أمريكا – السابعة الإخبارية
إيلون ماسك.. في فصل جديد من فصول الاشتباكات الإعلامية التي باتت تتكرّر بين نجوم المجتمع والشخصيات الأكثر نفوذًا، اندلعت مواجهة كلامية لافتة بين رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، والمغنية العالمية الحائزة على الجوائز بيلي إيليش، وذلك بعد سلسلة من التعليقات المتبادلة عبر منصات التواصل الاجتماعي. هذه السجالات التي أصبحت جزءًا من المشهد الرقمي المعاصر، تحظى باهتمام واسع نظرًا لمكانة الطرفين، وأثر آرائهما على الجمهور والإعلام.
شرارة البداية: انتقاد لاذع من بيلي إيليش
بدأت القصة عندما أعادت بيلي إيليش نشر محتوى تابع لمنظمة My Voice, My Choice عبر حسابها على إنستغرام، حيث دعت من خلاله ماسك إلى توجيه جزء من ثروته الضخمة نحو دعم قضايا إنسانية، وعلى رأسها القضاء على الجوع العالمي. لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك، إذ أرفقت إيليش المنشور بتعليق هجومي استخدمت فيه عبارات حادة، واصفة ماسك بأنه «جبان بائس»، وموجهة له ألفاظًا أثارت استنكار عدد من متابعيها، بينما رأى آخرون أنها تعبّر عن غضب مشروع من عدم توظيف المليارديرات مواردهم لصالح العالم.
إيليش التي عُرفت بمواقفها المتحمّسة تجاه قضايا البيئة والعدالة الاجتماعية، لم تخفِ في مناسبات سابقة اعتراضها على تراكم الثروات الهائلة لدى بعض رجال الأعمال، معتبرة أن جزءًا منها يجب أن يعود للمجتمعات الأكثر احتياجًا. ولكن حدّة التعليق الأخير كانت لافتة، وغير مسبوقة في خطابها العام.

رد ماسك… جملة واحدة كفيلة بإشعال العاصفة
لم يترك إيلون ماسك، المعروف عمومًا بعدم تجاهل الانتقادات، التعليق دون رد. فبعد أيام قليلة، نشر على منصته X تعليقًا مقتضبًا على منشور يتناول تصريحات إيليش وصورها، واختار الرد على طريقته المعتادة، المزيج بين السخرية والتهكم. كتب ماسك:«هي ليست أذكى من في الساحة.»
هذه الجملة القصيرة كانت كافية لتفجير موجة جديدة من التعليقات، إذ اعتبرها البعض إساءة مباشرة، بينما رأى آخرون أنها مجرد رد ساخر في إطار الجدل المتصاعد. إلا أن الواضح أن ماسك تعمّد التقليل من قيمة تصريحات المغنية، ليضيف طبقة جديدة من التوتر إلى المشهد الذي بدأ بالفعل ينحرف إلى دائرة أكثر حدة.
ثروته الضخمة تحت المجهر مجددًا
المنشور الذي شاركته بيلي إيليش تضمن أيضًا قائمة بالمجالات التي يمكن لماسك، وفق رأيها وآراء المنظمات الحقوقية، أن يساهم فيها بشكل فعال، بدءًا من محاربة الجوع، مرورًا بدعم حماية الأنواع المهددة بالانقراض، وصولًا إلى دعم التكنولوجيا النظيفة. هذه ليست المرة الأولى التي تنتقد فيها إيليش أو غيرها ما تسميه “تراكم الثروة من دون مسؤولية”، فقد صرّحت في مناسبة سابقة خلال حفل جوائز Wall Street Journal قائلة:«إذا كنت مليارديرًا… لماذا أنت ملياردير؟ أعطِ أموالك للناس.»
أما ماسك، فقد واجه انتقادات شبيهة خلال السنوات الماضية، خصوصًا حين تعهّد عام 2021 بالتبرع بجزء من أسهم تسلا شرط أن تتمكن الأمم المتحدة من تقديم خطة واضحة ومفصلة تبيّن كيف يمكن لـ6 مليارات دولار أن تسهم في إنهاء مشكلة الجوع العالمي. ذلك التعهّد اعتبره مؤيدوه دليلًا على استعداده للمشاركة في الحلول، بينما اعتبره منتقدوه محاولة لتحويل الأنظار أو كسب الوقت.
ماسك والسجالات المستمرة مع الشخصيات العامة
ما حدث مع بيلي إيليش ليس حالة منفردة في يوميات إيلون ماسك الرقمية. ففي الأيام الماضية فقط، دخل في سجال آخر مع الكاتبة الشهيرة جويس كارول أوتس، بعدما وصفته بأنها «غير متعلم وغير مثقف». لم يتأخر ماسك في الرد، مهاجمًا إيّاها بوصف قاسٍ:«كاذبة كسولة… ومسيئة للفواصل المنقوطة.»
يتضح من ذلك أن رجل الأعمال الأكثر إثارة للجدل في العالم لا يتجنب الصدامات، بل يخوضها بجرأة وربما يستمتع بها. ومع كل تصريح أو هجوم، تزداد التركيزات الإعلامية على شخصيته وأسلوبه، في حين يستمر متابعوه بالدفاع عنه باعتباره شخصية مختلفة تقف دائمًا خارج الأطر التقليدية.

ثروة تتضخم… وطموح قد يصل إلى التريليون
السجال مع إيليش يأتي في توقيت حساس بالنسبة لماسك، إذ تشير التقارير إلى أن حزمة الرواتب التي حصل عليها من تسلا قد تضعه على مسار ليصبح أول تريليونير في التاريخ، إذا تمكن من تحقيق أهداف الشركة الطموحة. ورغم الانتقادات التي تُوجه له بشأن حجم ثروته، يصر ماسك على أن الابتكار، مثل مشروع الروبوت البشري «أوبتيموس»، قد يكون مفتاحًا لتقليل التكاليف وتوفير حلول تسهم في مواجهة الفقر.
خاتمة: مشهد يتجاوز مجرد خلاف شخصي
لعلّ ما يجعل مثل هذه المواجهات محط اهتمام عالمي ليس مجرد الخلاف بحد ذاته، بل طبيعة أطرافه. بيلي إيليش أيقونة فنية مؤثرة لدى جيل الشباب، وإيلون ماسك أحد أبرز العقول الريادية في العصر الحديث. وبينما يستخدم كل منهما منصات التواصل للتعبير عن آرائه، يتابع الملايين تفاصيل هذا الصراع الذي يعكس صدامًا أكبر بين رؤيتين للعالم: واحدة تطالب بمساءلة أصحاب الثروات الضخمة، وأخرى ترى في الابتكار والاستثمار الطريق الحقيقي للتغيير.
ومهما كانت مواقف المتابعين، يبقى المؤكد أن هذا الاشتباك هو جزء من حوار أكبر حول دور الثروة، والسلطة، والمسؤولية في عالم سريع التحول.

