القاهرة – السابعة الاخبارية
الملحد، أنهى القضاء المصري واحدًا من أكثر الملفات الفنية إثارة للجدل في الشهور الأخيرة، بإصدار حكم نهائي يؤكد أحقية صناع فيلم الملحد في عرضه، ورفض جميع الدعاوى القضائية التي طالبت بوقفه. الحكم جاء ليحسم نقاشًا طويلًا دار على مواقع التواصل والمنصات الإعلامية، وليضع نقطة نهاية واضحة في قضية تداخل فيها القانون بالفكر والاختلافات المجتمعية.
هذا القرار يُعد انتصارًا لحرية الإبداع في مصر، خصوصًا أن الفيلم كان محط هجوم متواصل منذ الإعلان عنه، رغم حصوله على كل التراخيص القانونية المطلوبة. وفي اللحظة التي صدر فيها الحكم، أصدر الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى—مؤلف الفيلم—رسالة حماسية عبر صفحته قائلاً إن القضاء المصري “أثبت عدالته ووضوحه”.
الملحد… إعلان إبراهيم عيسى بعد الحكم
بمجرد صدور قرار المحكمة، كتب إبراهيم عيسى منشورًا عبر “فيسبوك” عبّر فيه عن فرحته الشديدة بنتيجة الحكم، مؤكدًا أن القضاء المصري “حكم حكمًا ساطعًا وناصعًا” لصالح عرض الفيلم، ورفض جميع الدعاوى التي طالبت بمنعه.
وأشار في منشوره إلى أن “الكلمة الآن في يد أجهزة الدولة التنفيذية” في ما يتعلق بموعد طرح الفيلم بدور العرض.
تصريح عيسى وجد تفاعلًا واسعًا بين المتابعين، خاصة أن القضية تحولت إلى موضوع رأي عام منذ أشهر، وبات الفيلم رمزًا لصراع بين دعاوى تقييد الإبداع ورغبة صناع العمل في تقديم رؤية مختلفة تتناول أسئلة دينية وفكرية بطريقة درامية.

الملحد… تفاصيل حكم القضاء الإداري
الحكم الصادر من الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري جاء قاطعًا برفض الدعوى التي أقامها مرتضى منصور للمطالبة بوقف عرض الفيلم.
اعتمدت المحكمة في قرارها على المادة 67 من الدستور المصري، التي تنص بوضوح على أن النيابة العامة وحدها هي الجهة المخولة بتحريك دعاوى وقف الأعمال الفنية أو مصادرتها.
وبذلك أكدت المحكمة أن أي دعوى فردية مقدمة من أشخاص عاديين لوقف عرض عمل فني غير مقبولة دستوريًا ولا قانونيًا.
كما رفضت المحكمة دعوى ثانية قدمها المحامي هاني سامح، وذلك لعدم وجود قرار إداري واجب الطعن عليه. فقد أثبتت وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة خلال الجلسات أن الفيلم حاصل على ترخيص رسمي من الرقابة على المصنفات الفنية رقم (121) لسنة 2023، وبالتالي فإن إجراءات إنتاجه وعرضه سليمة من الناحية القانونية.
قرار المحكمة جاء بعد جلسات استماع مطوّلة، منها جلسة 8 يوليو التي استدعت فيها هيئة المحكمة ممثلين عن وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة لإبداء الرأي الفني والفكري حول العمل.
الملحد… الجدل الفكري والاعتراضات على الفيلم
لم يتوقف الجدل حول الفيلم عند حدود القضاء، بل امتد إلى نقاشات فكرية واسعة.
المحامي هاني سامح—رغم رفض المحكمة لدعوته—أوضح في مرافعته أن الدعاوى المرفوعة ضد الفيلم تمثل “انتكاسة خطيرة” لمبادئ الدستور المتعلقة بحرية الإبداع، مشيرًا إلى أن القانون رقم 430 لسنة 1955 ينظّم عملية الترخيص للأعمال الفنية، وأن صناع الفيلم التزموا تمامًا بكل الإجراءات.
كما حذر من السماح لأي فرد بالتقدم بدعوى لوقف أي فيلم، معتبراً أن ذلك يفتح الباب لـ“وصاية فكرية” على الإبداع، ويعيد البلاد إلى مناخ التضييق الذي طال أعمالًا سينمائية شهيرة في العقود الماضية، مثل “المصير” و“طيور الظلام” و“الإرهابي”.
على الجانب الآخر، رأى بعض المعارضين أن الفيلم يناقش موضوعات حساسة تتطلب مراجعة أوسع، لكن الحكم القضائي جاء ليؤكد أن المسألة ليست في محتوى الفيلم بقدر ما هي في حق صناع العمل في التعبير ضمن الإطار القانوني الذي يحمي الإبداع.
الملحد… حسم نهائي من القضاء المصري
بصدور الحكم، أسدل القضاء المصري الستار على أشهر المعارك القانونية المتعلقة بفيلم خلال السنوات الأخيرة.
المحكمة أوضحت في حكمها أن أي دعوى فردية—بما في ذلك المرفوعة من مرتضى منصور—لا تملك صفة لطلب وقف عرض الفيلم. فالقانون والدستور واضحان في أن الجهة الوحيدة المخولة بالتدخل في الأعمال الفنية هي النيابة العامة، وليس الأفراد أو المحامين أو حتى المؤسسات غير المختصة.
كما شددت المحكمة على أن الترخيص الرسمي الصادر من الرقابة على المصنفات الفنية سليم ونافذ، وهو وحده المستند القانوني الذي يُعتد به في السماح أو منع عرض أي عمل فني.

بهذا يصبح الفيلم جاهزًا للعرض العام دون أي عوائق قضائية، بينما يبقى القرار التنفيذي من اختصاص الجهات التنظيمية المختصة في الدولة.
الملحد… ما بعد الحكم: مستقبل عرض الفيلم وتأثيره
من المتوقع أن يشهد الفيلم موجة جديدة من الاهتمام بعد صدور الحكم، إذ يرى البعض أن الضجة القانونية قد ساهمت في زيادة فضول الجمهور. كما يتوقع أن يناقش العمل قضايا فكرية ودينية شائكة، مما يزيد احتمالات الجدل عند عرضه رسميًا.
إصدار هذا الحكم يرسل رسالة واضحة بأن المؤسسات القضائية المصرية تقف مع حرية الإبداع والفن، وتؤكد أن الاختلاف الفكري لا يُعالج بالدعاوى القضائية، بل بالحوار والنقاش والنقد.
