الشارقة – السابعة الاخبارية
مروة السنهوري، في أمسية دافئة حملت الكثير من المعاني والجمال، وقّعت الكاتبة والإعلامية مروة السنهوري كتابها الأول “دهشة الضحك والعيش العميق” ضمن فعاليات الدورة الرابعة والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، الذي جاء هذا العام تحت شعار “بينك وبين الكتاب”. كان التوقيع لحظة خاصة، امتزجت فيها التجربة الشخصية بالبهجة الثقافية، ليولد كتاب يُشبه صاحبته في صدقه، وعمقه، وقوته الداخلية.
أقيم حفل التوقيع يوم الخميس 13 نوفمبر، حيث التقت السنهوري بجمهورها في نصف ساعة مكثفة بالمشاعر والمعاني، وقدمت لهم عصارة رحلة طويلة من التفكير والتأمل والبحث الهادئ عن معنى الحياة ودهشتها. لم يكن اللقاء مجرد توقيع كتاب، بل كان مناسبة للبوح، وإعادة تقديم الذات، وإشعال أسئلة جديدة في ذهن كل قارئ حضر واستمع.
مروة السنهوري تصنع إهداء بنبرة الامتنان… كلمات تمضي بخفة القلب وعمق التجربة
في لفتة تحمل الكثير من الامتنان، أهدت مروة السنهوري أول نسخة مطبوعة من كتابها إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، وكتبت كلمة تعكس تقديرها العميق لدور سموه الثقافي والإنساني. قالت في إهدائها:
“أهديكم حروفي، وهي تمضي بخطى متواضعة على دروب الفكر والمعرفة… نحن نتعلّم من سموكم أن الكلمة مسؤولية، وأن العلم رسالة، وأن الإنسان—كائنًا من كان—هو جوهر التنمية ومعناها الأسمى.”

هذه الكلمات لم تكن مجرد مجاملة بروتوكولية، بل كانت اعترافًا بدور الشارقة في صياغة الوعي الثقافي العربي، وبجهود سموه في أن تكون الإمارة واحة للكتاب والبشر معًا.
كما أهديت نسخة ثانية إلى الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، رئيسة مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، تقديراً لمسيرتها العميقة في خدمة وتمكين أصحاب الهمم. رأت السنهوري في عطائها نموذجًا نقيًا للإنسانية، وركيزة من ركائز الدعم المجتمعي الذي يتجاوز الرعاية إلى الاحتواء الحقيقي. وأكدت أن هذا الإهداء يشكّل بالنسبة لها اعتزازًا شخصيًا، وتعبيرًا عن تقديرها لدور الشيخة جميلة في الارتقاء بوعي المجتمع تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة وجعل حضورهم فاعلًا وقويًا.
قراءة نقدية راقية… محمد ولد سالم يقدّم الكتاب كحوار مفتوح مع القارئ
أضفى الروائي الكبير محمد ولد محمد سالم بعدًا نقديًا مهمًا على العمل، حين قدّم الكتاب خلال الحفل بأسلوبه العميق الذي اعتاد عليه القراء. لم ينظر إلى “دهشة الضحك والعيش العميق” ككتاب مقالات عابر، بل كعمل أدبي وفكري يفتح مساحة للحوار مع القارئ.
قال ولد سالم إن النصوص تجمع بين الفلسفة والتجربة الشخصية، بين اليومي والوجودي، وهو ما يجعل كل مقال وكأنه نافذة تُطل على حياة جديدة. فمروة السنهوري—بحسب وصفه—تكتب كما لو أنها تحاور القارئ مباشرة، تدعوه للتأمل، ولإعادة ترتيب نظرته للعالم من حوله. يرى بأن الكتاب ليس تنظيرًا، بل مشاركة، وليس سردًا، بل حوارًا حيًا يقود القارئ نحو فهم أعمق لذاته ولحياته.
هذه القراءة النقدية من روائي عريق منحت الكتاب بُعدًا إضافيًا، وفتحت بابًا جديدًا أمام القرّاء لرؤية النصوص بطريقة أكثر شمولًا وعمقًا.
دهشة تكتب نفسها… كتاب يرى الإنسان في ضعفه وقوّته
“دهشة الضحك والعيش العميق” ليس مجرد عنوان جميل، بل هو دعوة للحياة كما هي. يتضمن الكتاب مجموعة من المقالات والنصوص التأملية التي تقترب من الإنسان بتواضع، وصدق، وتعاطف. تتناول السنهوري قضايا مرتبطة بالوعي، والعلاقات، والخوف، والبحث عن المعنى، واليقين، والسلام الداخلي.
لا تتحدث عن الفلسفة بلغة صعبة، ولا تطرح أسئلة وجودية على طريقة الكتب الأكاديمية، بل تكتب بلغة بسيطة، شفافة، تمزج بين الحكاية والحكمة. تُظهر للقارئ أن الدهشة ليست حدثًا بعيدًا، بل عادة يومية، وأن العيش العميق لا يحتاج إلى معجزات، بل إلى قدرة على رؤية الجمال في التفاصيل الصغيرة التي نهملها.
إنها كتابة هادئة لكنها قوية، واقعية لكنها مفعمة بالحكمة، شخصية لكنها صالحة للجميع.
قوة تتجاوز الإعاقة… ومشروع إنساني يستمد جماله من التجربة
تُعد مروة السنهوري من أصحاب الهمم، إذ وُلدت بإصابة في يدها جراء خطأ طبي. لكن تجربتها الشخصية لم تكن عائقًا، بل أصبحت مصدرًا للحكمة، وطاقة داخلية تحوّلت إلى إبداع مكتوب. في كثير من نصوصها، تُلمّح دون صخب إلى الألم… إلى الخوف… ثم إلى القوة التي تخرج من بين أصابع الحياة لتقول لها: “قومي… ما زال الطريق طويلًا وجميلًا”.
تكتب السنهوري من موقع من جرّب الألم، وعرف الخوف، وتعلم كيف يتجاوزهما. لهذا يبدو كتابها صادقًا، دافئًا، ومختلفًا. فهو لا ينكر الواقع، ولا يختبئ خلف المثاليات، بل يقول ببساطة:
“العيش العميق لا يعني أن نملك كل شيء، بل أن نرى كل شيء بامتنان.”
بهذه الجملة، تختصر تجربتها، ورؤيتها، ورسالتها التي تريد أن تصل بها إلى كل قارئ يبحث عن بصيص أمل أو عن يدٍ تمسك به في لحظة تعب.

صوت جديد في الأدب الإماراتي والعربي… وولادة كاتبة تحمل مشروعًا
مع هذا الإصدار، تدخل مروة السنهوري عالم الكتابة من أوسع أبوابه، مستندة إلى خلفيتها الإعلامية وتجربتها الإنسانية العميقة. يبدو واضحًا أن هذا الكتاب ليس إلا بداية لمسار طويل من الإبداع والتأمل، وأن صاحبة “دهشة الضحك والعيش العميق” تحمل مشروعًا أدبيًا وفكريًا يزاوج بين الفلسفة والحياة اليومية.
في معرض الشارقة—حيث للكتاب مكانته وللكلمة قيمتها—كانت مروة السنهوري واحدة من الأصوات الجديدة التي لفتت الأنظار، وقدّمت نفسها بوصفها كاتبة تُحسن الإصغاء للحياة وكتابتها بعفوية نقية.
ختامًا… دهشة تُفتح على العالم
خرج جمهور المعرض من لقاء السنهوري وفي قلوبهم دهشة مماثلة لتلك التي تحدثت عنها. دهشة الكتابة الصادقة، دهشة القوة التي تولد من الضعف، دهشة الضحك حين يأتي من مكان عميق وهادئ، ودهشة العيش حين نرى ما حولنا بعين ممتنة.
عرض هذا المنشور على Instagram
“دهشة الضحك والعيش العميق” ليس مجرد كتاب…
إنه تجربة، ونافذة، ورسالة، ونقطة بداية لرحلة تُشبه عنوانها تمامًا: بسيطة… عميقة… ومفعمة بالجمال.
