أمريكا – السابعة الاخبارية
الساعة، حطّمت الساعة الجيب الذهبية النادرة، تعود لإيسيدور ستراوس أحد أبرز ركاب الدرجة الأولى على متن السفينة الأسطورية تيتانيك، رقمًا قياسيًا مدهشًا في أحد المزادات الشهيرة، لتكتب فصلًا جديدًا في رحلة التذكارات المرتبطة بأشهر كارثة بحرية في القرن العشرين.
الساعة، المصنوعة من ذهب عيار 18 قيراط لطراز “جول جيرغنسن”، بيعت مقابل 2.34 مليون دولار، لتصبح أغلى قطعة مرتبطة بالحادثة يتم بيعها في مزاد عام.
هذه القيمة الهائلة تعكس ليس فقط ندرتها، بل القصة الإنسانية المؤثرة التي ارتبطت بصاحبها، والتي طالما كانت من أكثر روايات تيتانيك قربًا لقلوب الجمهور.
الساعة الذهبية… رحلة ممتدة من 1888 إلى أضواء المزادات
الساعة لم تكن مجرد قطعة فاخرة، بل كانت هدية ثمينة قُدمت لإيسيدور ستراوس في عيد ميلاده الثالث والأربعين عام 1888، قبل أكثر من عقدين من صعوده على متن تيتانيك مع زوجته إيدا.
وبعد غرق السفينة في 15 أبريل 1912، استُعيدت الساعة من مياه المحيط، لتعود إلى أسرة ستراوس التي احتفظت بها بوصفها إرثًا شخصيًا يحمل أعمق الذكريات.

على مدار أكثر من 100 عام، ظلت الساعة في حوزة العائلة، قبل أن يتم عرضها في مزاد دار “هنري ألدردج آند سون” في إنجلترا، وهو المزاد الأشهر عالميًا في بيع مقتنيات تيتانيك.
وكانت المفاجأة أن السعر لم يقف عند حدود التوقعات، بل قفز إلى 1.78 مليون جنيه إسترليني—أي ما يعادل 2.34 مليون دولار—ليتجاوز كل الأرقام القياسية السابقة في سوق تذكارات تيتانيك.
الساعة التي تحمل قصة حب خالدة… إيسيدور وإيدا ستراوس
تعود قيمة الساعة الحقيقة إلى القصة المؤثرة التي ارتبطت بصاحبها وزوجته.
إيسيدور ستراوس لم يكن مجرد رجل أعمال بارز وشريك في متجر “مايسيز” الشهير، بل كان أيضًا جزءًا من أكثر اللحظات إنسانية وخلودًا في كارثة تيتانيك.
عندما صدر أمر للنساء والأطفال بالصعود إلى قوارب النجاة، رُفض إيسيدور ركوب أحدها احترامًا للرجال الآخرين الذين ما زالوا ينتظرون دورهم.
زوجته إيدا، التي منحتها القوانين وقتها أولوية النجاة، رفضت أن تتركه، وقالت عبارتها الشهيرة:
“لقد عشنا معًا سنوات طويلة، ولن نفترق الآن.”
شوهد الزوجان آخر مرة على سطح السفينة، متشابكي الأيدي، في لحظة مؤثرة جسّدتها لاحقًا أفلام ومسلسلات تناولت غرق تيتانيك.
هذه القصة جعلت كل ما يعود للزوجين—بما في ذلك الساعة—يحمل قيمة إنسانية عميقة تتجاوز كونها مجرد قطعة أثرية.
الساعة التي كسرت حاجز المليونين… مزاد يصنع تاريخًا جديدًا
بيع الساعة بهذا الرقم الضخم لم يكن حدثًا عابرًا في عالم المزادات.
فحتى وقت قريب، كان الرقم القياسي الأعلى لتذكار من تيتانيك هو ساعة جيب ذهبية أخرى تعود لقائد أحد قوارب النجاة الذي أنقذ أكثر من 700 راكب، وبيعت بمبلغ 2.05 مليون دولار.
لكن ساعة إيسيدور ستراوس تجاوزت هذا الرقم بفارق كبير، لتتربع على قمة أغلى التذكارات المرتبطة بالكارثة.
هذا الإنجاز يعكس مدى القوة العاطفية التي تحملها مقتنيات تيتانيك، والتي لا تزال حتى اليوم قادرة على تحريك شغف هواة الاقتناء حول العالم، رغم مرور أكثر من 112 عامًا على الغرق.
الساعة التي فتحت الباب لسباق جديد… رسائل ومقتنيات أخرى
إلى جانب الساعة الذهبية، شهد المزاد بيع رسالة كتبتها إيدا ستراوس على أوراق رسمية من السفينة بمبلغ 100 ألف جنيه إسترليني—أي حوالي 131 ألف دولار.
الرسالة أضافت بعدًا جديدًا لاهتمام المقتنين بالتذكارات التي ترتبط مباشرة بركّاب تيتانيك، خصوصًا أولئك الذين ارتبطت قصصهم بلمسات إنسانية عميقة.
هذه المبيعات تؤكد أن سوق مقتنيات تيتانيك يشهد ازدهارًا مستمرًا، وأن كل قطعة تحمل قصة فريدة يمكن أن تصبح “كنزًا” في عالم المزادات.

الساعة التي لا تُقدّر بثمن… لماذا كل هذا السعر؟
قد يسأل البعض:
لماذا ساعة جيب، مهما كانت فاخرة، قد تصل قيمتها إلى أكثر من مليوني دولار؟
الجواب لا يتعلق بالذهب وحده، ولا بالعلامة السويسرية الفاخرة التي صنعتها، بل بعدة عوامل متضافرة:
1. قصة إنسانية استثنائية:
مشهد الزوجين ستراوس وهما يرفضان الانفصال يوم الغرق، واحد من أشهر وأكثر اللحظات تأثيرًا في تاريخ الكارثة.
2. الندرة المطلقة:
عدد مقتنيات تيتانيك المستخرجة والقابلة للبيع محدود للغاية، والقطع الشخصية الراقية شبه معدومة.
3. ارتباطها بشخصية مهمة:
إيسيدور ستراوس كان شخصية عالمية، ورجل أعمال مؤثر، وعضوًا في الكونغرس الأميركي سابقًا.
4. حالة الساعة المميزة:
رغم غرقها في البحر، فإن إعادة ترميمها والحفاظ عليها جعلها قطعة فريدة ومذهلة.
5. القيمة التاريخية:
أي شيء مرتبط بتيتانيك يحمل بريقًا خاصًا لا يشبه أي حدث آخر في التاريخ الحديث.
الساعة التي روّت حكاية الغرق… إرث خالد لا يموت
بعد أكثر من قرن على غرق تيتانيك، ما زالت قصص الركاب ومقتنياتهم تعود لتتصدر العناوين والاهتمام.
وساعة إيسيدور ستراوس ليست مجرد قطعة فنية أو تذكارية، بل رمز لعاطفة نادرة، وذكرى لزوجين اختارا أن يرحلا معًا بدلاً من أن يفترقا.
بيع الساعة بهذا الرقم القياسي يؤكد أن الزمن قد يمر، لكن بعض القصص—وخاصة تلك التي تُروى بماء الحب والوفاء—تبقى خالدة مهما طال الوقت.
