثقافي والفني لدى الأطفال والشباب، وتوسيع آفاقهم الفكرية من خلال تجارب متعددة الحواس. ويؤكد عرض «الضوء الراقص» نجاح هذا التوجه، إذ جسّد كيف يمكن للتكنولوجيا أن تصبح شريكاً أساسياً في التعبير الفني، وأن تفتح الباب أمام رؤى إبداعية جديدة تلامس كافة فئات الجمهور.
بهذا، يواصل معرض الشارقة الدولي للكتاب ترسيخ مكانته كمنصة ثقافية شاملة، تجمع بين الإلهام البصري والغذاء المعرفي، وتوفر لزواره من الصغار والكبار رحلة فريدة تجمع بين الفن والإبداع والخيال.
