لبنان – السابعة الاخبارية
فضل شاكر، دخل الفنان اللبناني فضل شاكر منعطفاً قانونياً خطيراً مع تحديد المحكمة العسكرية اللبنانية برئاسة العميد بسام فياض، يوم 25 نوفمبر موعداً لبدء محاكمته في أربع دعاوى مرفوعة ضده من قبل الادعاء العام. هذه القضية ليست عابرة، لأنها تتعلق باتهامات سياسية وأمنية جسيمة، وقد تعيد إشعال النقاش حول دوره في أحداث الماضي وتورطه المزعوم في نشاطات مسلحة.
فضل شاكر بواجه تهم أمام المحكمة
يُجسد ملف فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية جملة من التهم التي تضعه في مواجهة مباشرة مع مفهوم الدولة والقانون. الادعاء العام اللبناني يوجّه إليه أربع تهم رئيسية:
- الانتماء إلى تنظيم مسلح: يتهمه الادعاء بالتورط في تنظيم الشيخ أحمد الأسير، الذي يُعد من الجماعات المسلحة المثيرة للجدل، ما يعكس اتهاماً بأكثر من مجرد دعم، بل الانخراط في هيكلية تنظيم خارجة عن القانون.<
View this post on Instagram/li>
- تمويل التنظيم: يزعم الادعاء أن شاكر لم يكتفِ بالانتماء، بل مول التنظيم ماديًا، وهو ما يُعد جريمة خطيرة، لأنه يعزز قدرات التنظيم على الاستمرار والتوسع.
- حيازة أسلحة غير مرخّصة: تُنسب إليه حيازة أسلحة بطريقة غير قانونية، ما يضعه تحت مجهر الأمن، ويثير تساؤلات عن طبيعة العلاقة بين شخصيات فنية وسياسية من جهة، والجماعات المسلحة من جهة أخرى.

- النيل من سلطة الدولة وهيبتها: وهي تهمة سياسية بامتياز، تشير إلى أن نشاطه مع التنظيم لم يكن مجرد دعم فردي، بل محاولة لتقويض سلطة الدولة، وفق ما يرى الادعاء.
هذه الاتهامات مجتمعة ترسم صورة معقدة لرجل فني ربما أبعد ما يكون عن البياض، لكنها في نفس الوقت تحمل أبعاداً أيديولوجية وأمنية كبيرة، ولها تداعيات ليست فقط على السلامة القانونية لفضل شاكر، بل على موقفه أمام جمهوره والمجتمع اللبناني.
جلسة 25 نوفمبر: بداية المواجهة
من المقرر أن يمثل فضل شاكر في جلسته الأولى أمام قاضي المحكمة العسكرية، تحت رئاسة العميد بسام فياض، برفقة فريق دفاعه الذي تقوده المحامية أماتا مبارك. خلال هذه الجلسة، سيسمع قاضي المحكمة التفاصيل القانونية للتهم المنسوبة إليه، كما سيتلقى فريق الدفاع مرافعاته وتبريراته استناداً إلى المعطيات والوثائق التي جمعها خلال الفترة الماضية.
من المتوقع أن تكون هذه الجلسة حاسمة، لأنها تمهيد لما بعدها: قد تُعرض خلالها وثائق، قد يُدعى شهود، وربما يتم تحديد استراتيجية دفاعية واضحة من جانب المحاماة، تشمل إبراز الأدلة المضادة أو الطعن بصلاحية بعض التهم أو طريقة جمع الأدلة.
كما أن الجولة الأولى قد تشهد مواجهة مباشرة بين فضل شاكر من جهة، والشيخ أحمد الأسير وأفراد مجموعته من جهة أخرى، إذا كان الادعاء يرغب في استجلاء كيفية تمويل شاكر للتنظيم وعلاقته بهؤلاء الأفراد. هذه المواجهة ستكون محورية في قضية تمويل التنظيم، لأنها قد تفضي لمعرفة ما إذا كان هناك دعم مادي ممنهج أم أن الأمر كان محدوداً أو غير رسمي.
خلفية قانونية وسابقة البراءة
من الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها فضل شاكر القضاء العسكري. فقد سبق أن برّأته المحكمة العسكرية في عام 2018 من تهم قتل والقتال ضد الجيش اللبناني، في أحداث شهر يونيو/حزيران من عام 2013. تلك البراءة قُدّرت كمحطة كبيرة في ملفه القانوني، وقد منحته وقتها متنفسًا قانونيًا كبيرًا.
لكن تطور التهم الحالية إلى اتهامات تتعلق بتمويل تنظيم مسلح وحيازة أسلحة، يعني أن القضية اليوم أكبر وأخطر بكثير. براءة سابقة من تهم العنف لا تعني بالضرورة براءة من التهم السياسية أو التمويل، خاصة حين يتعلق الأمر بجماعة مثل مجموعة الشيخ أحمد الأسير.
تسليم النفس والظروف الصحية
قبل فترة ليست ببعيدة، سلم فضل شاكر نفسه طواعية إلى استخبارات الجيش اللبناني يوم 4 أكتوبر عند حاجز الحسبة في مخيم عين الحلوة، جنوب بيروت. هذا التصرف كان بمثابة خطوة كبيرة، تجلّت فيها رغبته في الامتثال للقانون، لكنه في الوقت نفسه يبرز حالة التوتر التي كان يعيشها، والخوف من أي تصعيد.
وخلال الأسابيع التي تلت تسليم نفسه، أدلى شاكر بأقواله أمام السلطات، وبدأ الدفاع في تجهيز أوراقه القانونية للرد على الادعاءات. من جهة أخرى، تعكس خطوة المحامية أماتا مبارك في التوجه نحو طلب إخلاء سبيل مشروط – إذا جرى ذلك – رغبة في التخفيف من الضغوط القانونية، خاصة مع مراعاة وضعه الصحي؛ حيث يعاني شاكر من مرض السكري، ما قد يزيد من تعقيد محاكمته ويؤثر على قدرته على التواجد داخل السجن أو القيود المشددة لفترات طويلة.
أبعاد محاكمة شاكر وتأثيرها
محاكمة فضل شاكر لا تقتصر على كونه فنانًا؛ إنها معركة رمزية بين الدولة والأفراد الذين يُتهمون بدعم الجماعات المسلحة. إذا أدين شاكر، فستكون هذه إشارة قوية من القضاء اللبناني إلى أن أي دعم أو تمويل للتنظيمات المسلحة لن يُغفَر، حتى إذا جاء من شخصيات فنية مشهورة.
من جهة أخرى، يمكن أن تؤثر هذه المحاكمة على صورة شاكر لدى جمهوره، خاصة أولئك الذين يعتبرونه فناناً وطنياً أو صاحب مبادئ قوية. التهم المتعلقة بتمويل جماعة مثل مجموعة الأسير تضيف بعداً جديداً لتاريخه الفني والشخصي، وقد تثير نقاشات واسعة في الوسط الفني والسياسي.
كما أنه من الممكن أن تفتح هذه القضية بابًا لسؤال أوسع: ما هي حدود تدخل الشخصيات الفنية في السياسة أو الصراعات المسلحة؟ وهل يمكن أن يُحاسب فنان على نشاطات سياسية أو أيديولوجية بنفس الصرامة التي يُحاسب بها الناشطون السياسيون؟

ختامًا… نقطة تحول في حياة فضل شاكر
يعيش فضل شاكر اليوم مرحلة فاصلة في حياته: ليس فقط كفنان، بل كشخص يُحاكم أمام القضاء العسكري على اتهامات خطيرة ترتبط بالأمن والتمويل والولاء لجماعة مسلحة. جلسة 25 نوفمبر تمثل بداية المواجهة، لكنها قد تكون أيضاً لحظة تحول — نحو براءة جديدة أو نحو تبعات قانونية كبيرة.
في ظل وضعه الصحي الصعب، والتوترات القانونية، والتطلعات المتناقضة من الجمهور – بعضهم مؤيد وبعضهم ناقد – تبقى هذه المحاكمة اختبارًا قويًا لقدرته على الدفاع عن نفسه، ولعدالة القضاء اللبناني في التعامل مع قضايا تمس صميم الدولة وهيبتها.

ورغم كل ما يحيط به، يبدو أن فجر هذه المعركة لم تزل مشرقة أمامه، وأن الأمل في الخروج منها بنجاح ما زال قائماً، لكنه يعتمد كثيراً على قرارات المحكمة، واستراتيجية دفاعه، ودعم جمهوره.

