الشارقة – السابعة الاخبارية
هيئة الشارقة للكتاب، في خطوة تعكس عمق الالتزام الثقافي والإنساني الذي تتبناه إمارة الشارقة، أعلنت هيئة الشارقة للكتاب إعفاء دور النشر السودانية من رسوم المشاركة في الدورة الرابعة والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب. وجاءت هذه المبادرة بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ومتابعة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة الهيئة، لتكون رسالة دعم قوية لقطاع النشر السوداني الذي يواجه تحديات كبيرة بسبب الظروف الاقتصادية والإنسانية التي تمر بها البلاد.
يمثل هذا القرار امتداداً لنهج الشارقة الذي يقوم على رؤية ثقافية متجذرة تضع صناعة المعرفة في مقدمة أولويات التنمية، وتعلي من شأن دور الكتاب والناشر والمثقف في بناء الإنسان والحفاظ على الذاكرة الجماعية.
هيئة الشارقة للكتاب تدعم حضور سوداني بلا عوائق
إن إعفاء دور النشر السودانية من الرسوم لا يُعد مجرد دعم مالي، بل هو خطوة تُعيد فتح الأبواب للناشرين الذين أعاقتهم الظروف عن الاستمرار في الحضور الفاعل في المشهد العربي. فمن خلال المشاركة المجانية، يجد الناشرون السودانيون فرصة لعرض إصداراتهم أمام جمهور واسع وبيئة ثقافية تحترم التنوع وتقدّر دور الكتاب في مواجهة الأزمات.
كما أن هذه المشاركة تمنح الكاتب السوداني مساحة أكبر للتعبير والتواصل، وتعزز وجوده في واحدة من أهم الفعاليات الثقافية في العالم العربي والعالم، حيث يحضر المعرض سنوياً ملايين الزوّار وآلاف الناشرين من مختلف القارات.
هيئة الشارقة للكتاب: حماية الإرث الثقافي مسؤولية عربية مشتركة
صرّحت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي أن المبادرة تعبّر عن رؤية حاكم الشارقة الذي يؤمن بأن صناعة المعرفة لا يجب أن تتوقف مهما اشتدت الأزمات. وهي رؤية تنطلق من قناعة راسخة بأن الثقافة ليست رفاهية، بل ضرورة لبقاء الشعوب واستمرارية هويتها.

من خلال هذا الدعم، تؤكد الهيئة أن مسؤوليتها لا تقف عند حدود الإمارة، بل تمتد إلى كل فضاء الثقافة العربية، خصوصاً في الدول التي تمر بظروف استثنائية. فالنشر ليس مجرد نشاط تجاري؛ بل هو عملية إنتاج للوعي وبناء للذاكرة وتوثيق للهوية. وعليه، تأتي مبادرة الشارقة كجزء من مسؤولية ثقافية عربية تتطلب أن تقف المؤسسات إلى جانب المبدعين في لحظات التحدي.
دور النشر السودانية: حضور أصيل يستحق التمكين
للسودان تاريخ ثقافي عريق يمتد من المخطوطات القديمة إلى الإبداع الأدبي الحديث. وتتميز دور النشر السودانية بثراء إنتاجها وتنوعه، سواء في مجالات الأدب، والتاريخ، والفكر، والتراث، والعلوم الإنسانية. لكن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً في قدرة الناشرين على المشاركة في المعارض العربية، بسبب عوامل اقتصادية ولوجستية أثرت على حركة الكتاب وعلى قدرة المؤسسات الثقافية السودانية على الاستمرار.
ومع ذلك، ظل الناشر السوداني وفياً لدوره، متمسكاً برسالة الثقافة، محتفظاً بالأمل في العودة بقوة إلى الساحة العربية. وتأتي مبادرة الشارقة اليوم لتفتح هذا الباب، ولتجدد حالة التواصل بين القرّاء العرب والإبداع السوداني المتفرد.
معرض الشارقة الدولي للكتاب: منصة عالمية تحتضن الجميع
يُعد معرض الشارقة الدولي للكتاب واحداً من أكبر ثلاثة معارض للكتاب في العالم، وقد بنى سمعته على أساس الانفتاح ودعم التنوع الثقافي وتشجيع صناعة النشر في كل الدول العربية دون استثناء. ومن خلال هذه المبادرة، تعزز الهيئة دور المعرض باعتباره مساحة للتفاعل والحوار، وليس مجرد سوق لبيع الكتب.
وبالنسبة للناشرين السودانيين، فإن المشاركة في هذا المعرض تتيح لهم فرصة ذهبية للتواصل مع:
- المؤلفين والباحثين العرب
- وكلاء حقوق النشر والترجمة
- مؤسسات معنية بالتوزيع والطباعة
- جمهور عالمي متنوع
هذا الحضور لا ينعكس فقط على مؤسسات النشر، بل يمتد أثره إلى الكاتب السوداني وإلى صورة الثقافة السودانية في المنطقة.
الشرقية والهوية: علاقة تتجدد عبر الثقافة السودانية
تضع الشارقة في صلب مشروعها الثقافي فكرة أن الثقافة العربية هي نهر واحد تتعدد روافده. ومن أبرز هذه الروافد الثقافة السودانية، التي تحمل إرثاً متنوعاً من الحضارات واللغات والموسيقى والشعر والتاريخ. وبالإعفاء من رسوم المشاركة، تفتح الإمارة المجال أمام هذا الإرث ليصل إلى جمهور أوسع، ولينال التقدير الذي يستحقه.
وقد أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي أن الثقافة السودانية ليست مجرد جزء من الهوية العربية، بل رافد أصيل يغذيها، وأن دعم الناشرين السودانيين يأتي لحماية هذا الرصيد الثقافي الغني من التراجع والانقطاع.
تمكين الناشرين في مواجهة الأزمات: تجربة تستحق الإشادة
تواجه صناعة النشر في العالم العربي تحديات كبيرة، أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج، وضعف القنوات التوزيعية، وتراجع القراءة في بعض المناطق، فضلاً عن الظروف السياسية أو الاقتصادية التي تجعل استمرار بعض دور النشر صعباً. ومن هنا تبرز أهمية مبادرات مثل التي أطلقتها هيئة الشارقة للكتاب، باعتبارها تقدّم نموذجاً عملياً لما يمكن للمؤسسات الثقافية أن تقوم به في دعم الصناعة.
هذا الدعم لا يحافظ فقط على وجود الكتاب السوداني، بل يمنح الناشر القدرة على الاستمرار في عمله، وعلى تطوير محتواه، وعلى الوصول إلى أسواق جديدة.

خاتمة: الكتاب جسراً بين الشعوب
في عالم يموج بالأزمات والصراعات، تبرز الثقافة كجسر منيع يربط بين الشعوب ويعزز قيم الحوار والانفتاح. ومن خلال إعفاء دور النشر السودانية من رسوم المشاركة في المعرض، تؤكد الشارقة أن الكتاب سيظل أداة للحياة، ومساحة للأمل، ومنصة تجمع الإبداع العربي تحت سقف واحد.
إنها مبادرة تحمل معنى أكبر من حدود معرض أو دورة؛ إنها رسالة إنسانية وحضارية تقول لجميع المبدعين: “أنتم جزء من هذا الفضاء الثقافي، ونحن إلى جانبكم”.
